النشاط الاقتصادي داخل الأقبية.. فرص عمل غير محمية بالقوانين
دمشق _ البعث الأسبوعية
انتشرت الكثير من الاعمال في الاقبية بشكل غير قانوني على نطاق واسع في ظل اقتصاد مبعثر ومنفصل مناطقياً بدرجات متفاوتة بسبب محدودية فرص العمل التي يمكن توفيرها لتأمين متطلبات العيش.
وطبعاً أهمية هذا الموضوع دفعتنا لطرح تساؤلات عديدة وجهناها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعديد من الباحثين الاقتصادين الذين أكدوا ان مشكلة عمل الاقبية والتي تعتبر شكلا هاما من اشكال اقتصاد الظل انها لاتخضع للأنظمة والقوانين فالعاملين فيها غير مسجلين لدى مؤسسات التأمينات الاجتماعية فمعظم تلك الوحدات الإنتاجية غير المسجلة لدى الأجهزة الحكومية المختصة وبالتالي يبقى إنتاجها خارج الحسابات الاقتصادية للناتج والدخل القومي وخارج الإحصائيات الرسمية للدولة ، النقطة الأهم هي أن وحدات إنتاج السلع والخدمات التي تعمل في اقتصاد الظل بكل أشكاله لا تدفع الضرائب وفي نفس الوقت تستفيد من كل الخدمات العامة التي تقدمها الدولة.
وأشاروا إلى أن العديد من المعامل والمصانع عملت بشكل رسمي وخضعت للقوانين والأنظمة ودفعت الرسوم والضرائب مقابل الخدمات العامة ، مما سبب فجوة حقيقة بين سعر السلع المنتجة لتلك المصانع والسلع التي انتجتها الأقبية ويرون أن المنافسة بين الطرفان اصبحت غير عادلة فاقتصاد الظل المتمثل بالأقبية اصبح أقل تكلفة وبالتالي فان المنافسة بينها وبين الاقتصاد الرسمي غير عادلة وغير منصفة فوحدات الاقتصاد الرسمي اصبحت غير قادرة على منافسة وحدات اقتصاد الظل حيث نفقات عناصر الإنتاج أقل في اقتصاد الظل وهذا يعطيها ميزة تنافسيه وبالتالي تتحول الموارد من الأنشطة التي تعمل بكفاءة وتلتزم بالمعايير المواصفات القياسية والصحية وتدفع ضرائب إلى الأنشطة الأقل كفاءة امام المنتجات التي لا تدفع ضرائب ولا تلتزم بأية معايير ، وبينوا أن الاثر الاخطر هنا هو دفع وحدات الاقتصاد الرسمي باتجاه اقتصاد الظل كي يصبح منافساً ، بالإضافة إلى أن معظم الأموال الناجمة عن نشاطات اقتصاد الظل غير المشروعة يتم تهريبها خارج القطر مما يؤثر سلباً عى ميزان المدفوعات وعلى سعر الصرف وعلى مصادر تمويل الاستثمارات.
يشوه اقتصاد الظل السياسات والبرامج الاقتصادية حيث يصعب اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة لتخصيص الموارد وكذلك القرارات الاقتصادية الفعالة والمؤثرة وإصدار التشريعات المناسبة عندما يكون حجم اقتصاد الظل كبيراً ، وهنا يوضح هؤلاء الباحثين انه عندما يكون حجم اقتصاد الظل كبيراً ونسبته مرتفعة تكون الإحصائيات والبيانات والمعلومات الرسمية غير دقيقه بل ومضللة ،حيث تكون قيم الناتج والدخل والاستهلاك ومعدلات البطالة والتشغيل وغيرها غير صحيحة اذ لا يتم حساب العاملين في وحدات اقتصاد الظل ضمن أعداد المشتغلون في الاقتصاد وبالتالي فان معدلات البطالة تظهر مرتفعة ، كما يتسبب اقتصاد الظل ” الاقبية ” بانخفاض درجة مصداقية كل المؤشرات والمتغيرات الاقتصادية ولا يمكن الاعتماد عليها في وضع السياسات والبرامج التنموية ،مما يؤثر سلباً على القرارات وعلى فعالية السياسات المتعلقة بالنمو والسياسة المالية “الإنفاق العام ” و السياسة الضريبية و النقدية وسياسة التشغيل والبطالة و معالجة التضخم وإعادة توزيع الدخل القومي.
يرى البعض ان لاقتصاد الظل بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية الإيجابية التي تتمثل بامتصاص جزء من قوة العمل وبالتالي المساهمة في تخفيف حدة البطالة ، وبحسب الباحث شامل بدرا فان عمل الاقبية يخلق فرصة امام بعض شرائح المجتمع لزيادة دخلهم ،ويرى بدرا ان اقتصاد الظل أكثر مرونة على التكيف مع الأزمات والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة وأكثر ديناميكية على تجنب الإجراءات التنظيمية وأكثر قدرة على الاستجابة للتغيرات في الاقتصاد مقارنة بالاقتصاد الرسمي ، لأنه يشكل عامل امتصاص وتخفيف للاحتقان في فترات الانكماش والأزمات الاقتصادية والحروب ، كما يوفر اقتصاد الظل الكثير من السلع والخدمات التي تلبي احتياجات المجتمعات المحلية والتي قد لا يوفرها الاقتصاد الرسمي أو قد تكون أسعارها مرتفعه.
يعتبر اقتصاد الظل ظاهرة عالمية متعددة الأبعاد اقتصادية ،اجتماعية ،سياسية ، قانونية وغير ذلك ورغم ان هذا النوع من الاقتصاد يستفيد من أغلب الخدمات والسلع العامة التي تقدمها الدولة دون أن تدفع منشآته شيئاً إلا انه لا يعمل بشكل منفصل عن الاقتصاد الرسمي بل ترتبط نشاطه بشكل وثيق مع نشاطات الاقتصاد الرسمي وبالرغم من ذلك تبقى سلبياته اكثر سوءا وضررا للمجتمع ، وفي واقعنا المحلي فإننا لايمكننا الاعتماد على اقتصاد الظل ” الأقبية ” في مرحلة تنموية اقتصادية تستوجب الكثير من الدقة والحذر والابتعاد عن الرهانات الخاسرة ، وأصبح من الضروري العمل تحت سقف القانون وابتعاد منتجاتنا عن الظل لتبصر النور من جديد وتعمل ضمن معايير ومواصفات تنافس بها أمام المنتجات الأخرى.