مجلة البعث الأسبوعية

يفتح مجالاً للغش والتلاعب دون أي رادع! التسويق الالكتروني عبر مواقع التواصل بانتظار قوانين تضبطه!

البعث الأسبوعية – ميس بركات

لا يتوقف على سلعة محددة ولا على صنف معين، بل طغى على جميع أنواع الخدمات والسلع التي يمكن للمرء أن يحتاجها سواء المحلي أو المستورد أو حتى المهرب، إذ استحوذ التسوق الالكتروني على عالمنا دون استئذان كباقي الثقافات الغربية والغريبة عن مجتمعنا ليحل محل التسوق والتجوال في الأسواق للبحث عن ما يريده المرء ضارباً بعرض الحائط وجود ضوابط أخلاقية وقانونية في تلك الدول لممارسة هذا العمل في حين لازال يحق لأي شخص قادر على إدارة صفحة وهمية أو حقيقية العمل كتاجر الكتروني في بلدنا.

تشويه المنتج

وعلى الرغم من وقوع الكثيرين ضحايا لعمليات نصب واحتيال في هذا النوع من التسوق إلّا أن “استسهال” عملية البحث عن السلع ببضع “كبسات” على صفحات التواصل الاجتماعي كفيلاً بالاستغناء عن الغرق في “عجقة” المواصلات وهدر ساعات من الوقت في البحث بالمحال عن الغرض المطلوب وإن كان الثمن في الكثير من الأحيان الوقوع كفريسة في فخ صفحات تسوق وهمية أو حتى شراء السلعة ووصولها إلى أبواب منازلهم لكن بمواصفات وجودة غير المعروضة على هذه الصفحات الأمر الذي لم ينفه الكثيرين من رواد التسوق الالكتروني من خلال اضطرارهم لشراء المنتج الذي طلبوه لكن بصورة مشوّهة عن طريق برامج الحاسوب الذي يقوم بتجميلها وإضفاء مؤثرات تجعل صورة المنتج تبدو بأبهى حلة لكي تجذب المستهلك إلى شرائها، إضافة إلى قيام البعض من الشباب بانتحال صفة السيدات بأسماء وهمية كي يتحدثوا مع الفتيات لمجرد تمضية الوقت وهذا ما أفقد البعض الثقة بالتسوق الالكتروني.

سوق الكتروني

ومن يتجول بين ثنايا هذه الصفحات يجد أن أغلب الألبسة والأحذية المعروضة غير محلية الصنع تحمل ماركات أجنبية من بلدان مختلفة، ولعلّ اللافت للانتباه وصولها للبلد بشكل غير نظامي لأصحاب هذه المواقع التي تستعرض أسبوعياً تشكيلات حديثة وصلتها “تازة” من الخارج، الأمر الذي أفقد صناعتنا المحلية تألقها وشغف البحث عنها خاصّة وأن أسعار الألبسة المحلية يوازي أو يفوق في بعض الأحيان سعر نظيرتها الخارجية نتيجة ارتفاع سعر التكلفة على المصنع وبالتالي كسادها محلياً وعدم قدرتها على المنافسة في الخارج!.

غش وتلاعب

لا يستغرب بشار شحادة “تاجر مبيع الكتروني” غزو صفحات التسويق الإلكتروني خلال العامين الأخيرين بشكل كبير نظراً لتوجه العالم أجمع للتكنولوجيا والبحث عن الراحة في دفع الفواتير والتسوق وغيرها من الأعباء التي تكلف جهداً ووقتاً، ليتيح الانترنت مجالات وتشكيلات وهائلة أمام المستهلك تخفف عنه عبء التنقل مع فارق ضئيل بالسعر “أجرة التوصيل”، ولم ينفِ شحادة وجود نسبة غش وتلاعب في عمليات البيع إلاّ أنها لا تتجاوز الـ 20% عن مجمل الصفحات، إذ يبحث اليوم التاجر الالكتروني عن المصداقية بغية كسب الزبائن وبالتالي التوسّع في عمله، لافتاً إلى قيام الكثيرين اليوم بإدارة أكثر من صفحة للبيع الالكتروني تشمل البضائع المستعملة “ثياب وأثاث منزلي” وصفحات لبضائع جديدة وباتت أسماء القائمين عليها معروفة في السوق الالكتروني، وأوضح شحادة أن السنوات القادمة ستلغي التاجر العادي وسنشهد انعدام رواد الأسواق المفتوحة التي ستتحول عاجلاً أم آجلاً لأسواق الكترونية شئنا أم أبينا.

العزف على المشاعر

ولأن أكثر من 80% من رواد التسوق بشكل عام والالكتروني بشكل خاص من فئة الإناث فقد حظي التسوق الالكتروني مُتخماً بعيوبه بإقبال مخيف خلال السنوات الأخيرة من قبل هذه الفئة لاسيّما ومن وجهة نظر الباحثة الاجتماعية” غيداء المهنا” أن هذه الشريحة تعاني من ضيق الوقت بين الأعباء الوظيفية والمنزلية لذا فقد وجدت أكثر من 60% من هذه الشريحة النسائية ضالتها في هذا النوع من التسوق كونه وسيلة سريعة وسهلة وتفتح خيارات أكبر أمامها، ولم تنف المهنا أن مواكبة التكنولوجية بات أمراً مفروضاً علينا فهو ليس خياراً أمام الزخم المرتفع الذي يدخل إلى حياتنا يوماً تلو الآخر، إلّا أن القائمين على هذا النوع من النشاط التجاري يستخدمون أساليب ووسائل منمّقة وجذابة تعتمد على لغة البصر واللعب على الصورة وألوانها من جهة، ومشاعر المتلقي من جهة أخرى وصولاً للهدف المطلوب، وتحدثت المهنا عن إيجابية هذا النوع فيما لو تم توظيفه بشكله الصحي الصحيح أما ما يتم اليوم فهو لا يخرج من دائرة الفوضى والغش والتلاعب في الكثير من الأحيان، ناهيك عن التأثير السلبي لحركة الأسواق القائمة منذ زمن في ظل غياب قوانين تنظم عمليات البيع والشراء عبر الانترنت بأقل خسائر ممكنة على حركة هذه الأسواق.

سن قوانين

لا شك أن التسوق الالكتروني نجح بالاستحواذ على مستهلكين كُثر إلّا أن التشكيك بمصداقية الكثير من القائمين عليه لا زال يستحوذ أيضاً على شريحة لا بأس بها لاسيّما مع عدم وجود جهة رسمية تشرف على عمله، الأمر الذي يفتح مجالاً للغش والتلاعب دون أي رادع، فالقانون هنا لا يحمي هذه الشريحة التي وافقت على الشراء عبر الشاشة دون أي ضمان حقيقي لاسترجاع حقها في حال خالفت السلعة الصورة المُقدمة عبر الانترنت الذي هو الآخر لا زالت جودته أدنى بكثير من الاعتماد عليه للترويج في بلدنا، الأمر الذي يتطلب أخذ هذا النوع من التسوق على محمل الشك وعدم ترك المستهلكين عرضة لعمليات النصب وسط تخبط وفوضى هذا السوق، وهذا الأمر يستدعي سنّ قوانين وأنظمة لهذا النوع من التسويق، إضافة إلى تعاون الوزارات المسؤولة “صناعة واقتصاد واتصالات..” للاهتمام بهذا التسويق وتوفير مستلزماته بحيث يكون رافداً حقيقي للاقتصاد الوطني لا عامل جذب وإحلال للبضائع المستوردة بدلاً من الوطنية!.