تحقيقاتصحيفة البعث

وسط مطالب مشروعة للفلاحين.. وزير الزراعة لـ”البعث”: دعم المحروقات من أولوياتنا ونحرص على تحديد السعر الحقيقي والعادل للمواسم

لا شكّ في أننا نعوّل كثيراً على القطاع الزراعي في الحفاظ على أمننا الغذائي، وتكثيف المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية، ولكن في الوقت نفسه فإن معاناة الفلاح تتفاقم في العديد من النواحي المتعلقة بمستلزمات الإنتاج وتوزيعها، والتخطيط من قبل وزارة الزراعة للحفاظ على المواسم الإستراتيجية بجميع الوسائل الممكنة والمتاحة.

إشارات استفهام؟
فخلال لقاء “البعث” مع عدد من الفلاحين ضمن قطاعات مختلفة للوقوف على واقع احتياجاتهم للحصول على موسم زراعي جيد، يضمن ربحهم واستمرارهم ضمن العملية الزراعية، تمحورت أغلب ملاحظاتهم حول وجود شكوك ومخاوف من عملية أتمتة المحروقات وما يكتنفها من صعوبة وبطء، بالإضافة إلى مطالبهم بدعم حقيقي من وزارة الزراعة لبعض محاصيل بدائل المستوردات وتسويقها كالمحاصيل العلفية والشوندر السكري، وعدد من المنتجات الأخرى، وكان واضحاً في أحاديث الفلاحين كثرة إشارات الاستفهام حول سبب تبني الوزارة لسعر تأشيري مع معرفتها بأنه سيتغيّر في اللحظات الأخيرة، وبشكل يؤدي إلى يأس الفلاح واضطراره لبيع الموسم للتجار قبل صدور السعر الحقيقي خوفاً من عدم حصوله على سعر جيد يحقق له الربح!.

من جانب آخر تساءل عدد من المختصين عن خطط وزارة الزراعة في تنشيط المؤسّسات البحثية لتأمين السماد الطبيعي وغيره من اللوازم العضوية التي تخفّف من الاعتماد على المواد الكيميائية من جهة، وتوفر التكاليف والقطع الأجنبي من جهةٍ ثانية.

على طاولة الوزير
ما سبق من هواجس وصعوبات يعاني منها الفلاحون كان محور حديث “البعث” مع وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا، فكان حديثه واضحاً كشف فيه عن الكثير من الأمور التي تهمّ القطاع الزراعي، ففيما يتعلق بموضوع التسعير بيّن الوزير أن الوزارة في الموسم الماضي قامت بإصدار التسعير بوقت مبكر، لكن تمّ تعديله تماشياً مع ارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج، بما يضمن هامش الربح الجيد للفلاح مع تخصيص مكافآت تسليم، مضيفاً: الآن وضعنا سعراً تأشيرياً للقمح بقيمة /4200/ ليرة وهو مناسب لتكاليف زراعته في ظروفنا الحالية ووفق الأسعار المحدّدة للسماد والمحروقات الموزعة من قبل الوزارة، مؤكداً أنه عند موسم الحصاد سيتمّ لحظ أي تغيّر في التكاليف على هذا السعر وإعادة تحديد السعر الحقيقي.

تحقيق العدالة
وحول شكوى الفلاحين والمزارعين من صعوبة تأمين المستلزمات الزراعية، فضلاً عن غلائها، قال وزير الزراعة: نأمل في كلّ موسم أن نتمكن من تأمين المستلزمات الزراعية بشكل عادل ومريح لكل الفلاحين، لأن تأمين مستلزمات الإنتاج هو أحد أهم عوامل نجاح الخطة الزراعية، ولاسيما موضوع المحروقات، نظراً لأهميته الأساسية في تحريك الآليات الزراعية المختلفة للقيام بالعمليات الزراعية والري. وفيما يخصّ أتمتة المحروقات، بيّن الوزير قطنا أن الحكومة بدأت منذ عدّة سنوات بأتمتة المحروقات بهدف تحقيق العدالة في توزيعها على المستحقين، خاصةً وأن الكثير من المواطنين لم تصلهم مستحقاتهم في فترات سابقة، لكن بعد أتمتة المحروقات سواء في القطاع المنزلي أو في قطاع النقل فإن التوزيع أصبح أكثر عدالةً، رغم وجود بعض الفجوات، مشيراً إلى الانتقال إلى المرحلة الأخيرة في موضوع أتمتة المحروقات لتشمل القطاع الزراعي، وفقاً للمخططات التي ترد إلى المحافظات.

البطاقة الكرتونية
ولفت وزير الزراعة إلى أنه في العام الماضي تمّ اعتماد “البطاقة الكرتونية” التي تشتمل على عدّة بيانات تمهيداً لأتمتة المازوت، مؤكداً أن الآلية كانت ناجحة جداً لأن الكثير من الفلاحين لم تكن تصلهم مخصّصاتهم من المحروقات في السنوات التي سبقت ذلك، والآن –والكلام للسيد الوزير- بعد التنسيق على مستوى عالٍ مع وزارة النفط تمّ إعداد خطة عمل متكاملة بدأت بتحديد المخصّصات، وتمّ تفعيل قاعدة البيانات والبدء بتوزيع المازوت الزراعي على البطاقة العائلية المؤتمتة منذ بداية الشهر الحالي، موضحاً أنه يتمّ حالياً توزيع الدفعات كاملة للمساحات التي ستتمّ زراعتها ضمن خطة المحاصيل الشتوية لاستكمال عمليات الفلاحة، وفي الأشهر القادمة وخلال مرحلة الري وبعد التحقق من زراعة الأراضي بشكل فعلي سيتمّ منح الزراعات المروية على الآبار والأنهار والينابيع مخصّصات مازوت للري الزراعي، كما سيتمّ توزيع المازوت اللازم للأشجار المثمرة والزراعات المحمية، وعند الحصاد بالتأكيد ستوزّع دفعة جديدة من المازوت الزراعي لكامل المساحات المزورعة “بعل- ري”، وبذلك تكون الوزارة قد حققت الغاية من أتمتة المازوت الزراعي. ولم يخفِ الوزير قطنا حدوث بعض الإشكاليات خلال عمليات التوزيع على اعتبار أن هذا العام الأول الذي تمّ فيه تبني أتمتة المحروقات الزراعية، مشدداً على ضرورة الإسراع في تجاوز جميع الثغرات في المواسم القادمة.
ولفت الوزير قطنا إلى وجود لجان على المستوى المركزي في وزارة النفط “لجنة عليا” بالإضافة إلى لجان فرعية فنية في المحافظات، وجميعها تعمل لإنجاح هذه الخطة ومعالجة المشكلات في حينها، وذكر أن هناك قائمة محدّدة لأنواع الزراعات التي سيتمّ توزيع المازوت الزراعي عليها بالسعر المدعوم /2000/ ليرة لليتر، وفي حال رغبة الفلاح بالحصول على كميات إضافية، فيمكنه التقدّم بطلب إلى مديرية الزراعة التابع لها للحصول على المازوت وبالسعر المدعوم من خارج البطاقة والبالغ “8000” ليرة، وهو وإن كان مرتفعاً إلا أنه أقل من السعر الحر الذي يتجاوز الـ13 ألف ليرة.

نباتات استوائية
وأشار الوزير قطنا إلى أن المنطقة الساحلية تميل نحو زراعة النباتات الاستوائية، كالأفوكادو والموز، وأن الوزارة تشجعها دون الزراعات الأخرى لأنها قد توقع الفلاح في إشكاليات لناحية التسويق لجهة عدم تحقيقها للمواصفات المطلوبة، أو عدم مقاومتها للعوامل البيئية السائدة في منطقتنا كالرياح وانخفاض درجات الحرارة، مبيناً أن الإنتاج ارتفع هذا العام إلى أكثر من 5500 طن من الموز، في حين يقدّر احتياجنا من المادة بـ40– 50 ألف طن سنوياً.

نجاح زراعة الذرة
وبخصوص المحاصيل العلفية، أكد وزير الزراعة أن الوزارة ومنذ عامين بدأت باعتماد موضوع التوسّع في زراعة المحاصيل العلفية “الذرة– فول الصويا”، وذلك لتخفيف الحاجة إلى استيراد المواد العلفية وتخفيف الهدر في مبالغ القطع الأجنبي، مبيناً أنه تمّ التمكن من رفع كميات الإنتاج من الذرة الصفراء إلى 540 ألف طن، وهي تشكل 40% من احتياج القطر للمادة.
أما ما يتعلّق بموضوع الشوندر السكري، فقد أشار الوزير قطنا إلى أن المساحات المزورعة كانت قليلة، لكن الفلاحين توجهوا نحو زراعة محاصيل أخرى في منطقة الغاب القريبة من معمل سكر سلحب لكونها تحقق عوائد اقتصادية أكبر من الشوندر، كما أن المعمل ونتيجة تضرّره خلال الحرب لم يكن على المستوى المطلوب من الكفاءة نظراً لترميمه جزئياً، وبالتالي توقفت زراعته في المنطقة، إلا أنها استمرت في مناطق أخرى، فمثلاً هذا العام سيتمّ زراعة 5000 هكتار من الشوندر في حلب، في محيط معمل سكر مسكنة.

أبحاث متنوعة ومعتمدة
وحول أهمية البحث العلمي الزراعي ودوره في تحسين الزراعات ونوعية إنتاجها، أكد وزير الزراعة أن الوزارة توليه أهمية كبيرة، مشيراً إلى وجود أبحاث متقدّمة تتعلق بالاعتماد على مواد عضوية تخفف من الاعتماد على المواد المستوردة التي تستهلك مبلغاً كبيراً من القطع الأجنبي، كما تحدّ من أثر الكيميائيات وضررها على الإنسان والحيوان والتربة والمياه، ما يعزّز ضرورة ترشيد استخدامها والاعتماد على بدائل طبيعية لها، وبين الوزير أنه توجد عدة أبحاث في مجال إدارة الآفات الزراعية عبر اعتماد مبدأ الإدارة المتكاملة، ما خفض من استخدام المبيدات الحشرية الكيميائية بشكل كبير، وتمّ بنجاح إنتاج العديد من الأعداء الحيوية المتوفرة في المراكز الحيوية التابعة للوزارة.
وبخصوص موضوع الأسمدة، لفت وزير الزراعة إلى وجود تجارب ناجحة في مراكز البحوث العلمية الزراعية بخصوص الاعتماد على الأسمدة العضوية أو النباتية وتعزيز استخدامها كبديل للسماد الكيميائي، الذي أصبح يباع بأسعار عالية كونها مستوردة، سواء بشكل كامل أو كمواد أولية لصناعة الأسمدة، مشيراً إلى اعتماد سماد الفيرمي كومبست “سماد الدود” بمواصفات قياسية له من قبل الوزارة، حيث تمّ إصدار دليل إرشادي للفلاحين لطريقة إنتاجه بشكل شخصي في مزارعهم، مشيراً إلى وجود العديد من الشركات أو المزارع التي امتهنت إنتاج هذا السماد وبيعه للفلاحين في مختلف المحافظات.

زينب محسن سلوم