مجلة البعث الأسبوعية

تسارع الغلاء؟

بشير فرزان 

ما نشهده في المشهد المعيشي من تسارع في ضربات الأزمات المتتالية وتدفق التحديات المختلفة على حياة الناس، يتطابق مع المزيد من التوقعات المتعلقة باقتراب موجة جديدة من الغلاء التي ستطال الكثير من المواد الأولية، حيث تدل  مؤشرات الأسواق المحلية على خلل في المعادلة التسويقية التي يقل فيها العرض ويتعاظم الطلب على الكثير من المواد غير المتوفرة، وبما يزيد من حجم  وشدة المواجهة بين الأداء الوزاري، والمستجدات التي تحتاج إلى توحيد الجهود وتسريع وتيرة الإجراءات والقرارات المتخذة على جبهة الحلول بمختلف مناحيها واتجاهاتها.

وقد يكون لتقلص وانكماش الأنشطة الإنتاجية المتمثل بتراجعات حادة في كل القطاعات الدور الأكبر في توجيه الدفة الاقتصادية نحو الاعتماد أكثر فأكثر على الاستيراد، إلا أن ذلك لا يعني إعفاء المخطط الاقتصادي بكل أفكاره الاستشارية من مسؤولية الخلل الحاصل في بنية وهيكلة الاقتصاد بعد سلسلة طويلة من القرارات غير المتوائمة مع متطلبات الواقع الجديد، وهذا ما يعني بوجهه الآخر تراجع مستوى المعيشة ونوعية الحياة وخاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة والشرائح الهشة، فحالة الغلاء الدائمة والمتصاعدة التي تعيشها الأسواق وضعف الرقابة وفوضى التسعير (وانتشار الغش وتدني نوعية المنتجات) وسطوة احتكار القلة وعدم القدرة على رسم خارطة الدعم وإغراق السياسة النقدية في متوالية التصدير والاستيراد والتخبط في تحديد الموارد وحصرها في الجانب الضريبي، دفع بعجلة الواقع الاقتصادي والحياتي إلى هاوية الفشل المعيشي.

لاشك أن الواقع الحالي بكل تحدياته يفرض حالة من التكامل في العمل وعدم التهاون في مسار المعالجات، وهنا نركز على حقيقة أن عملية النهوض بالواقع الإنتاجي لا يمكن أن تتم دون عمل جماعي مشترك بين العديد من الوزارات، فلا يمكن الإقلاع بالإنتاج الزراعي دون مشاركة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وذراعها التسويقي المتمثل بالسورية للتجارة ومشاركة وزارتي الاقتصاد والصناعة، والغرف الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها من الجهات التي تمثل حلقة إنتاجية واحدة تدور بين مكاتبها كافة العمليات الاقتصادية والمعيشية.

بالمحصلة النهائية نجد أن ما يتم على أرض الواقع بعيد كل البعد عن هذا المسار الإنتاجي وما يزيد من القلق انقطاع التواصل وانسداد الأفق بين مختلف الجهات التي ترمي بأثقالها وأعبائها على الجهات الأخرى، وطبعاً الاجتماعات لتفعيل التواصل تبقى حبيسة المراسلات الورقية التي لا يتمخض عنها سوى المزيد من العراقيل والتحديات وانعكاسات ذلك كله يتلقاها المواطن من خلال المعاناة الشديدة تحت وطأة الكثير من الهموم وفي مقدمتها تسارع الغلاء وقلة مصادر الدخل مع انخفاض متزايد في قيمة الدخل الشرائية.