صحيفة البعثمحليات

حصاد الوعود…!!

غسان فطوم

بالكلمات رسم وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا صورة تبدو مشرقة إلى حدّ ما لواقعنا الزراعي، وذلك خلال حديثه لـ”البعث” أول أمس لجهة حرص الوزارة على تأمين مستلزمات الإنتاج، من وقود وأسمدة وأعلاف والتركيز على إنتاجها محلياً لتوفير فاتورة الاستيراد، إضافة إلى مساعدة المزارعين في تسويق المحاصيل بأسعار عادلة، فضلاً عن تشجيعهم ودعمهم لاعتماد أصناف جديدة من الزراعات في المناطق المناسبة لها، كزراعة بعض أنواع المحاصيل الاستوائية (الافوكادو) مع الاعتماد على البحث العلمي الزراعي لتطوير وتحسين الإنتاج الزراعي.

ومع أهمية كلام السيد الوزير الذي يدخل في خانة الأمل المنشود، إلا أن واقع الحال مؤلم ومحزن، فالفلاح يعاني باستمرار على مدار الموسم ومنذ سنوات، ولا تستطيع تطمينات الوزارة ولا اجتماعات الثلاثاء الحكومي أن تبرّد آلام معاناته، بدءاً من حراثة الأرض وصولاً إلى تسويق المحصول، والسبب أن الآلية التي يُدار بها القطاع الزراعي يشوبها الكثير من الثغرات، فالفلاح يحتاج إلى أفعال حقيقية على الأرض حتى يحصد ثمار أقوال ووعود المعنيين، ما يعني أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي!!.

نقولها بصراحة وشفافية: لغاية اليوم لم نوفّر للعاملين في القطاع الزراعي مناخاً إيجابياً، وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة التي عُلقت فيها كل مشكلات زراعتنا على شماعة الحرب، علماً أنه كان بالإمكان تحقيق أفضل مما نحن عليه الآن، الأمر الذي زاد في انكماش وانحسار الأراضي الزراعية، وزاد من نسبة الفقر، وخاصة في الأرياف، بعد أن “كسر أهلها الفلاحة” نتيجة غياب الدعم الحقيقي، وبذلك تمّ تعطيل دور القطاع الزراعي في تشغيل اليد العاملة، ما تسبّب بتفاقم نسبة البطالة التي باتت مخيفة، حيث يأتي العمل بالزراعة في المرتبة الأولى بين القطاعات الاقتصادية المختلفة في استيعاب العمالة، وهنا مكمن الخطورة والتي يجب الانتباه لها ومعالجتها قبل أن نفقد خيرات الأرض وزادها وزندها.

أرضنا الخضراء بحاجة ماسة إلى عناية حكومية مشدّدة قائمة على تخطيط زراعي علمي سليم يُصلح الواقع الزراعي الراهن ويرمّمه، ليتمكن الفلاح من العمل بأريحية كي نصل بالنتيجة إلى أعلى نسب الإنتاج وجودته، فأرضنا خيّرة وقادرة على العطاء عندما نعطيها حقها وندعم العاملين فيها، وبغير ذلك سيبقى أمننا الزراعي في خطر بالكمّ والنوع والسعر. واليوم غير مقبول أن نستورد القمح وعندنا مساحات “على مد النظر” قادرة على إنتاج أفضل أنواع القمح، وغير مقبول أن نستورد السكر ولدينا كلّ مقومات إنتاجه محلياً، وكذلك ما يتعلّق بزراعة القطن الذي كانت تقام له المهرجانات كلّ عام، وقسْ على ذلك من زراعات ناجحة كنّا روّاداً فيها، أما اليوم فنحن نبكي على أطلالها!.

بالمختصر.. إن أهم ما يجب العمل عليه في القطاع الزراعي هو تأمين مستلزمات الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة، وحسن تسويق الإنتاج بآلية سلسة ومربح عادل، إضافة إلى تمكين العاملين في هذا القطاع وتحفيزهم على التمسّك بأرضهم من خلال توفير بيئة عمل آمنة لهم، فنسب هجرة اليد العاملة الزراعية المدربة والفنية باتت مقلقة ومن الصعب تعويضها إذا ما استمر النزيف، عدا عن غضب الطبيعة المدمر!.