مع انتهاء تسويق موسم التفاح.. الفلاح خاسر والتاجر يتحكم و”السورية للتجارة” تتفرج!
دمشق – محمد العمر
لم يشفع الإنتاج الجيد للفلاحين في تسويق إنتاجهم من التفاح كما يجب، فالعام الماضي كان بالنسبة لهم أفضل تسويقاً من هذا الموسم، خاصة وأن التكاليف كانت قليلة، وهي ربع ما يكون اليوم، بعد وصول تضخم المواد المدخلة بالإنتاج، وارتفاع أسعار الأدوية وأجور النقل والشحن إلى أرقام مضاعفة، والأنكى من ذلك ترك الفلاح في نصف الطريق وحده يعاني آلام ومخاض التسويق، بعد دخول التّجار على الخط وأخذ محصوله بأسعار بخسة لا تغطي تكاليفه الضخمة، لتباع اليوم في السوق السوداء بأرقام سياحية على مزاج التاجر فقط، أما الفلاح فهو الخاسر الوحيد دوماً بلا شك!.
خسائر باهظة
العديد من مزارعي التفاح في حديثهم لـ”البعث” أكدوا أن محصول التفاح انتهى تسويقه بخسائر لا تُعدّ ولا تُحصى، فكانت مشكلة التسويق العثرة أمام مجهودهم، سواء كان من الأرض مباشرة أو بوضع المحصول في البرادات، حتى أن من وضع غلته في البرادات تعرّض للخسائر نتيجة تلف كميات كبيرة من التفاح في ظل انقطاع الكهرباء المتواصل، ونقص الوقود عنها، كما أن محاولة تسويق محصول التفاح شخصياً -حسب قولهم- إلى دمشق كان أمراً مربكاً ومكلفاً، فالكيلو غرام الواحد من التفاح يكلّف أكثر من 3000 ليرة سورية ليصل إلى سوق الهال بدمشق بسعر ليس أقل من 5 آلاف ليرة، وأقل أجرة سيارة لا تقلّ عن مليون ونصف المليون ليرة، ما جعل الفلاح يضطر مرغماً لبيع محصوله للسورية للتجارة، رغم أنها بتحديدها للنوع الأول والثاني والسعر الخاص بها قد قيّدت الفلاح، ناهيك عن شراء المحصول والتسديد له بعد أشهر عدة، هذا أصلاً إن اشترت الكميات نصفها، أو ثلثها على الأقل، وحسب جمعيات فلاحية بالمحافظات والمناطق الزراعية، كانت الكميات المسوّقة للسورية للتجارة ضئيلة جداً ولا تذكر.
رئيسُ الرابطة الفلاحية بالقنيطرة خالد محيرس، على سبيل المثال لا الحصر، أكد أن إنتاج القنيطرة 5 آلاف طن تفاح، والسورية للتجارة لم تسوّق حبة واحدة لصالاتها، مشيراً إلى أن لديه مساحات جيدة من التفاح، كما هي الحال مع الآخرين، ولكن السورية للتجارة تأخرت في التسعير والتسويق معاً، حتى أن السعر الذي وضعته لا يكاد يكفي أجرة القطاف، فالفرق كبير بين سعر السورية للتجارة، والتجار الذين اشتروا المحصول من الفلاحين كدوغما، أي اشتروا كامل الإنتاج بجميع أنواع التفاح، عكس السورية للتجارة التي تدقق بالحبة والحبتين، وحسب وصفه التاجر “حربوق” يدبر المحصول بطريقته بأسعار مختلفة.
دور خجول جداً..!
طبعاً، الأمر لم يتوقف على جمعية فلاحية واحدة، بل حال جمعيات أخرى في السويداء وريف دمشق وحمص وحماة أيضاً، كون هذه الجمعيات وغيرها هي المعنية بالتسويق للفلاح بالاتفاق مع المؤسسات الحكومية، إذ لم تكن عمليات تسويق التفاح في السورية للتجارة، كما يجب، بل كانت بشكل خجول جداً، ما جعل التجار يتحكّمون بسعر التفاح هذا العام، وأسوأ نوع تفاح بالسوق يباع اليوم ليس بأقل من 5 آلاف ليرة، ويصل سعر التفاح نوع أول غولدن إلى 15 ألف ليرة، وهناك من الفلاحين من سوّق محصوله بمجهود شخصي، من خلال إرساله إلى معامل العصر، كما في السويداء، ولكن الطاقة الإنتاجية للمعمل هناك لا تكفي، أو تستوعب كافة الكميات، مما يجعل هناك الكثير من الأطنان مكومة دون تصريف، فيما لجأ آخرون، كما ذكروا، لتعويض خسائرهم الجمّة في تحويله لصناعة دبس التفاح.
بدوره رئيس مكتب التسويق بالاتحاد العام للفلاحين أحمد هلال، أكد أن تسويق التفاح هو ما يعانيه الفلاح كل موسم للأسف، وأن ما تمّ تسويقه من السورية للتجارة، يبقى خجولاً مقارنة مع 3 آلاف طن العام الماضي، في الوقت الذي لم يجد الفلاح مخرجاً لتسويق محصوله، إلا للأسواق المركزية مواجهاً مصير إنتاجه بنفسه، ومتكبداً بذلك خسائر فادحة جراء دخول حلقات التجارة والوساطة والسمسرة، ليبقى التاجر هو المستفيد من هذه العملية المعقدة، وذلك في ظلّ ارتفاع التكاليف على الفلاح، والتي تضاعفت عليه بشكل كبير، من أجور قطاف ونقل وشحن وأدوية.. وغيرها.