ثقافةصحيفة البعث

“قراءة نقدية في مسرحيات تمام العواني” في ندوة لفرع اتحاد كتاب حمص

حمص_سمر محفوض

ركزت الندوة النقدية التي أقامها اتحاد الكتاب العرب فرع حمص بالتعاون مع مديرية الثقافة  تحت عنوان “قراءة في مسرحيات تمام العواني”،  وذلك في قاعة المحافظة بالمركز الثقافي .

وقد قدم كلاً من الناقد محمد رستم، والدكتورة رشا ناصر العلي خلالها قراءة في تجربة الكاتب تمام العواني المسرحية.

الدكتورة في قسم اللغة العربية بجامعة البعث رشا العلي في مداخلتها تناولت جانباً من تجربة الكاتب والمخرج والممثل المسرحي تمام العواني، مشيرةً لدور المسرح الريادي والذي لم يتراجع بل إنه يثبت حضوره المتألق في العلاقة مع الجمهور، ورصد الاستجابات المباشرة للقضايا والمواضيع اليومية المطروحة، مقدمةً لمحة عن دخول هذا الفن إلى سورية عبر المسرحي فواز الساجر، وقد عرّفت المنودراما بأنها عرض مسرحي يعتمد على الممثل الواحد يعبر الكاتب المسرحي خلاله عن رؤيته للواقع أو الحياة عبر لوحات ومواضيع مختلفة، مؤكدةً أن فن المونودراما من التجارب الرائدة في المسرح والتي لاقت استحساناً جماهيرياً خلال العقد الأخير، وخصّت تجربة العواني في فن  المنودراما بالنقاش والتمحيص مشيرةً أنه قدم عام ٢.١١ مجموعة مسرحياته الميلودرامية تحت عنوان (حكايا تعرفونها) عن اتحاد الكتاب العرب، لتنشر مجموعة مسرحية ميلودرامية جديدة له بعد عشر سنوات. وأضافت د. رشا أن الكاتب في “مجموعة حكايا تعرفونها” قام بتحويل بطل المسرحية إلى عقرب ليحصّن نفسه من الخطر الذي يهدده،  أو ربما ليجّمل الواقع المؤلم الذي يعيشه، مبينةً أن العواني في إحدى مسرحياته تناول موضع الظلم الذي يلحق المؤلف المسرحي، معرياً تبعاته على الذات والفكرة  بدءاً من أبي خليل القباني مروراً بسعد الله ونوس، وأخيراً فواز الساجر الذي شكل موته المبكر خيبة إضافية للمسرحيين وكأنما الكاتب المسرحي يكمل بموته مشهداً إضافياً من عرض الواقع المرير، مشيرةً  إلى اعتماد العواني على الأصوات  كمحرك فاعل في تنامي الأحداث كصوت تساقط الماء في دوش الحمام، و  رنين الهاتف، بالإضافة لتوظيف شخصيات تاريخية أو علمية مؤثرة كأينشتاين وسواه في إيضاح ما يريد من  إيصاله من مقاربات موضوعية  للظلم والاتهامات المجحفة مستخدماً أسلوب السرد . ولفتت إلى أن أدوات ومهارات الكاتب في كسر أفق التوقع عبر  تقديم ما أطلقت عليه اسم إغراءات للمتلقي لكسر الملل، ورفع مستوى الشغف والمتابعة، لافتةً إلى أن ما يميز  تجربة العواني هو طغيان حالة من السوداوية والخيبة والتي هي جزء من مأساة الإنسان المعاصر ضمن انهيار المعايير الأخلاقية والمفاهيم، بالإضافة لتأثير الجانب  الاقتصادي على الحياة الاجتماعية والسياسية بشكل عام.

بدوره الناقد محمد رستم تحدث عن المسرح في عصرنا الحالي وإشكالية الكتابة عنه وله، لافتاً إلى  ما يحمل المشهد الواحد من تشابك وتكثيف وكيف يضّمنها الكاتب محتوى فكرته وخلاصة مقولة النص المراد، مؤكداً أن نجاح العمل يعتمد على مجموع المشاركين من الممثل والكاتب والمخرج والعرض والإضاءة، ومن ثم يكون دور الناقد الرائي لا ليركز على الهنات أو النقائص، إنما ليشارك في الإضاءة على الجوانب الهشة كما الجوانب عالية التعبير في الأداء والنص. وتابع بأن تجربة العواني في الكتابة المسرحية تعكس عمق ثقافته ومحاولته الإفادة من تجارب من سبقه من المسرحيين، كما في مسرحياته “عودة عنترة- محاكمة شايلوك- صرخة ديوجين”، منوهاً أن غالبية أعمال العواني هي اضاءات على الواقع، ولم تعتمد المباشرة بل يستخدم تلك اللغة الموحية والمعبرة التي يتيحها المسرح في مخاطبة الجمهور. كما قام الناقد رستم باستعراض جماليات الكتابة الإبداعية عند الكاتب تمام العواني مثل “عصفور النار” التي استمدها من مسرحيات يوسف السباعي، معيداً إحياء أفكارها بلغة حداثية، مبيناً كيف قدم الكاتب رؤيته حول  سقوط القيم تحت ضغط الحاجة، مستوحياً شخصية المرابي “شايلوك” عند شكسبير، مشيداً بلغة العواني الذي كتب نصوص مسرحياته بلغة فصحى واضحة وجميلة بالرغم من جنوحه للمأساوية والسوداوية التي تغلف نصوصه، كما تغلف جانباً من واقعنا المعاش.

بدوره أشار الكاتب المسرحي تمام العواني إلى تعلقه وشغفه بالمونودراما، لأنها تتيح له التعبير والإفصاح عما يشعر ضمن المساحة المسرحية  الصغيرة، مؤكداً أن فن المونودراما يستند على تكثيف الحالة الإبداعية  والشعورية للممثل الواحد.

تلت الندوة جلسة حوارية، ومداخلات هامة عارض فيها بعض الحضور ما قالة النقاد، وأثنى البعض الآخر على التجربة مما أغنى اللقاء .

يذكر أن تجربة الكاتب والمخرج والممثل المسرحي تمام العواني في فن المونودراما تعد من التجارب الرائدة، وهو كاتب مسرحي وممثل منذ أكثر من أربعين عاماً قدم خلالها مجموعة من المسرحيات  مثل “حكايات تعرفونها عن المونودراما- قناديل حالمة- نصوص مالحة- آخر الليل نهار”، وجميعها صادرة عن اتحاد الكتاب العرب.