ثقافةصحيفة البعث

فلكلور الطّبيعة الفنيّة في معرض الأعمال التّراثية الشّركسية

حلب- غالية خوجة

كمن ينسج ملامح الطّبيعة ونباتاتها وأزهارها وفصولها مع الزّمن ورائحة ذكرياته العتيقة، نسج معرض الأعمال التّراثية الشّركسية الذي أقامته الجمعية الخيرية الشّركسية في حلب بصالة تشرين، بالتّعاون مع مديرية الثّقافة، مدة ثلاثة أيام، تاركاً لرائحة الغابات والجبال والحياة أن تنتشر مع موسيقا “الأكورديون” الشّركسية، وهي تتفاعل مع الخيوط القطنية والصّوفية والحريرية بعدما انتهت جولتها بين الأدوات المعدنية من مخرز وأسياخ وإبرة وتحوّلت إلى أعمال فنية مدموغة بلمسات شركسية مميزة، وأزياء لمختلف الفئات العمرية، وإكسسوارات منزلية، ونسائية من خامات متنوعة مثل الخرز والمعادن، إضافة إلى اللوحات المعبّرة عن حياة الأجداد بين الفروسية والزّفاف والعادات والتقاليد، إضافة لمنتجات مختلفة، ومنها مواد تنظيف بصناعة يدوية.

محبة الوطن من أمثالنا الشّعبية

وحول المعرض، حدّثتنا المهندسة الزّراعية منى جامرزه عضو اللجنة النّسائية في الجمعية الخيرية النّسائية قائلةً: “في كلّ سنة نقيم أكثر من معرض، وغالباً في أعياد آذار ونيسان، وأعياد تشرين، وتأخّرنا قليلاً هذه السنة عن تشرين تضامناً مع طوفان الأقصى ومساندة لفلسطين”، مبيّنةً: “يضمّ معرضنا للتّراث الشّركسي الحالي 20 طاولة، من منتجات يدوية وحرفية وتراثية وأعمال فنية من أزياء فلكلورية ولباس تقليدي وأكلات شركسية مثل الجبنة والحلفا التي تشبه السنبوسه، أمّا بالنّسبة إلى المشاركات فهنّ نساء يعملن مع الجمعية تبرعاً من دون مقابل، وريع منتجاتهن يعود للعائلات المتعففة في حلب”.

لكن، ما أهم الأمثال الشعبية الشركسية؟ تجيب جامرزه: “من أمثالنا الشعبية المميزة أننا نحب الوطن جداً وطننا الأم وسورية، وهذا المثل المتوارث والمستمر الآن وفي المستقبل”، يقول: “تستطيع أن تنتزع الإنسان من وطنه لكنك لن تستطيع أن تنتزع الوطن من قلب الإنسان”، وهذا ما هو في قلبنا حتى لو دفعتنا الحرب الإرهابية وشردتنا إلى سورية، وحتى لو دفعتنا الحرب الإرهابية على سورية إلى الهجرة والشتات”.

الاحترام أساس التراث والحداثة

وبينما كانت تخطو قي المعرض وتسند يدها على عكاز خشبية تسترجع ذاكرة شجرة تجمع بين قلعة حلب والجبال، سألتها عن أهم العادات والأعراف، فأجابتنا رئيسة اللجنة النسائية المعلمة المتقاعدة شكران جوخاي: “من فخر عاداتنا الاحترام، وهو أهم خصلة قديمة وحديثة، وهي القاعدة الذهبية الشركسية، ومنها أننا نحترم الكبير حتى ولو أخطأ، ولا نقول له أخطأت، لأنه يراجع نفسه بنفسه، من باب الاحترام له وللآخرين، ولأن الكبير لا يجوز أن يخطئ من الأساس، لأنه المستشار والقدوة”.

الحشمة والرقص والقتال

هويدا بدّيس، معلمة متقاعدة وعضو إدارة بالجمعية تبيّن أنّ أهم ما يميّز اللباس الشركسي هو الحشمة، ولاسيّما للفتاة، والتطريز والنقوش بأشكال فنية وهندسية وخطوط موروثة لأنها أشكال رمزية خاصة لتراث أجدادنا، ولا يجوز التحوير والتغيير فيها، ويتألف الزّي النّسائي من فستان داخلي وجاكيت خارجي مع حزام بسيط وفني، وقبعة فوقها “تول” أبيض شفاف، وخفّ أبيض، أمّا الزي الرجالي، فيتألف من قميص فوقه سترة بطول مناسب، وعلى الرقبة لفحة، وقبعة تُسمّى “قلبق” ولها مقاسات، وبنطال أسود ضيق عند الأقدام ثم يتسع حتى الخصر، وحزام مسلح بالقامة ـ الخنجر التراثي، وحذاء يشبه الجوارب الطويلة بشكله ليمنحه المزيد من الرشاقة، وهذا اللباس دال على القوة، والحيوية ولاسيما في القتال والرقص، ومثلنا المتوارث يقول: “من لا يعرف أن يرقص لا يعرف أن يقاتل”.