السفير “بريكل”: نهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية التشيلية ـ السّورية
ملده شويكاني
“من أعظم الأشياء التي يمكن أن توجد في حياة الإنسان هي الموسيقا والشعر”، هذا ما قاله السفير التشيلي في دمشق”خوسيه باتريسو بريكل” في الاحتفالية التي أقيمت في دار الأوبرا بمناسبة مرور ستين عاماً على تأسيس الفرقة الموسيقية التشيلية “لوس جافاس”، وذلك بالتّعاون بين سفارة تشيلي في دمشق ووزارة الثقافة.
وتخلل الاحتفالية عرض فيلم وثائقي موسيقي غنائي “مرتفعات ماتشو بيتشو” في البيرو القائم على غناء مقاطع من قصيدة الشّاعر العالمي “بابلو نيرودا” مرتفعات ماتشو بيتشو” بحضور دبلوماسي ورسمي وثقافي وجماهيري.
– تعزيز العلاقات
واستُهلت الاحتفالية بكلمة السفير “بريكل” التي أشار فيها إلى أن الهدف ليس فقط الاحتفال بمرور ستين عاماً على تأسيس “لوس جافاس”، ولا بالشاعر “نيرودا” الذي حصل على جائزة نوبل عام 1971 ولا بالكاتب الموهوب “ماريو فارغاس جوسا” الذي حصل أيضاً على جائزة نوبل، إنما بتعزيز العلاقات الثقافية بين تشيلي وسورية.
– المزج بين الإيقاعات
وتحدث “بريكل” عن الفرقة التي تعدّ من أشهر الفرق الموسيقية في أمريكا اللاتينية وتأسست على يد خمسة موسيقيين، نشروا موسيقاهم المركّبة ليس فقط من المزج بين الآلات التقليدية والكلاسيكية مثل البيانو، وإنما بعزف أنواع من إيقاعات الموسيقا اللاتينية وموسيقا الروك.
– العودة إلى الأصل
وبيّن أن من أعظم الأشياء التي يمكن أن توجد في حياة الإنسان هي الموسيقا والشعر والقصة والكلمة، إذ يشير الفيلم إلى العودة إلى الأصل لمرتفعات ماتشو بيتشو المكان الغامض الذي يعكس نواة الأخوة بين شعوب أمريكا اللاتينية.
وبالحديث عن الأصل يتمتع السوريون بتجربة غنية جداً في هذا المجال، فلديهم أوغاريت وتدمر وعدد لايحصى من الأماكن والمواقع المقدسة، التي تجمعنا كبشر في هذا الكوكب، فهكذا كتب تاريخ الإنسان، ولهذا السبب الإنسان على ما هو عليه اليوم.
الموسيقيون الخمسة
ويبدو الفيلم ـ الذي أنتج في الثمانينيات بإشراف جامعة تشيلي الكاثوليكية وإذاعة وتلفزيون البيرو- مبهراً من حيث الطبيعة الساحرة للمرتفعات الشاهقة وسط الجبال، ولتقنية الكاميرا الدائرة في هذه التحفة الفنية متوقفة عند الارتفاعات والأبنية الحجرية والأشجار والمساحات الكبيرة، ولتموضع الموسيقيين مع آلاتهم الفلوت الخشبية والدرامز الكبير والغيتار والكيبورد والبيانو، فكان ببطولة الموسيقيين الخمسة أعضاء فرقة لوس جافاس التي حققت نجاحات على مستوى أمريكا اللاتينية وأصبحت من أشهر الفرق.
– آلة النفخ التقليدية
يبدأ الفيلم بموسيقي يقف في أعلى ارتفاع في مرتفعات ماتشو بيتشو في البيرو ويعزف على آلة نفخية خشبية طويلة جداً، ومن ثم يتم الدمج بين السارد لطبيعة المكان وحياة الشاعر “نيرودا” والحياة الدائرة في الصخر في المرتفعات وفق ما كتبه الكاتب “جوسا”، وبين المقاطع الموسيقية التي تظهر جمالية موسيقا الفرقة القائمة على الدمج بين الروك وإيقاعات أمريكا اللاتينية، المتسمة بألحان حيوية براقة ولاسيما بالمقاطع الغنائية المأخوذة من قصيدة نيرودا “مرتفعات ماتشو بيتشو” بدور كبير للدرامز الكبير المؤلف من الطبول والصنجات.
– مملكة حياة الصخر
فبدأ السارد بالحديث عن تاريخ هذه المنطقة:
“مرتفعات ماتشو بيتشو الرهيبة
معجزة الهندسة العمارية
وأيقونة الجماليات
المتناغمة بارتفاعاتها وشرفاتها وسلالمها وحدائقها”
وتابع بأنها لم تكن معروفة إلا من قبل الكهنة والسلطة و لم تكن مأهولة إلا بالرعاة والمزارعين، وقد اكتشفها عالم آثار أمريكي، وكانت زيارة “نيرودا” إليها لصالح الشعر:
” في أرجاء الوحشة المتوجة
المملكة الميتة مازالت تحيا”
إذ أثرت بعمق في شخصيته وشعره وأخذت حيزاً من مذكراته، يقول: “شعرتُ أنني صغير جداً وسط هذا المكان، الذي أنتمي إليه بطريقة ما، فمنذ زمن بعيد كانت يديّ تعمل هنا على نحت الصخور”، وأوّل ما قاله عنها حينما وصل إليها بعد رحلة شاقة من موسكو “يا له من مكان مناسب لتناول خاروف مشوي”.
– شعر التداعيات والاستعارات
ومن ثم تحدث السفير عن سيرة نيرودا ( 1904- 1973) الشاعر والدبلوماسي والسياسي الذي لم يؤثر فقط في شعوب أمريكا اللاتينية وإنما في شعوب العالم، فدخلت قصائده قلوب العاشقين، متوقفاً عند مجموعته الشهيرة عالمياً “عشرون قصيدة حبّ وأغنية يأس”:
“أحب حبّ المراكب
بضع قبل ثم تمضي
تترك لك وعوداً
لكنها لا تعود أبداً”
وكان شعره مليئاً بالعاطفة، فشعره شعر التداعيات والبصيرة مبنياً على الاستعارات والتشابيه والإيقاع، كما أنه شعر ملتزم تناول فيه الحرب الأهلية في إسبانيا بقصيدة “إسبانيا في القلب”.
– الموسيقا الحيوية للدرامز
ومضى الفيلم بغناء سبعة مقاطع من قصيدة “ماتشو بيتشو”:
“وصولاً إليك ماتشو بيتشو
المدينة العالية أمّ الدرجات الصخرية”
على أنغام الموسيقا الحيوية البراقة للدرامز خاصة مع البيانو والكيبورد والفلوت الخشبية والغيتار، منها مقطع “أيها الحبّ، أيها الحبّ.. حتى الليل المباغت” ومقطع “الأفعى الملقاة”.
كما استعرض الفيلم حضور السكان والمزارعين ضمن تتالي المشاهد، وركّز على العمارة والطبيعة بلقطات مطوّلة.
ـ زيارة السيّاح
وينتهي الفيلم بقفلة القصيدة التي تنبذ الظلم التاريخي وتتناول معاناة أعداد كبيرة من البشر، وعن هذا المكان الذي يمتلك قيمة لاحدود لها، ويعد من رموز الوطن الأمريكي المشترك، على وقع صور السيّاح الذين يؤمون هذا المكان الأثري التاريخي ويصعدون الأدراج الحجرية الشاهقة.