أخبارصحيفة البعث

تسييس المساعدات الغذائية

تقرير إخباري

بإعلانه إنهاء برنامج مساعداته الغذائية العامة في جميع أنحاء سورية مطلع كانون الثاني القادم، يؤكد برنامج الأغذية العالمي التابع للمنظمة الدولية المسماة بـ “الأمم المتحدة” أن برنامجه سياسي بحت وليس إنساني أولاً وآخراً، وعرضة للأخذ والرد وتتحكم به وتوجهه وتسيطر عليه مصالح الدول المانحة وأهواءها وأجنداتها وسياسة العصا والجزرة .

لا يعفي ما تضمنه بيان البرنامج الصادر “أسفه” إثر توقفه عن تقديم المساعدات الغذائية للأسر المحتاجة والتذرع أن نقص التمويل والتشديد المالي من الجهات المانحة الرئيسية أجبراه على إنهاء عمله في سورية، ما يؤكد خضوعه بشكل أو بآخر للهيمنة والتسييس الذي تمارسه تلك الدول ليس على برنامج الغذاء وحسب، بل على كل المنظمات والهيئات المنبثقة لفرض أجنداتها تحت طائلة المنع والحرمان، ولعل مثال المساعدات والجسور الجوية المفتوحة باتجاه الكيان الصهيوني الغاصب الذي يمارس حرب إبادة غير مسبوقة عبر التاريخ ضد شعبنا وأهلنا في فلسطين المحتلة وغزة على وجه الخصوص باتباعه سياسة الأرض والمدن المحروقة والتهجير القسري لأهلها على مرأى ومسمع العالم بأسره، يدحض تلك المزاعم…!؟

إن اختباء البرنامج خلف ما تضمنه بيانه المخزي أنه سيواصل دعم الأسر المتضررة من حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية في جميع أنحاء البلاد من خلال تدخلات طارئة أصغر وموجهة أكثر، ومساعدة الأطفال دون سن الخامسة والأمهات الحوامل والمرضعات من خلال برامج التغذية، والأطفال في المدارس ومراكز التعلم من خلال برنامج الوجبات المدرسية، والأسر الزراعية المدرجة في برنامج دعم سبل العيش ومواصلة التدخلات لدعم تعافي النظم الغذائية المحلية، مثل إعادة تأهيل أنظمة الري والمخابز لا يعدو كونه أكثر من ذر الرماد في العيون، ولا يخفف من وطأة الفعل الناقص والكيل بمكاييل ومعايير لها وجه قبيح واحد يريد من  خلالها ممارسة سياسة الهيمنة والإخضاع والاستعباد للشعوب المستضعفة.

من المهم هنا التأكيد أن لا منّة لبرنامج الأغذية العالمي فيما ذهب إليه بيانه بوقوفه إلى جانب الشعب السوري في مواجهة انعدام الأمن الغذائي، وإنفاقه مليارات الدولارات وتسليم ملايين الأطنان من المواد الغذائية لملايين الأسر لأنها مبرر وجوده أساساً، لكن يبقى السؤال الذي يحمل في طياته الإجابة عليه بذات الوقت لماذا لم ينسحب برنامج الغذاء العالمي من باقي الدول المحتاجة طالما أنه يعاني من ضائقة مالية كبرى، وأن مستوى الاحتياجات الإنسانية غير المسبوق حول العالم، والتحديات الاقتصادية العالمية، والتشديد المالي من جانب الجهات المانحة الرئيسية أدت إلى عدم قدرة هذه الجهات على تقديم نفس المستوى من الدعم لسورية…!؟

نعتقد أن ما عبر عنه رئيس اللجنة العليا للإغاثة وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف خلال لقائه الممثل والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في سورية كينيث كروسلي عن عدم الارتياح والتحفظ على إعلان البرنامج إنهاء عمله في سورية دون تنسيق مسبق، وتوقفه عن تقديم المساعدات الغذائية في ظل زيادة أعداد المحتاجين، يظهر انحرافاً واضحاً وليس بريئاً لمسار برامج المساعدات الإنسانية، وانضمامه للأطراف التي تعمل على ممارسة الضغط على الشعب السوري.

من هنا فإننا نجد أنه علينا تكريس ومضاعفة الجهود على كل الصعد والمجالات وإعادة النظر بسياساتنا الإنتاجية والزراعية والصناعية التي تجعل أمننا الغذائي في مأمن من تحديات المؤسسات والمنظمات الدولية التي ترفع لواء المساعدات الإنسانية شعاراً يحمل في طياته الكثير من الغايات والأهداف الدفينة والتسييس الفظ…!

وائل علي