مجلة البعث الأسبوعية

ارتفاع التكاليف الإنتاجية يحدّ من مردود الأشجار المثمرة والتوسع الأفقي ليس طموح “الزراعة”

البعث الأسبوعية – مروان حويجة

لم تكن إنتاجية الأشجار المثمرة في محافظة اللاذقية، بمنأى عن تأثير ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وبالتالي انعكاس غلاء التكاليف الإنتاجية على مردود المزارع والريعية الاقتصادية المحققة، وإذا ما علمنا أنّ الأشجار المثمرة تنتشر على مساحات واسعة من الرقعة الزراعية في محافظة اللاذقية، وتشكّل مورد عيش لعدد كبير من الأسر الزراعية ولكل العاملين في الخدمات الرديفة لهذه المحاصيل من خدمات زراعية إنتاجية وتسويقية، فإنّ ما تواجهه هذه الزراعة من صعاب وعقبات وما ينقصها من احتياجات سيلقي بظلاله السلبية المباشرة على هذه الأسر وجميع المشتغلين فيها.

حياة المزارع

رئيس دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة اللاذقية المهندس عمران إبراهيم  أشار إلى أن كل محاصيل الأشجار المثمرة لها دور في حياة المزارع والمستهلك بآن معاً، إضافة إلى دعم خزينة الدولة في حال تمّ وضع الخطط التسويقية المناسبة مع الأخذ بعين الاعتبار حاجة الاستهلاك المحلي ومصلحة الفلاح والتاجر والمستهلك بآن واحد، علماً أنّ أهمّ الأشجار المثمرة المزروعة في محافظة اللاذقية هي الحمضيات والزيتون والتفاح، حيث بلغ التقدير الأولي لمحصول الزيتون حوالي ٤٠ ألف طن، والتفاح حوالي ١٣ ألف طن، والحمضيات حوالي  ٦٠٠ ألف طن.

زيادة الإنتاجية

ولفت إبراهيم إلى أن هذه المحاصيل  تزرع على مساحة تقارب ٨٠ ألف هكتار، وتشكّل النسبة الأكبر من المساحة الزراعية في المحافظة، ومن المعروف أنّ هذه الأشجار تشكّل ركيزة هامة للإنتاج الزراعي من حيث المساحة وعدد الأشجار وإنتاجيتها، مشيراً إلى الاهتمام المستمر بالوصول إلى أولوية وزارة الزراعة في تحقيق زيادة الإنتاجية في وحدة المساحة كما كانت في السنوات الماضية قبل غلاء الأسمدة والمحروقات ومواد المكافحة وأجور العمّال، حيث كانت الإنتاجية العالية في وحدة المساحة تغطّي على تكاليف الإنتاج، وعلى تذبذب السوق في أوقات معيّنة من الموسم، فأي انخفاض في سعر مادة معيّنة تغطّي عليه الكميات المنتجة، وأوضح أنّ هناك عدة جهات معنيّة بالتسويق، وينحصر دور مديرية الزراعة في العملية الإنتاجية، ويقتصر على  تأمين المنتج الجيّد وبكمية مناسبة.

وبيّن إبراهيم أنّ التوسع أفقياً لا يعتبر طموح وزارة الزراعة في المنطقة الساحلية، لأنّ استثمار المساحات يعتبر تقريباً مئة بالمئة، علماً أنّ هذه المحاصيل لها أهمية اجتماعية واضحة حيث يعمل بقطاع الزيتون أكثر من 60 ألف عائلة وفي مجال الحمضيات حوالي 50 ألف عائلة، وهي تساهم بدعم الأسر في معيشتهم لأنّ أغلبها حيازات صغيرة، وأشار إلى أنّ دور الزراعة في خدمة ومتابعة الأشجار المثمرة، دور فنّي وأنّ التحسن الفني يتحقق في توفير المستلزمات من مازوت وأسمدة ومواد مكافحة وأجور عمال، وعندما يتحسن وضعها نحو الأفضل والحدّ الطبيعي فمن المؤكد سينعكس ذلك كله على مردودها وإنتاجيتها.

أهمية اقتصادية

الدكتور نبيل أبو كف – أستاذ في كلية الهندسة الزراعية بجامعة تشرين ركّز على  الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للأشجار المثمرة، واصفاً هذه الأهمية بالكبيرة جداً وخاصة أنّ الأشجار المثمرة تشمل تنوعاً كبيراً من الأنواع الشجرية المزروعة محلياً، منها: الحمضيات والزيتون والتفاحيات واللوزيات والكرمة، إضافة إلى المساحات الكبيرة التي تشغلها من جبال وهضاب وسهول ومنحدرات، وأيضاً تكمن هذه الأهمية – بحسب أبو كف – لأنّ أعداداً كبيرة من المزارعين والكثير من الأسر الزراعية تعمل في خدمة هذه الأشجار المثمرة وتطويرها وتسويقها وتصنيعها، حيث تساعدهم في تحسين أوضاعهم المعيشية والحياتية والاقتصادية. وبالتالي لا بدّ من إيلاء هذا القطاع الهام الاهتمام الأكبر لدعمه في الجانب الفني والتكنولوجي الحديث، وتطوير السلالات المميّزة المناسبة للبيئة المحلية وذات الإنتاجية العالية. وبالتالي يظهر دور المزارع في تقديم الخدمات اللازمة لنمو وتطور محاصيل الأشجار المثمرة من سقاية وتسميد ومكافحة مناسبة. وبيّن أنّ دور القطاع الزراعي في هذا المجال يكمن في زيادة المساحات المزروعة وتأمين مستلزمات الإنتاج وتسهيل إقامة مشاريع متخصصة وكبيرة لزيادة الإنتاج والإنتاجية، واقتراح تطوير قوانين تساعد في نموّ وتطور هذا القطاع الهام والحيوي، إضافة إلى تطوير أصناف وأنواع مناسبة للبيئية المحلية وتطبيق برامج مكافحة متكاملة للآفات التي تصيبها.

 

ارتفاع جنوني

بدوره الدكتور غسان  يعقوب – أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعه تشرين  يعتبر أنّ الدعم الزراعي حاجة لا يمكن الاستغناء عنهما، خاصةً في الظروف الحالية،  فهو يفيد المنتج والمستهلك بآن معاً، إذ أنّه يقلّل التكاليف على المنتجين، وهذا سينعكس إيجاباً على السعر الذي سيدفعه المستهلكون، وبالتالي سينعكس على الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، وأوضح يعقوب أنّه في السابق كانت الحكومة  تقدّم الدعم الزراعي بنسب ملموسة  للأسمدة والمازوت ومواد المكافحة، وتقدّم التسهيلات لاستيراد الآلات الزراعية والجرّارات وغيرها، أمّا اليوم وبعد الحرب الكونية التي دمّرت كل شيء أصبح الوضع المالي صعباً، وهذا أدّى إلى توقّف الدعم عن معظم مدخلات الإنتاج الزراعي، بل أدّى إلى عدم توفّرها في الأسواق، وخاصة الأسمدة بأنواعها المختلفة والمحروقات، ورأى يعقوب أنّ هذا كلّه أدّى إلى الارتفاع الجنوني في تكاليف الإنتاج الزراعي الذي لم ترافقه زيادة مماثلة في أسعار المنتجات الزراعية، وكانت النتيجة خسارة للمنتجين وعدم قدرة معظم المستهلكين على شراء المنتجات وبالطبع أدّى ذلك كلّه إلى تهريب المنتج الزراعي إلى الدول المجاورة أو بقائه في الأسواق معروضاً بسعر أقل من الكلفة.

تحديد الفئات

ويعتبر يعقوب أن الحل يكمن تحديد الفئات المستحقة للدعم الزراعي سواء للمحاصيل الإستراتيجية والأساسية، وينطبق هذا أيضاً على المداجن والمباقر والمنشآت المرتبطة بها، وإعداد قوائم اسمية حقيقية للمزارع بمختلف فئاتهم، وتحديد الحجم الحقيقي للطاقة الإنتاجية للمشروع الذي يستحقّ الدعم، وتفعيل صندوقين للدعم الزراعي، صندوق مدخلات الإنتاج من أسمده وبذار وأعلاف ومازوت ومواد المكافحة، وصندوق لدعم الصادرات الزراعية مع تسهيل ودعم إجراءات الاستيراد والتصدير بوقت قصير جداً، وتخفيض رسوم الشحن بمختلف أشكاله أسوة بباقي الدول وبذلك تتوفر احتياجات العملية الإنتاجية  وكل ما يتعلق بالإنتاج الزراعي، وهذا بالتأكيد سيخفّف التكاليف الإنتاجية وبالتالي سينعكس إيجاباً على المنتجين والمستهلكين.