مجلة البعث الأسبوعية

كيف تستفيد الشركات التكنولوجية من الصراعات العالمية؟  

البعث الأسبوعية – لينا عدره

منذ العقد الأول من القرن الـ 21 تضاعفت أرباح الشركات التكنولوجية الكبرى، مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت وميتا المالكة لكل من فيسبوك وإنستغرام وواتساب جراء استخدامنا لها بشكل يومي.

إلا أن هذه الشركات توفر العديد من الأدوات للجيش والحكومة الأمريكية من مساعدات عسكرية من بينها أحداث 11 أيلول 2001 إلى الأوضاع الأخيرة الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والحرب في أوكرانيا، حصدت هذه الشركات أرباحاً خيالية.

 

الشركات التكنولوجية والأرباح خلال 20 عاماً

ربما يتذكر عمالقة التكنولوجيا حدث 11 أيلول الذي غيَّر مجرى الأحداث حول العالم، ولكن أهم ما تغيَّر هو مصير بعض المؤسسات والشركات الكبرى ومالكيها.

توضح التقارير كيف سعت الشركات التكنولوجية إلى متابعة العقود الفيدرالية مع الجيش والاستخبارات الأمريكية بالإضافة إلى وكالات إنفاذ القانون، فمنذ سنة 2004 إلى يومنا الحالي تضاعفت عدد العقود المبرمة في مجال الداتا بين الحكومة الفيدرالية والشركات التكنولوجية مثل “غوغل” و”مايكروسوفت”.

ومنذ عام 2007 إلى 2019،  زادت عقود وزارة الأمن الداخلي مع عمالقة وادي السيليكون 50 ضعفاً. وأكثر من استفاد من هذه الزيادة أمازون ومايكروسوفت، فما بين عامي 2015 و2019، شهدت أمازون زيادة بنسبة 400% في جميع العقود الفيدرالية، وتمتعت مايكروسوفت بزيادة قدرها 800%.

أما غوغل فق ربحت قرابة 16 مليون دولار أمريكي من العقود مع البنتاغون، بالإضافة إلى مليونين آخرين من وزارة الأمن الداخلي وحوالي 4 ملايين من وزارة العدل.

ومنذ عام 2004، أنفقت 5 وكالات حكومية ما لا يقل عن 44.7 مليار دولار على خدمات من شركات التكنولوجيا الخمس تلك. وكان نصيب الأسد من البنتاغون (43.8 مليار) تليه وزارة الأمن (348 مليون دولار)، ثم  وزارة الخارجية (258 مليون دولار)، تليها إدارة الخدمات العامة (244 مليونا)، وأخيراً وزارة العدل.

وفي عام 2020، تمكنت مايكروسوفت من الفوز بعقد قيمته 230 مليون دولار من وزارة الأمن القومي، وسعت للحصول على عقد آخر للحوسبة السحابية بقيمة 3.4 مليار دولار، أعلنت عنه الوزارة كجزء من عقد البنتاغون للحوسبة السحابية بقيمة 10 مليارات دولار.

 

التكنولوجيا والعدوان الإسرائيلي على غزة

خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة قامت خرائط غوغل وWaze بتعطيل التحديثات المباشرة لحركة المرور في مناطق الاحتلال الإسرائيلي وقطاع غزة بناءً على طلب الجيش الاحتلال، وفقاً لتقرير بلومبرغ. تمت إزالة أداة البيانات الحية قبل الغزو البري المحتمل على القطاع.

إذ قال متحدث باسم غوغل: “كما فعلنا سابقاً في حالات الصراع واستجابة للوضع المتطور في المنطقة، فقد قمنا مؤقتاً بتعطيل القدرة على رؤية ظروف حركة المرور المباشرة ومعلومات الانشغال مع مراعاة سلامة المجتمعات المحلية”.

يمكن أن تكشف معلومات حركة المرور المباشرة تفاصيل حول تحركات القوات أو مكان تجمع أعداد كبيرة من الأشخاص. تقوم التقنية بتجميع بيانات الموقع المجهولة لإظهار مكان وجود تأخيرات في حركة المرور.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم فيها غوغل بتعطيل خدمة الخرائط؛ إذ قامت بنفس الإجراء سنة 2022 خلال الحرب الروسية – الأوكرانية، خلال هذا الإجراء تحصد شركة غوغل العديد من الأرباح باعتبارها تقوم ببيع الخدمة.

ليس فقط شركة غوغل هي المستفيد الوحيد من الحرب الأخيرة فمنذ تشرين الأول الماضي حققت شركة ميتا المالكة لكل من فيسبوك وإنستغرام.

إذ أعلنت الشركة في 25 تشرين الأول أن إيرادات الربع الثالث ارتفعت بنسبة 23% إلى 34.1 مليار دولار، بينما ارتفعت أرباح السهم البالغة 4.39 دولار بنسبة 168% مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي. أدى ذلك إلى سحق أهداف المحللين لتحقيق أرباح قدرها 3.64 دولار للسهم من مبيعات بقيمة 33.6 مليار دولار.

على الرغم من أن شركة Meta ليس لديها تعامل مباشر مع الشرق الأوسط، إلا أن إيرادات الإعلانات انخفضت مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وقالت المديرة المالية “سوزان لي” إن الشركة تشهد “إعلانات أكثر ليونة في بداية الربع الرابع للسنة” على الرغم من أنه لم “يعز تراجع الطلب بشكل مباشر إلى أي حدث جيوسياسي محدد”.

استعاد سهم Meta بسرعة خط 50 يوماً وسط دعم شراء قوي في الجلسات الأخيرة. للعام بأكمله، فيما غيرت الشركة توقعاتها للنفقات الرأسمالية إلى 28 مليار دولار عند نقطة المنتصف، أقل قليلاً من التقديرات السابقة البالغة 28.5 مليار دولار.

 

الحرب على روسيا والشركات التكنولوجية

أعلنت شركة ميتا، الشركة المالكة لفيسبوك وإنستغرام، أنه يمكن للأشخاص إنشاء منشورات تدعو إلى العنف ضد روسيا على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها منذ سنة 2022. وكان هذا القرار غير مسبوق، إذ تختار إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم أحد الجانبين علناً في صراع جيوسياسي.

وخلال الحرب لم تكن روسيا في صراع مع دولة وحيدة، بل تتصارع أيضاً مع الشركات متعددة الجنسيات التي تمتلك مصالح مالية في نطاقها الجغرافي. وكاستجابة لهذا الوضع، أقرت روسيا حظراً على منصة إنستغرام داخل حدودها خلال سنة 2022.

كانت الآثار الناجمة عن هذا القرار ذات أهمية كبيرة، حيث أدى الحظر، الذي اتسع ليشمل في نهاية المطاف منصة فيسبوك، إلى خسائر مالية تُقدَّر بحوالي 2 مليار دولار لشركة ميتا.

تظهر شركات التكنولوجيا كيف يمكن لقراراتها أن تؤثر على الجغرافيا السياسية، وهو تحوّل هائل عن الماضي. لقد تم جر شركات التكنولوجيا إما إلى الصراعات بسبب الطريقة التي يستخدم بها العملاء خدماتها أو بسبب اتباعهم للسياسة الخارجية للحكومات على سبيل المثال، شركة SpaceX التي تزود إيران بالإنترنت بعد أن رفعت الولايات المتحدة بعض العقوبات.

وخلال السنة الأولى من الحرب، صرَّح وزير التحول الرقمي الأوكراني “ميخايلو فيدوروف” بأن منصة تويتر أصبحت هي الأداة لتدمير الاقتصاد الروسي، هذه الحملة أدت إلى حظر شركة آبل منصة VK والتي تعتبر الأكبر في روسيا.

ورغم ذلك، فإن قطع وصول روسيا إلى بعض منصات التواصل الاجتماعي لم يؤدّ إلى انقطاع كامل فقد ظهرت بدائل روسية جديدة مثل Rossgram لتحل محل Instagram المملوك من شركة ميتا الأمريكية.