مجلة البعث الأسبوعية

محمد بسّام علي: “فرسان الظّلام” تجربة مهمّة تعلّمت منها الكثير 

نجوى صليبه

“للمشاركة في الموسم الدّرامي الرّمضاني نكهتها الخاصّة بالنّسبة إلى الممثل، لأنّنا تعوّدنا على تسويق معظم الأعمال الدّرامية وعرضها في شهر رمضان الكريم” يقول الممثل محمد بسام علي الذي يشارك في الموسم الحالي بالفنتازية الدّرامية “فرسان الظّلام ـ ذئاب الليل” من خلال شخصية “زرياب” التي يحدّثنا عنها بالقول: أؤدي شخصية لصّ من الّلصوص، ينقل الأخبار ويفتعل البلبلة والفوضى لكي يحصل على المال.. هذه التّجربة ممتعة وعدد المشاهد القليل ليس أمراً مهمّاً، المهمّ لديّ هو المشاركة في هذا النّوع من الأعمال ولاسيّما في هذا الوقت، لأنّها تختلف وتتطوّر من حيث التّقنيات الحديثة، ولأنّي تعلّمت من خلالها الكثير، فهي باللغة الفصحى، وعمل مهم من أعمال سابقة ومماثلة للكاتب هاني السّعدي كالجوارح والكواسر التي كبرنا عليها.

لكن بماذا تختلف هذه الشّخصية عن الأولى التي أدّاها في الدّراما التّلفزيونية؟ يجيب علي: للتّجربة الأولى دائماً طعم خاصّ فكيف إن كانت مع المخرج نجدة أنزور الذي أعطاني فرصةً مهمّة وشخصيةً لها دورها الواضح في مسلسل “لأنّها بلادي 2021″، وهي شخصية متزعم عصابة إرهابية اسمه “نجوان”، وكانت هذه التّجربة ممتعة جدّاً كما كانت مسؤولية كبيرة.

وفي السّينما، مثّل علي في عدد من الأفلام القصيرة، نذكر منها: فيلم عن الرّاحل سعد الله ونوس إخراج عبد الله شحادة في عام 2017، و”بداية ثبات أكثر ممكن” من إخراج سندس سليمان في عام 2020، و”استيقاظ متأخّر” إخراج بشار عباس في عام 2021، يوضّح: السّينما عالم آخر، وأتمنّى أن تتطوّر في بلدنا ونسمو بها إلى مكانة أفضل.

سبب آخر لحبّ علي للسّينما، فهي بتكثيفها تشبه المسرح الذي درس تقنياته أكاديمياً ـ في المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرّج منه عام 2020 ـ واشتغل فيه قبل دخوله إلى المعهد، فقد كان له تجارب عدّة في المسرحين القومي والجامعي في طرطوس من عام ٢٠١٠ إلى عام ٢٠١٥، يبيّن: عند بداية دراستي في المعهد تغيّرت مفاهيم المسرح لديّ واكتشفت أمور جديدة فيها فأحببتها أكثر، ولاسيّما القسم الذي درست فيه قسم التّقنيات المسرحية اختصاص تصميم الإضاءة، فهناك أمور جديدة لا نهتمّ فيها كما البلدان الأخرى، مثل الرّؤية البصرية والضّوء في العمل المسرحي ودوره الذي لايقلّ أهمية عن بقية عناصر العرض المسرحي الأخرى، مضيفاً: أمر مهمّ آخر لعب درواً في دراستي وهو أنّي قبل دخولي إلى المعهد كنت قد اتّبعت عدد من ورشات إعداد الممثّل وكان لي تجاربي المسرحية، ما أبقاني قريباً من التّمثيل ومحبّاً لاكتشاف الفضاء المسرحي أكثر، ومعرفة ماذا يعني أن أكون مصمم إضاءة مسرحية.. الدّراسة الأكاديمية جعلتني أعرف أكثر عن مدارس التّمثيل والإخراج بشكلٍ عام وغيّرت وجهة نظري تجاه كثير من الأمور، لقد كانت البداية مفتاحاً لمعرفة أكثر عمقاً حول أدوات الممثّل من صوت وليونة وخيال وتركيز، ومن العروض التي شاركت فيها خلال فترة الدّراسة “منشق” كمصمم إضاءة بالشّراكة مع قسم الدّراسات المسرحية ضمن مادة الدّراماتورجيا ومشروع تخرجي الفصل الأوّل كان العرض المسرحي “حيز ميز” وهو اقتباس عن نصّ “ماذا؟ أين؟” للكاتب “صموئيل بيكيت”، وفي الفصل الثّاني كان مشروع تخرّجنا “أنا الآخر” بالشّراكة مع قسم الرّقص وفيه صممت إضاءة ثلاث لوحات، وفي طرطوس اشتغلت بعد التّخرّج عرض “روبوت” للمخرج الرّاحل رضوان جاموس، وشاركت ممثلاً ومصمم إضاءة، وكانت تجربتي في هذا العمل مختلفة جدّاً ولا سيّما أنّها كانت آخر عمل للفنان قبل وفاته بفترة قليلة.

وبالسّؤال عمّا إذا كان علي يتدخّل بتصميم الإضاءة في العروض التي يشارك فيها كممثل لا كمصمم إضاءة أو إذا كان يشعر بالرّضا عن أداء زملائه، يجيب: عموماً، الأعمال التي أشارك فيها كممثل أكون أيضاً مصمم الإضاءة فيها، وفي حال كان هناك مصمم إضاءة آخر فبالتّأكيد نتناقش ونتبادل وجهات النّظر.

وأمّا السّؤال الآخر الذي لابدّ من طرحه فهو: ما الأمر الذي يدفع مصمم الإضاءة إلى التّمثيل في التّلفزيون والسّينما والمسرح؟ هل هو قلّة الفرص في هذا المجال والتي تعدّ العلاقات الشّخصية سببها؟ يوضّح علي: الأمر لا علاقة له أبداً بقلّة الفرص، وهذه المشكلة موجودة في كلّ مجالات العمل والاختصاصات، لكن الأمر يتعلّق بشغفي وحبّي لمهنة التّمثيل ولاسيّما تعبي وإصراري من الصّغر لكي أكون موجوداً في هذا المجال، وها أنا اليوم موجود وأتعلّم من كلّ عمل أشارك فيه.

تعب وجهد أثمر خبرةً ينقلها محمد بسّام علي إلى الرّاغبين في دخول عالم المسرح الغريب والجميل من خلال عمله كمدرّب مع مجموعة مدرّبين في ورشة مسرحية، في طرطوس، بعنوان: “المسرح الشّرطي عند ماييرخولد” والتي كان نتاجها عرض مسرحي بعنوان: “مين المفتش؟!” للمخرج غيث حسن عن نصّ “المفتّش العام” للكاتب “نيقولاي غوغول”، وعلى الرّغم من صغر سنّه فهو عضو في لجنة مشاهدة وتقييم العروض المسرحية في مسرح طرطوس القومي، وسؤالنا هنا: هل يعترض من هم أكبر سنّاً على وجوده في هذه اللجنة؟ يبيّن علي: عندما ترشّحت لهذه العضوية ومن ثمّ أصبحت من أعضاء اللجنة، بالفعل كان فارق العمري بيني وبين الموجودين كبير جدّاً، لكن لم يكن هناك اعتراض من أحد، بل على العكس لأنّي خريج والخريجون الأكاديميون الذين يشتغلون بالحقل المسرحي في طرطوس قلائل جدّاً، فقد كانوا سعداء بانضمامي إليهم وبالآراء ووجهات النّظر التي أقدّمها ممثلاً لجيلنا الجديد ورؤيتنا الشّابة في المسرح، لأنّ المسرح اليوم ليس كما في السّابق إنّه يتغيّر في كثير من التّفاصيل.

مسؤوليات وأدوار كثيرة يؤدّيها محمد علي في المسرح القومي بطرطوس، من تمثيل وتدريب إلى تصميم إضاءة وقراءة عروض، وفي وقت قريب سيقدّم عملاً من إخراجه أيضاً، فهل كان وجود هذا الأكاديمي في هذا المكان عبئاً أم ميزةً، وهل كان العمل بعيداً عن العاصمة أمرٌ متعبٌ أم لا؟ يجيب علي: طبعاً هناك جوانب إيجابية كثيرة منها ضرورة وجودي الفاعل بالحقل المسرحي بمدينتي، لقد شعرت أنّه من واجبي أن أقدّم أفضل ما لديّ على الأقلّ هذه الفترة، إضافةً إلى كوني أعدّ كلّ ما أفعله صقل لتجربتي الحالية وتجاربي في المستقبل، أمّا العمل في العاصمة فمختلف تماماً وضروري ومهم ويبقى أفضل من حيث الفرص ومن حيث ذهنية المسرحيين هناك، لذلك أحاول قدر الإمكان أن أوازن حضوري في المدينتين، على الرّغم من أنّه أمرٌ متعبٌ، وأمّا بالنّسبة للسّلبيات فمعروفة للجميع من حيث الأجور القليلة التي لا تساوي شيئاً في هذه الظّروف.

وكما معظم المسرحيين في بلدنا، يتجاوز علي كلّ ما ذكرنا من سلبيات وظروف عمل صعبة نعيشها جميعاً، ويتحضّر لعمله المسرحي الجديد من خلال إقامة ورشة عمل مدّة أسبوعين لاختيار الممثلين، يوضّح: بعد أن توقّفنا عن العمل بسبب الزّلزال الذي ضرب البلاد الشهر الماضي، نعود اليوم إلى البروفات الأولية لأوّل عمل مسرحي من إخراجي، وسيتمّ عرضه بعد شهر رمضان وهو من إنتاج وزارة الثّقافة مديرية المسارح والموسيقا.