الانتخابات الحزبية ما لها وما عليها! المعيار الوطني هو المقياس الأول والأهم.. لا ضبابية ولا رمادية في المواقف ولا تأثير للمال وللجاه
البعث الأسبوعية- بلال الفايز.. مدير مدرسة الإعداد الحزبي الفرعية في درعا
بعقل بارد وبقلب دافئ، نرى أن الانتخابات الحزبية هي تجربة حضارية وراقية، في حال تم الإعداد لها بشكل جيد، وتم توفير مستلزمات نجاحها، من حيث وجود أرضية مقبولة من الوعي لدى الجهاز الحزبي، وامتلاكه لثقافة الانتخاب، وتوفر الظروف المناسبة.
ولمناسبة الانتخابات الحزبية، يقول الرفيق بلال الفايز، مدير مدرسة الإعداد الحزبي الفرعية في درعا، أنه بشكل عام هي تجربة حديثة العهد الهدف منها هو معرفة قيادة الحزب أكثر لأراء وتوجهات وذهنية قواعد الحزب على أرض الواقع ، للوصول إلى تمتين قواعد الحزب التنظيمية والفكرية ومجاراة المتغيرات التي تعصف بالعالم، وليأخذ الحزب دوره الريادي المعهود في المجتمع، وبما أنها تجربة حديثة وحراك فكري وتنظيمي حميد، لنبعد الحزب عن حالة الجمود والسكون والنمطية في الأداء، فلا بد أن يكون لها ايجابيات، وسلبيات، فالتجربة صحيحة وإيجابية ومفيدة حتماً، لتستطيع قيادة الحزب اختيار الأفضل من الكفاءات الحزبية من القواعد الحزبية، بعيداً عن التعيين والتبني، إلا أن الخطأ ليس في التجربة و بالفكرة، بل المشكلة في تطبيقها على أرض الواقع نتيجة التواضع في مستوى الوعي الحزبي صراحةً، و لعدم امتلاك قواعد الحزب لثقافة الحوار، والانتخاب. أضف إلى ذلك الاصطفافات والتكتلات في الانتخابات على أسس مقيتة وكيدية و .. ، علماً أن هذه التجربة التي أجراها الحزب سابقاً، أفرزت عدداً مقبولاً من القيادات والكوادر المشهود لها بالنزاهة، والسيرة الحزبية والاجتماعية الحسنة، ونجم عنها حراك حزبي واجتماعي مفيد، إلا أنه وفي المقابل كان لها سلبيات وثغرات شابت التجربة، وحرفتها عن مسارها الذي تطمح إليه قيادة الحزب و قواعد الحزب والمجتمعات المحلية، عسى أن نتخلص منها في التجارب اللاحقة، نذكر منها أنها أقصت في أغلب الأحيان –دون تعميم على جميع الفروع الحزبية- عناصر وكفاءات عالية المستوى لا تمتلك المال والثقل العشائري .. نتيجة التكتلات الانتخابية على أسس شخصية وكيدية وأنانية وعشائرية ومناطقية .. وغيرها، خوفاً من إزاحة البعض من القيادات القاعدية عن مهامها ومواقعها، المتشبثين بها لمصالحهم الخاصة للأسف !؟ كما أنها لم توفق الانتخابات في تجربة ( الغوتة ) الشبابية والنسائية في قوائم الانتخابات في أغلب الحالات ! فلندع الشباب والمرأة لأخذ دورهما دون إجبار للناخب بهما، فالدور يؤخذ ولا يعطى ! فممكن أن تختار قيادة الحزب – وهذا من صلاحياتها وفق النظام الداخلي – عنصر الشباب والمرأة من الذي لم يوفق في الانتخاب – لاسباب قد تتعلق بذهنية المجتمع – وفق التسلسل في عدد الأصوات ! إضافة إلى أن المعايير التي وضعتها قيادة الحزب لقبول الترشيح، ولمن يحق له المشاركة في الانتخابات كانت فيها ثغرات! مثلا نسأل عن الحكمة وراء حصر شهادة المرشح بالثانوية وما فوق؟ لندع الأمر مفتوحاً دون تحديد الشهادة أفضل وأكثر عدلاً ! ونسأل أيضاً لماذا يحمل المرشح مسؤولية أولاده بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة طالما أن سيرته الاجتماعية و سجله الوطني والوظيفي نظيف؟ ولماذا لم يلحظ في المعايير والشروط الصادرة من قيادة الحزب الأفضلية لقدم تثبيت عضوية المرشح في الحزب؟! فتثبيت العضوية يعتبر بمثابة انتساب جديد للحزب وفي ذروة الخطر؟ فهل يتساوى من ثبت عضويته في عام ٢٠١٤ و ٢٠١٥ و ٢٠١٦ و ٢٠١٧ سنوات ذروة الحرب العدوانية، مع الذين ثبتوا عضويتهم لاحقاً بعد بداية تعافي الوطن !؟ ومن ثغرات المعايير والشروط عدم اعتبار مديرو مدارس الإعداد الحزبي الفرعية أعضاء أصلاء في مؤتمر الفرع ! فما الحكمة من استبعادهم من عضوية مؤتمر الفرع !؟ ولماذا تم حذف شرط إتباع دورة إعداد حزبي فرعية أو مركزية من مسودة الشروط للمرشح ؟ لهذا نقترح إعادة النظر في الشروط والمعايير المعمول بها لكونها حسب وجهة نظرنا تقصي كفاءات مهمة من الترشح! ونقول في هذا الصدد ألم تكن سنوات الحرب العدوانية القاسية والطويلة على سورية كافية، وأفضل وأنصع انتخاب للحزب !؟ خاصةً بعد أن تم الفرز بين الصالح والطالح بشكل واضح للعيان داخل الجهاز الحزبي، وكشفت معادن الجهاز الحزبي على حقيقتها !؟ فالمعيار الوطني وقدم التثبيت حسب وجهة نظرنا يجب أن تكون هي المقياس الأول والأهم من كل المعايير والشروط المعمول بها على أهمية الكثير منها، فهنا لا ضبابية ولا رمادية في المواقف ولا تأثير للمال وللجاه .. و بدون انتخاب أو استئناس! لأنه قد يظلم من وقف مع الوطن والحزب والجيش والقائد في ذروة العدوان! ولمنع وبتر المحاولات الانتهازية من أن تطل برأسها مرة ثانية، وبحلل جديدة مستخدمة النفوذ المالي أو الثقل العشائري وغيره، ولكي لا يظلم كل من وقف مع الوطن والحزب والجيش والقائد، في لحظة مصيرية ووجودية مر بها الوطن والحزب ، فلنتمسك بكل من برهن على صدق الانتماء والولاء بالممارسة وبالمواقف الجريئة وعلى دمه ومستقبل أولاده ، ولكي لا نندم ونظلم أحداً، كي لا تجفف منابع التغذية الوطنية ! والروافد التي تغذي الحزب بعناصر جديدة ! ولمنع العناصر الانتهازية في الحزب التي أصبحت تطل برأسها بعد زوال الخطر للسطو على المهام الإدارية والحزبية لتعيد سيرتها الأولى فساداً ووهناً وخذلاناً للحزب، فلا بد من أخذ العبرة والاعتبار، فالنفوذ المالي كان حاضراً ومؤثراً في التجارب الانتخابية السابقة للأسف، وكان عوناً لأشخاص نجحوا بغية تحقيق مصالح ومأرب شخصية ومنافع ، مما أضعف الأداء الحزبي. أما المعالجة فتكون بالعقاب الزاجر لمن ثبت أو يثبت لاحقاً أنه اتبع هذا الأسلوب!.
أما المحسوبيات والتكتلات والاصطفافات أيضاً كانت موجودة بوضوح وعلانية صراحة، ولم تعالج في حينها، فلو أنها عولجت وتم توجيه العقوبة الحزبية الشديدة بحق كل من تكتل، لانخفضت مثل هذه الحالات لاحقاً ! فالتحالفات أمر طبيعي تتم في كل الانتخابات في العالم ! .
أما التكتلات فهي مقتلة وتشويه للانتخابات لأنها تحرفها عن مسارها الصحيح، ولأنها تقصي الآخر بقسوة و بتشفي، مما يؤدي إلى أحقاد و شروخات حزبية واجتماعية في آن واحد، ويرتبك الأداء الحزبي، وتظهر الشللية في العمل داخل الحزب، وتقصي كفاءات مؤثرة .
أما التعيين بدل الانتخاب، فهو طرح عند عدد لا يستهان به من قواعد الحزب للمرحلة الراهنة وليكن ( مرحلياً ) ، وبعد أن يتعافي الوطن أكثر، عندها يكون الرجوع للانتخابات الحزبية أفضل بكثير من التعيين، فللتعيين سلبياته، ومنها ظهور حالة التبني والمحسوبيات، ولهذا نقترح المزج – مرحليا – مابين الانتخابات والتعيين مناصفة لاختيار قيادات الحزب القاعدية .
أما خيار الانتخابات المفتوحة فهو خيار له محاذيره كونه يؤدي إلى فوضى وارتباك، أما التوسيع النوعي المحدود لقاعدة الانتخابات انتخاباً وترشيحاً أكثر مما هو معمول به الآن ، فهو أمر حميد كونه يلجم من حدة تأثير التكتلات بالفعل على نتائج الانتخابات.
أما علاقة الحزب بمؤسسات الدولة والمجتمع فيجب أن تكون علاقة تكاملية، و بالمقابل أن لا تتمرد المؤسسات على توجهات الحزب. وبخصوص العلاقة مع المجتمع، فيجب أن تكون علاقة الحزب بالمجتمع علاقة وطيدة بحيث يأخذ الحزب دوره الريادي و الاجتماعي المؤثر، وأن يتواجد الحزب بين الناس، يحمل همومهم يعالج مشاكلهم يعزز ثقة الناس بالحزب، وأن تكون علاقة ثقة متبادلة تكاملية كي يتم مواجهة الجيل الجديد من الحروب ( الجيل الرابع والخامس ) الذي يخترق المجتمع من الثغرات والفجوات مابين الحزب ومؤسسات الدولة من جهة والمجتمع من جهة .
وعن العلاقات الداخلية في الحزب، فإن تطبيق الديمقراطية المركزية، وممارسة النقد والنقد الذاتي فعلياً لا شكليًا كافيان لانتظام حياة الحزب بشكل ايجابي وفعال. وفي مجال مسؤولية القواعد في إطار عملية توسيع المشاركة في الانتخابات واستعدادها لتحمل مسؤولياتها، فهذا أمر متروك لسير الانتخابات وللمعايير التي ستصدر عن قيادة الحزب، ونوعية المرشحين، بحيث أن لا تكون الأسماء هي نفسها ومكررة، وفي كل استحقاق انتخابي، لتكون الاستجابة من القواعد ايجابية لتتحمل حينها المسؤولية في توسيع المشاركة .
وبشأن مسؤولية القيادات لجهة الالتزام بمبادئ الحزب، فإن مسؤولية القيادات مضاعفة مقارنة بالقواعد، لهذا يجب أن تكون تلك القيادات قدوة في الالتزام بمبادئ الحزب، وذات سيرة وطنية واجتماعية وقيميه عالية .
وبالنسبة لفكرة إنشاء لجنة الإشراف على الانتخابات فهي فكرة إبداعية تريح القواعد والناخبين والمرشحين معاً ، لكونها تعطي ثقة أكثر في نزاهة سير الانتخاب، وتحد من التأثيرات الجانبية، خاصةً أن هذه اللجنة المشرفة تتمتع بالاستقلالية والصلاحية في البت بسرعة بأي خلل قد يحدث في سير عملية الانتخاب .
أخيراً تعول قواعد الحزب على أن تجرى عملية الانتخاب الحزبي بشكل تتقلص فيه الثغرات في التجارب السابقة، وأن تكون مخرجاتها أكثر توازناً وعدلاً وإنصافاً، بحيث نرى كفاءات وكوادر جديدة واعدة تعيد للحزب ألقه، وأن تعزز ثقة القواعد بالقيادات، وثقة المجتمع بالحزب، وأن تكون مقنعة للمجتمع، ومؤثرة وفعالة وميدانية في عملها، وأن لا تكون قيادات نمطية في عملها، بحيث تحمل رسالة الحزب على أكمل وجه، لا قيادات مكتبية، فالمهام الحزبية ليست وظيفة ومهنة بل رسالة، ومسؤولية لتكون استجابة الحزب أقوى تجاه التحديات المحدقة والمحققة التي تواجه الوطن والحزب والأمة وتداعيات الحرب العدوانية الإرهابية.
أمنياتنا لهذه التجربة بالنجاح، وتبقى توجيهات الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد، فيما يتعلق بالانتخابات الحزبية في افتتاح دورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب في ١٦ / ١٢ / ٢٠٢٣ ، هي توجيهات غاية في الأهمية ، لأنها تتصف بالواقعية والصراحة والشفافية والإبداع في التعامل مع المتغيرات التي عصفت بالوطن والحزب و المنطفة والعالم ، وتتصف بالبراعة في الحلول، والتشاركية في إيجاد المخارج المثلى لكل الصعوبات، والتكيف مع الواقع للعبور والانتقال بالحزب والوطن إلى مستقبل أفضل وأمل وفكر متجدد .