هل الانتخابات وسيلة أم غاية؟؟
د. بسام أبو عبد الله
– يرى البعض بمن فيهم داخل الجهاز الحزبي أن الانتخابات الداخلية القادمة لن تُغير من الواقع شيئاً، وبعض الآراء المتطرفة التي تلقيتها من أصدقاء ومحبين ترى أن الزمن قد تجاوز حزب البعث بشعاراته وطروحاته، وأداء قياداته المتسلسلة، والبعض أطلق علينا كبعثيين بأننا مستحاثات بشرية، وبالرغم من قساوة هذا الوصف، وعدم واقعيته، وتطرفه، لكنني لا أعتب على هذا الرأي، ولا أُسَفِّههُ، لأننا يجب أن نعتاد على الآراء الناقدة التي تُريد من حزب البعث الأفضل والأحسن، وتريد منه الأرقى في الممارسة، والسلوكية، وكذلك أن تكون قياداته قدوة في المجتمع من الشعب، ولأجل الشعب بخطابات واقعية، وبالأفعال وليس الأقوال فقط.
– في كل الأحوال في فمنا ماء غزير، لكن هذه المرحلة الجديدة، والتي وصّفها الرفيق الأمين العام للحزب الرئيس بشار الأسد خلال الاجتماع الأخير للجنة المركزية بأنها الأخطر في تاريخ الحزب، وهذا يعني الارتقاء لمستواها ومسؤولياتها الملقاة على عاتق البعثيين جميعاً قواعد، وقيادات.
– الانتخابات القادمة هي خطوة ليست كبيرة، كما أوضح الرفيق الأمين العام، لكنها ضرورية، ومهمة لحزب من أقدم الأحزاب المستمرة حتى اليوم في الوطن العربي، وستظهر نقاطاً مهمة:
-1- شكل، أو أشكال العلاقة بين البعثيين أنفسهم من جهة، وبينهم، وبين المجتمع من جهة ثانية.
-2- ستظهر الإيجابيات التي يجب تعزيزها، والسلبيات التي يجب معالجتها، وتفاديها، والرئيس الأسد هنا بعقليته المنفتحة، والناقدة يرى أن معالجة الأخطاء أفضل من التهرّب منها، أو نكرانها، كعادتنا….
-3- سأضيف نقطة هامة، وهي أن هذه الانتخابات ستُراقب من قبل الرأي العام السوري، وفي الخارج، وتعطي مؤشراً إيجابياً أو سلبياً، وإذا كان المؤشر سلبي، ولا أتوقع ذلك، فإن ذلك سيطفىء شمعة مضاءة في الظلام وسيكون ذلك إرتكاساً وطنياً، وسيقول معارضو البعث، أو ناقديه، ألم نَقُلْ لكم أن البعث لن ينجح في هذا الامتحان!!! وبصراحة أكثر فإن تجاربنا الانتخابية الماضية شابهها الكثير من العيوب والثغرات، الأمر الذي يدفع البعض للنظر بحذر للتجربة القادمة، ومن هنا أفهم تماماً توصيف الرئيس الأسد بأن المرحلة القادمة هي الأخطر في تاريخ الحزب.
-3- تتعلق بالانتخابات
– هناك جوانب أخرى ركز عليها الرفيق الأمين العام في اجتماع اللجنة المركزية، وهي ثلاث نقاط:
* توسيع المشاركة في انتخابات القيادات، لأنها ترفع من مستوى القواعد، وتحمّلها المسؤولية عن الانتخابات ونتائجها، وتضعها أمام تحدٍ يجب تقبّله، والنهوض بتبعاته.
* تجاوز مشكلات التدخلات، والتكتلات السلبية التي ظهرت سابقاً، بما يرفع من مستوى الوعي، والأداء والالتزام.
* الخطوة الجديدة المتقدمة هي في تشكيل اللجنة العليا للانتخابات التي أوضح سيادته أهدافها:
– حماية القواعد من تدخل القيادات
– حماية القيادات من الاتهام بالتدخل
– أما النجاح في هذه الخطوة أي (الانتخابات) سوف يُمكّن العمل الحزبي، ومؤسساته لاحقاً من المساهمة، والانخراط في السياسات الوطنية لتحسين المنظومة العامة وتغييرها نحو الأفضل وفق آليات جديدة، ودقيقة، ومضبوطة، وواعدة، والخلاصة هنا: أن الانتخابات وسيلة لغاية، وليست غاية كما قد يفهمها البعض، فالمرحلة القادمة خطرة، وحساسة، وتحتاج إلى جهود كبيرة للانتقال التدريجي نحو الأفضل، وتمكين الحزب من أن يكون الذراع القوية بيد الرئيس الأسد لإحداث التطوير، والإصلاح، ومواجهة التحديات، واقتناص الفرص، ولا أقصد بالذراع القوية (المفهوم السلطوي لها) بل القوة الناعمة المؤهلة، والمتمكنة، والمقنعة لجيل الشباب قبل الكبار.
– يسألني كثير من الرفاق الشباب الذي أدربهم في مدرسة الإعداد المركزية حول الانتخابات، فأنصحهم بالاستمرار بتأهيل الذات أولاً علماً، وتدريباً كما أقول لهم: لنعيد معاً ما كان البعثيون يفعلونه سابقاً في انتخاباتهم عندما كان البند الأول في أي عملية إنتخابية هو:
– من يرشح غيره، ولماذا؟ وليس من يرشح نفسه الذي يأتي كبندٍ ثانٍ، ولذلك علينا أن نتمتع بالموضوعية من جهة، والتركيز على الأفضل، والأكفأ، إضافة لنقطة أخيرة، وهي: أن الفوز بالانتخابات – يعني أن مسؤولية كبيرة ألقيت على عاتق الرفيق الفائز، وأن المحاسبة والمساءلة قادمة إذا قصَّرَ، أو أدار ظهره لناخبيه، وهو موضوع يحتاج لمقال لاحق، لأن ما يجعل السلوك السيء، والممارسة السلبية تُضِرُ بالجسد البعثي، هو غياب الثوابت، والعقاب، وهو موضوع يرتبط بالمأسسة التي يريدها الرفيق الأمين العام للحزب كي يكون الانتخابات وسيلة لغاية وهي الصالح العام، وليس سُلَّماً لوصول الانتهازيين وغيرهم.
وللحديث بقية