فاتورة الجزار تتزايد
تقرير إخباري
يراقب محافظ بنك “إسرائيل” أمير يارون بقلق التكاليف المتزايدة للحرب على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، حيث كانت حكومة بنيامين نتنياهو قد وعدت في البداية بزيادة ميزانية الدفاع بمقدار 20 مليار شيكل (5.48 مليارات دولار) سنوياً في أعقاب الحرب. ومع ذلك، وفقاً لوثيقة من وزارة المالية قدّمت إلى لجنة المالية بالكنيست في 25 كانون الأول الماضي، من المرجح أن يكون هذا الرقم أعلى بمقدار 10 مليارات شيكل، كما تتوقع الوزارة أيضاً أن تكلّف الحرب حوالي 50 مليار شيكل (13.8 مليارات دولار)، ومن هذا المبلغ، سيتم تخصيص 9.6 مليارات شيكل لتغطية نفقات مثل إخلاء السكان بالقرب من الحدود في شمال وجنوب كيان الاحتلال، ودعم قوات الطوارئ، وإعادة التأهيل.
إن زيادة الميزانية العسكرية أمر متوقّع ومتوافق مع ميول سلطات الكيان الإسرائيلية. والأمر اللافت للنظر هو أن نتنياهو اعتبر الإنفاق العسكري الإسرائيلي غير كافٍ بشكل عام عندما يُنظر إليه كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. فبين عامي 2012 و2022، انخفض الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 5.64 إلى 4.51 في المائة. إن القيام بهذا من شأنه أن يمكّنه من الزعم بأنه بريء من اللوم عن هذا الانخفاض في الإنفاق العسكري، وإظهار أنه ينوي تصحيح مشكلة لم يكن له ذنب فيها. وحتى في زمن الحرب، يثبت نتنياهو أنه متقلب في صنع سياسته.
وكان الهدف من الميزانية التكميلية لمنتصف شهر كانون الأول لعام 2023، البالغة 28.9 مليار شيكل، هو تغطية الصراع المستمر مع المقاومة الفلسطينية. لكن مع ذلك لم تكن الموافقة عليها عالمية. وأشار معارضو الميزانية إلى تخصيص مئات الملايين من الشواكل لـ”أموال الائتلاف” المخصصة للمشاريع غير المرتبطة بالحرب والمتعلقة بالبرلمانيين والوزراء.
وقد عبّر محافظ البنك يارون عن بعض مخاوفه في 18 كانون الأول بقوله: “خلال هذه الفترة، أكثر من أي وقت آخر، من الضروري إدارة السياسة الاقتصادية، المالية والنقدية، بمسؤولية كبيرة. ارتفاع عدد الضحايا يهم يارون أقل من أرقام الميزانية ويضرّ بسمعته في الأسواق، على الرغم من أن قتل الفلسطينيين هو عمل مكلف. وأضاف :”يتوجب على الحكومة الإسرائيلية إيجاد التوازن الصحيح بين تمويل نفقات الحرب والزيادة المتوقعة في الميزانية العسكرية والحاجة إلى مواصلة الاستثمار في ميزانيات مدنية أخرى، وهي منخفضة بالفعل، ولا سيما في محركات النمو مثل البنية التحتية والتعليم”.
ومع ذلك يعِد نتنياهو بأن القضاء على المقاومة الفلسطينية سيتم من خلال الالتزام الكامل بالقانون الدولي، الأمر الذي يثير التساؤل حول نوع كتب القانون الدولي التي يرجع إليها ويعمل بموجبها. ومن خلال الأخذ بعين الاعتبار التصريحات الرسمية المختلفة الصادرة عن حكومته، لا بد أن يكون القانون الذي يعود إليه هو قانون الغاب. وقد سمح هذا المعيار نفسه من التحليل القانوني بارتكاب مجازر واسعة النطاق راح ضحيتها أكثر من 20 ألف فلسطيني، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، والتدمير المستمر لقطاع غزة، والتدمير الكامل للبنية التحتية الحيوية.
ستثبت الحرب الحالية ببساطة أنها نفس الحروب السابقة، متغيرة وقابلة للتعديل وتغيير الشكل. ويبدو أن الصراع الذي لا ينتهي يستدعي وسائل أخرى مع استمرار تزايد الكراهية، تاركاً “إسرائيل” أمام فاتورة جزارة ضخمة وقائمة متزايدة من الضحايا.
عناية ناصر