“مزارع الاعتمادية” رفعت إنتاج الحمضيات.. ماذا عن التسويق ومعاناة الفلاحين المستمرة مع تدني الأسعار؟!
أرقام مبشّرة جاد بها موسم الحمضيات للموسم الزراعي الحالي، حيث قُدّرت أرقام الكميات المنتجة بـ 850 ألف طن، وربما كانت تجربة مزارع الاعتمادية التي طبقت في عدد من المحافظات خطوة إيجابية تبيّن أهمية الاتجاه نحو خطوات مدروسة في الزراعة، واعتماد الأصناف المحسّنة في تلك المزارع المجدية اقتصادياً، والمرغوبة في التصدير، حيث تمّ للمرة الأولى تصدير كميات من الحمضيات وأصنافها المختلفة إلى العراق والأسواق الخليجية، لكن عدة أسئلة تطرح نفسها منها: ماذا عن باقي المزارعين الذين باتوا يتهيبون من الخير الوفير الذي تجود أشجارهم به كل عام؟ فمحصولهم لا يجد الطريق المناسب إلى المستهلكين، ويبيعونه بالرخيص ويصل للمستهلكين بالغالي، ويذهب الفارق لجيوب السماسرة، وثمناً لتكاليف التنقل بين المحافظات، وهل تطبق الخطط التي توضع كلّ عام والوعود التي تعرف مسبقاً معاناة الفلاح بهذا الخصوص؟
لا شكّ أن من المهمّ جداً استمرار الدعم للفلاحين الذين يحافظون على هذه الزراعة المرتبطة بالساحل، ولم ينتقلوا بعد للأصناف الجديدة، والزراعات الاستوائية التي باتت بالنسبة للكثيرين أكثر جدوى اقتصادية!.
نجاح ملحوظ
مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة المهندس نشوان بركات أكد النجاح والفارق الملموس الذي تحقّق من برامج الاعتمادية بعدما طبقتها الوزارة في الساحل، حيث ارتفعت كميات الحمضيات المنتجة هذا الموسم، ووصلت تقديرات الإنتاج للموسم الحالي 2023-2024 إلى نحو 850 ألف طن، منها 175 ألف طن في طرطوس و650 ألف طن في اللاذقية، في حين كانت نحو 150 ألف طن في طرطوس و500 ألف طن في اللاذقية الموسم الماضي.
مزايا تفضيلية
بركات أوضح أن المزارع التي اعتمدت هذه البرامج حصلت على مزايا تفضيلية ضمن خطة الحكومة لدعم الإنتاج الزراعي والمزارعين في سورية، ومنهم مزارعو الحمضيات في المنطقة الساحلية، حيث حققت الربط بين السلاسل التسويقية ابتداءً من الزراعة فالإنتاج فالتعبئة فالتصدير، كما حققت عدة أهداف أهمها زيادة كمية وقيمة الصادرات الزراعية عبر تحسين جودة المنتج وتسويقه بشكل أفضل، وتحقيق عوائد جيدة للعاملين فيها، مع تحسين سمعة المنتجات الزراعية السورية والحفاظ عليها، حيث يتمّ حالياً إعداد قاعدة بيانات دقيقة للمزارع المترافقة مع شروط التصدير، وتحديد كميات الإنتاج وجودته ومواصفاته بدقة، وعليه توجيه التسهيلات الحكومية والدعم الحكومي لمستحقيه وفقاً لبيانات واضحة ودقيقة، مبيناً أن المزارع التي تمّ اعتمادها للموسم الحالي في محافظة طرطوس كانت 17 مزرعة وفي اللاذقية 44 مزرعة.
خصوصية زراعية
من جهته برّر رئيس مكتب الخدمات المهندس فراس عليان أن أي انخفاض ملاحظ في الأسعار للموسم الحالي مرتبط بالخطة التسويقية وطبيعة المنتج الزراعي وخضوعه للعرض والطلب، حيث إن كمية الإنتاج للموسم الحالي جيدة جداً من حيث النوع والكمّ، وبالتالي فإن المعروض كبير جداً مع انخفاض نسبي من كمية المصدر نتيجة الظروف الحالية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات اللازمة للشحن بين المحافظات، فنلاحظ اليوم أن الفلاح يبيع المنتج في أرضه بسعر 1000 ليرة للكيلو في حين يصل إلى المحافظات الداخلية بـ5000، في الوقت نفسه دافع عليان عن الجدوى من زراعة الحمضيات، معتبراً أن أشجار الحمضيات من الأشجار التي تتطلّب عناية متوسطة كي تعطي مردوداً جيداً، فالزراعة يجب أن تكون من الزراعات الناجحة والمهمّة في المناطق الساحلية، لكن جملة معوقات يعاني منها الفلاح اليوم تضع العراقيل أمام هذه الزراعة، وأهمها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من (أسمدة- أجور نقل- عبوات- عمالة) وغير ذلك.
عليان أكد في المقابل أن الوزارة تعمل على تقديم جميع أشكال الدعم الفني والمادي المتاح (مواد جاذبة- أعداء حيوية)، كما تقوم بالتنسيق والتواصل مع الجهات المعنية بهدف تذليل جميع العقبات والصعوبات التي تعترض عملية الإنتاج والتسويق، مؤكداً أنه يجري حالياً تصدير كميات من الحمضيات إلى أسواق العراق والخليج.
خطط تسويقية
القائمون على العمل في مكتب الحمضيات اعتبروا أن تطبيق الخطة التسويقية لهذا الموسم، والعمل على إنجاحها، من شأنه إعادة إنعاش زراعة الحمضيات في الساحل عبر عدة خطوات، واتفق القائمون على الخطة التسويقية هذا العام والعمل عليها، حيث سيتوجّب على السورية للتجارة استجرار 20 ألف طن مع التركيز على تسويق أكبر كمية ممكنة منها خلال فترة ذروة الإنتاج الشهر (12– 1)، في المقابل يتمّ دعم السورية للتجارة بمبلغ 7 مليارات ليرة كحدّ أدنى لتقدير قدرتها على تسويق الإنتاج، كذلك العمل على تخفيض السعر الاسترشادي لبرّاد الحمضيات من 8000 دولار إلى 2000 دولار، وقيام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بإقرار دعم تصديري للحمضيات عبر مرحلتين، الأولى دعم 25% من كلفة الشحن البري والبحري خلال الفترة من 1/ 11/ 2023 حتى 28/ 2/ 2024، والثانية دعم 10% من كلفة الشحن البري والبحري خلال الفترة من 1\ 3\ 2024 وحتى 30/ 5/ 2024، كذلك دعم مصدّري الحمضيات من أجل استجرار وتصدير ما لا يقلّ عن 150 ألف طن، والعمل على تزويد حاجة مشاغل الفرز والتوضيب بكامل احتياجاتها من المازوت بسعر 8000 ليرة حسب الطاقة الإنتاجية لكل مشغل على حده.
محمد محمود