اقتصادصحيفة البعث

لسنا ضدها.. بشرط!  

قسيم دحدل 

على الرغم من تأكيد وزير الكهرباء أن لا خصخصة أبدا لقطاع الكهرباء، لأنه ببساطة قطاع سيادي، لكننا لا نستغرب إذا ما تم “تخصيص” هذا القطاع وفق صيغ يمكن وصفها بشبه الخصخصة..!

ما تقدمنا به من رأي لم يأت من فراغ، وإنما من مؤشرات تشي بأن قطاع طاقتنا الكهربائية يُقضم شيئا فشيئا من القطاع الخاص..!

ثلاثة مؤشرات هي التي دفعتنا لقول ما أسلفنا، لعل أولها، لناحية الوزن في ترجيح كفة “الخصخصة”، ما تم تجييره تحت عنوان “الدفع الإلكتروني”، ونقصد دفع الفواتير ومنها فواتير الكهرباء، والذي نعتبره بمثابة نقل لخدمة تسديد الفواتير من كوات الجباية الحكومية – التي لم تكن تأخذ شيئا – إلى محال الموبايلات والمراكز الخاصة التي أصبح لديها باب رزق جديد مستدام تحت مسمى “خدمة مأجورة أو عمولة”..! وهذه الخطوة يمكن أن تكون تمهيدا لخطوات أخرى، كإطلاق يد القطاع الخاص للاستثمار في مجال التأشير والفوترة بشكل موارب. وللعلم أن هذا الموضوع طالما كانت قد طرحته وزارة الكهرباء على مدار حكومات متعاقبة حتى ما قبل الأزمة..!

ثاني المؤشرات ما يدعى بـ “الأمبيرات” سيئة الصيت والتأثير، التي لم يعد يقتصر مستثمرها على مولدته الخاصة في إنتاج الكهرباء من الديزل ( لا نفهم كيف يتم توفير المازوت له بينما المواطن محروم منه..!!)، لا بل غزا مؤخرا محطات التوليد عبر بوابات محطات التحويل الحكومية لاستجرار الكهرباء المولدة حكوميا، وبيعها للمشتركين بنظام  “الأمبيرات” الخاص..!، والسؤال الذي يطرح هنا: ما دام باستطاعة الحكومة أن تؤمن المازوت للمستثمر الخاص ليبيع الأمبيرات، فلماذا لا تقوم هي بذلك وتحقق ما تصبو إليه دون هذه الحلقة الوسيطة..؟!.

أما ثالث المؤشرات فيتمثل بعقود التشغيل الحصرية لمحطتي توليد كهرباء دير علي وتشرين، التي وقعتها الحكومة مع أحدى الشركات الخاصة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يعني ذلك خصخصة للإدارة؟! وإن كان كذلك، فكيف يمكننا أن نفهم بقاء معظم العاملين السابقين في تسيير الأعمال ذاتها؟! وما هو التغيير الفارق والقيمة المضافة و، و.. التي يمكن أن تضيفهما الشركة الخاصة، ولم تكن تقدر عليه الإدارات الحكومية السابقة للمحطات، ويقدر عليها مهندسوها وفنيوها وعمالها، الذين أول ما تغير عليهم هو رواتبهم التي أصبحت بالملايين لا بمئات الآلاف، رغم قيامهم بالأعمال نفسها..؟!

“خصخصة” لسنا ضدها، شريطة أن تكون “بكفوف وردية”، وأن توصلنا في نهاية المطاف إلى تغيير جوهري ينقل هذا القطاع مما يعانيه من مظلومية واختلالات أدت ليكون “الحيط الواطي”، حين تحضر حلول الطاقة على طاولة البحث والدراسة والاستثمار.. حلول تعيده ليكون فعلا عصب الحياة والاقتصاد، دون أن ننسى وجوب مراعاة القدرة المالية للشرائح الضعيفة التي من حق حقوقها الدستورية حصولها على الطاقة الضرورية لمستلزماتها الاقتصادية والإنسانية.

Qassim1965@gmail.com