نادين خوري: الفن لا يعترف بالفرديّة والدراما السوريّة لم تتراجع
أمينة عباس
افتتح النادي الأدبي الثقافي في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة- ملتقياته الشهريّة لعام 2024 بلقاءٍ حمل عنوان “أمنيات عام جديد في الأدب والفن والثقافة”، وحلّت الفنانة نادين خوري ضيفة عليه، وبيّن الدكتور راتب سكر المشرف على النادي أنه ارتأى في الجلسة الأولى للنادي في عام 2024 أن تكون تحت هذا العنوان، وأن تكون الفنانة نادين خوري ضيفة الجلسة التي أدارها برفقة الكاتبة أريج بوادقجي، وذلك تقديراً لها بعد نيلها جائزة الدولة التقديرية لمسيرتها الفنية وما امتازت به من صدقٍ في أدائها للشخصيّات التي تؤديها وحضورها الخاص.
الفن لا يعترف بالفرديّة
وردّاً على العديد من الأسئلة التي وُجِّهَت إلى خوري من قبل الحضور وأعضاء النادي، أكدّتْ بدايةً أن أمنياتها مع بداية العام الجديد هي أمنيات الجميع في أن يعمّ الأمن والسلام في المنطقة عامّةً وفي سورية خاصة، ليعود الفرح لقلوب السّوريين الذين أتعبتهم الحرب وارتداداتها، معولةً على أهميّة العقول النيّرة في المشهد الثّقافي لقيام نهضة جديدة لنكمل الحياة متعافين من كل الصّدمات، و موضحةً أن التمثيل لم يكن من ضمن أحلامها، وكانت ترغب بعد نيلها لشهادة البكالوريا دراسة اللغة العربيّة، لكن الصدفة قادتها إلى المشاركة في تجربة أداء أمام أحد المخرجين الذي اختارها للمشاركة في فيلم سينمائي بعنوان “حبيبتي يا حب التوت” لتتتالى بعده مشاركاتها في أفلام منها “القلعة الخامسة” و”قتل عن طريق التسلسل”، إذ وقفت أمام كبار الفنانين السوريين الذين احتضنوها وقدّموا لها النصائح، مبينةً أنها تعلّمتْ منهم الاحترام والصدق وحب الشخصية التي تؤديها وحب النص والمكان الذي يتم فيه التصوير، مضيفةً: “هذا ما تعلّمته من المدرسة العريقة التي لم تعد موجودة، اليوم، باستثناء وجود قلائل ينتمون إليها”، ومعترفةً بأن بوابتها لعالم الفن كانت من خلال السينما والمؤسسة العامة للسينما صاحبة الفضل الكبير عليها، ورافضةً أن تقيّم ما قدّمته لقناعتها أنها ليست في موقع التقييم لنفسها، لأنه من المعيب أن يقيّم الممثل مسيرته ليقول في النهاية بأنه وصل، وذلك لإيمانها بأن الجمهور هو من يقيّم مسيرة أي ممثل، مع إشارتها إلى أن الفن لا يعترف بالفرديّة وهو يقوم على العمل الجماعي وأن نجاح الممثل لا يتحقق فيه إلا بفضل مجموعة كبيرة قسمٌ كبيرٌ منها يقف خلف الكاميرا.
الدراما السوريّة لم تتراجع
كذلك أكدّت خوري أن الدراما السوريّة لم تتراجع كما يردّد البعض، وهي إن بدت كذلك فلأنّ عدد الأعمال المنتجة قلَّ بسبب الحرب، حيث كان يُقَدَّم نحو 45 عملاً قبل عام 2010، موضحةً أنه على الرغم من قلّة عدد الأعمال المُنتَجة لكن حضور الدراما بفكرها وقضاياها لم تتراجع بسبب وجود كتّاب قادرين على رصد مختلف الموضوعات الهامة، ولذلك لم تذهب الدراما السوريّة -برأيها- في يوم من الأيام باتجاه الأعمال السّطحية، وهي مؤمنة بأن الدراما تتراجع فقط عندما لا تتناول القضايا المهمّة، معبّرةً عن تفاؤلها الدائم، وأن الأيّام القادمة في الدراما السوريّة ستكون هي الأجمل، لوجود جيل جديد من الشباب الذين يحاولون إثبات ذاتهم ويقدمون رؤاهم الإخراجية بطرق مختلفة.
لأنها بلادي
وعن أحبّ الأعمال إلى قلبها من بين الأعمال التي شاركت فيها، بيّنت خوري أنها تفتخر بكل الأعمال التي شاركت بها، وهي بالنسبة لها على درجة واحدة من الأهمية، لكنّها توقفت عند عمل “لأنها بلادي” إخراج نجدت أنزور، لأنه يحاكي الواقع في أحداث سورية بوقائع وقصص حقيقية بأماكنها وتواريخها وأسمائها، مع تأكيدها أنّ أي مسلسل مهما كان المخرج فيه بارعاً والممثل مبدعاً لن يعبّر عن الواقع الذي عشناه، وأن تناول الحرب بشكل صحيح يحتاج إلى وقت طويل، لذلك فإنّ الدراما اليوم مطالبة بعكس الواقع ومشاكل أبنائه وأزماتهم والحالة الاقتصادية ومحاولة ترجمتها دراميّاً، أما الكوميديا التي قدمتها في سنوات ماضية وكانت في عمرٍ صغير، فقد رأتها في عمرٍ كبيرٍ مغامرةً لأي ممثل، لأنها لا تقبل الحل الوسط كما في التراجيديا، فهي إمّا أن تنجح أو تفشل، وموضحةً أنها تؤمن بكوميديا الموقف وترفض كوميديا التهريج التي تعتمد على كوميديا الجسد، وأن الأعمال التي رفضتها على هذا الصعيد كثيرة لأن النص فيها ليس مبني على كوميديا الموقف، أما بالنسبة للأعمال المشتركة فرأتْ خوري أنها موجودة منذ التسعينيات، حيث قُدِّمَت مجموعة من الأعمال السوريّة المشتركة كان التعاون فيها ما بين فنانين من الوطن العربي، وهذا يؤدي إلى تلاقح الأفكار والتّعلم والاستفادة من خبرات الآخرين، فوجود فنّانين من أنحاء الوطن العربي في عمل درامي واحد برأيها يغني هذا العمل ويقّدم وجبة دراميّة ممتعة لمُشاهد تروق له هذه النوعية من الأعمال، ومبينة لمن يعتقد بعدم عملها في المسرح، أنها سبق وشاركت في مسرحية “بانتظار عبد الفتاح” إخراج طلحت حمدي، كذلك في مسرحية شعرية بعنوان “الربان والقوافي” التي تم تقديمها في قصر المؤتمرات، ومسرحية “الأيقونة السوريّة”، وختمت نادين خوري كلامها بقول إنّ الفشل كان خير معلم لها وإنها ما تزال تتعلّم من كل لحظة تعيش فيها.
نموذج درامي
أمّا الكاتب والإعلامي عماد نداف فقال إن الفنانة نادين خوري قدمت نموذجاً درامياً مهمّ جداً وصاغ سمعة محترمة للفنانة السورية، عبّرت من خلاله عن الفنان الذي يريد أن يقدّم رسالة في فنه، وهي التي بقيتْ في سورية خلال الحرب ولم تهاجر كما فعل آخرون، مشيراً إلى أنها قدّمت كماً كبيراً من الأعمال الدراميّة تشبه المدرسة لأنها منحت الشخصيّة الدرامية التي تؤديها حقها في أن تعبر عن نفسها بالصيغة المثلى، وأنها في الكوميديا التي قدّمتها اعتمدت على كوميديا الموقف فلم تفتعلْ ولم تستند إلى الجسد في الإضحاك، كما فاجأ الكاتب والمخرج السينمائي علي العقباني الفنانة خوري برسالة كتبتها وأرسلتها الممثلة المغربية نجاة الوافي تعبّر من خلالها عن محبتها وتقديرها لها وتحكي فيها عن لقائها بها في أحد دورات مهرجان دمشق السينمائي، في حين بيّنت سارة زيتوني ـ أحد أعضاء النادي ـ في كلمة لها أن نادين خوري خلال مسيرتها لم تترك فرصة لتعبر فيها عن محبتها وتمسّكها برسالتها السّامية في الفن، وهي التي كسبتها فكانت قدوة لكل فنان وإنسان في أن يجسّد الحقيقة، كذلك في تواضعها وابتسامتها الجميلة.