ثقافةصحيفة البعث

بألوان المحبة.. “تحية إلى الصحفي عبد الخالق قلعه جي”

حلب- غالية خوجة

يتراكم أثر الكلمة والمعنى والصوت ليشكّل أثيراً من شعاع يمتزج مع الأعماق الإنسانية الشفافة، وينتشر بين الأرواح بهيئات مختلفة تزهر في مجالاتها الحيوية النشطة ولو بعد حين، وهذا ما تعكسه المبادرة الاستثنائية لتحية الشخصيات الإعلامية الحلبية من خلال معرض تشكيلي سيصبح تقليداً سنوياً، مبادرة ارتأى اتحاد الفنانين التشكيليين فرع حلب أن يطلقها بعنوان “تحية إلى الزميل الصحفي عبد الخالق قلعه جي” بالتعاون مع اتحاد الصحافيين ومديرية الثقافة في صالة الأسد للفنون الجميلة، وبمشاركة أربعة فنانين.

أثر الحضور بين أثير الألوان وأثير الوفاء 

وخصّ عبد الخالق قلعه جي الإعلامي المكرم، مدير إذاعة حلب السابق “البعث” بقوله: “يحمل هذا المعرض الكثير من العناوين والرسائل، وهي عناوين ترقى لحضور فعل القيمة المتمثلة بالوفاء على الصعيد الشخصي والمهني والعام، وفي ذلك ملامح جد إيجابية تقول بواحد من مفاتيح الأمل الذي نعمل به وعليه لنستمر وننشد القادم الأجمل”.

وتابع: “بما حمله من عنوان، هو تحية، أراني واحداً ممن ترفع لهم، ابتداءً من الرواد والأعلام الذين أسسوا وأشادوا صرح إذاعة حلب الحبيبة منذ تأسيسها في عام ألف وتسعمائة وتسعة وأربعين، وبها كثيراً أعتز وأزهو وأفتخر، أني أمضيت فيها عقوداً من حياة، وأني إليها أنتسب، وإليها أرفع هذا المعرض التحية، ولشهباء القلب والروح ولوطني الحبيب وغده الأجمل”.

أمّا عن تجربته، فحدثنا قلعه جي: “تجربتي الإعلامية حملها مخزون من بعض معارف في الفكر والفن والأدب وكثير من محبة، وأساتذة معلمون أخذوا بيدي وسقوني فنون عملي الإذاعي بمختلف مشاربه وألوانه، فكان أن تسامى وتماهى يوماً بعد آخر وأعواماً بعد أخرى لترتسم دائرة العروج وأرتشف عذب الفناء”.

واسترسل: “إذا كنّا تحدثنا عن القيمة فالأمانة تقتضي الاعتراف بأني مدين لعملي الإعلامي، الذي لم أره يوماً، إلا وحدة واحدة على اختلاف أنواعه ومسمياته، وتتعدّد الحوامل والرسالة واحدة.. مدين بما شكلني في جوانب وبما أثرى وبما غاص إليه فيّ من كامنات، أما رسم المحبة فقد ارتضيت عربونها، سلافة عمر وحياة، ولعلّي إن عادت آلة الزمن دورتها لعدت من جديد وأعدت ما أنا فاعله، كما أني أتقدم بكل الشكر والتقدير والامتنان لتلك الأنامل التي قدمت تفاصيل الوفاء، ولاتحاد الفنانين التشكيلين فرع حلب، واتحاد الصحفيين ومديرية الثقافة في حلب”.

تقليد سنوي لإعلاميي حلب

وعن هذه المبادرة، أخبرنا التشكيلي المشارك إبراهيم داود، أمين سر فرع حلب لاتحاد الفنانين: “هو عبارة عن معرض وفاء فني من الفنانين التشكيليين من خلال اتحادهم، ليقدموا التحية بطريقتهم لإعلاميي حلب، وسيكون معرضاً دورياً سنوياً لتكريم إعلامي أو صحفي قدم جهداً متميزاً في مسيرة الحركة الفنية التشكيلية بحلب، وأتت البداية مع الإعلامي عبد الخالق قلعه جي الذي لم يتوانَ يوماً عن مواكبة كل المعارض الفنية للاتحاد من خلال إذاعة حلب، ولذلك، فالاتحاد يقدّم التحية له ولكل إعلامي يساهم في إنجاح النشاط الفني التشكيلي”.

وتابع داود: “يشترك أربعة فنانين في هذه التحية، إذ تقدّم ابتسام مجيد مجموعة أعمال زيتية بأسلوب واقعي، ويعرض خلدون الأحمد مجموعة أعمال حروفية حديثة أساسها الحرف وشكلها التجريد بعيداً عن القاعدة للخط العربي، ويشارك الدكتور محمد زاهر عيروض بمجموعة لوحات حروفية، معتمداً القاعدة في الخط بأسلوب حديث، وأشارك بأعمال زيتية وأسلوب تعبيري، بين رسم وحروفية، ولكل منا مدرسة وأسلوب مختلف، فتحية لكل من ساهم في إنجاح أي نشاط يخدم بلدنا ولكل ضمن اختصاصه”.

ألوان محبة ورسالة تكريم

وأكد التشكيلي المشارك خلدون الأحمد أهمية هذه المبادرة، وكيف تكون تحية حب ووفاء وتكريم لشخصيات إعلامية فكرية ثقافية فنية أعطت في مجالها، والتي انطلقت مع الإعلامي عبد الخالق قلعه جي الذي قدم للإذاعة جل عطائه وحبه”، مضيفاً: “لقد كتبت اسمه بألواني لتكون لوحة “بروشور” المعرض، ولتحمل الألوان رسالتها ممتنة لهذا العطاء، وأشارك بستة أعمال جديدة تتضمن تكوينات لإيقاع الحرف العربي ضمن حالة التشكيل واللون والاحتفال بلغتنا العربية التي تجعلني في حالة بحث دائم عن تكوينات جمال الحرف العربي، وعن الصياغة الروحية بين العمل وحالة اللون الدائمة لتقديم جماليات عبر مساحات التشكيل”.

البعد الجمالي بإحساس صوفي

بدوره، أخبرنا الفنان المشارك الدكتور محمد زاهر عيروض: “أعبّر عن الوفاء والمحبة من خلال مشاركتي بأعمال زيتية تتضمن آيات من الذكر الحكيم، وأعمال حروفية متنوعة، يلتقي فيها خط الثلث مع التشكيل الحروفي معطياً بعداً جمالياً وإحساساً صوفياً بروعة الشكل وغذاء الفكر”.

واقعنا وآثار الحرب

بينما اختارت الفنانة المشاركة ابتسام مجيد أن تعكس لوحاتها الواقع المعاش وأثر الحرب كما أكدت لـ”البعث”.

ضوء سريع على إذاعة حلب

انطلقت إذاعة حلب عام 1949 ببث مباشر على الهواء، إلى أن اعتمدت تقنية التسجيل عام 1957، وكان مديرها الأول الباحث الموسيقي فؤاد رجائي، ويعدّ أرشيفها ذاكرة مهمة لحلب الشهباء بتراثها وحياتها ومنها ما قدمته من غناء وقدود وموشحات ومسلسلات وبرامج متنوعة بين الفكرية والموسيقية والأدبية والفنية والحياتية والثقافية.

ونلفت إلى فضائها المهمّ الذي كان ضمنه ما قدمه العلامة محمد خير الدين الأسدي من خلال برنامج “أنت تسأل عن حلب ونحن نجيب” ليكون برنامجاً أشبه بموسوعة حلب التي ألفها، و”أغاني القبة” الشعري النثري والصوفي، كما لن ينسى أهالي حلب المخرج والمذيع نذير عقيل وما قدّمه من برامج، وبكل تأكيد، لن ينسوا ما قدمه مدير إذاعة حلب الأسبق الإعلامي عبد الخالق قلعه جي من جهد امتد لأعوام في مختلف المجالات منها قراءاته لأشعارنا بإحساس بالمعنى والصورة عبْر هذا الأثير الحلبي الذي يؤدي رسالته في مختلف مفاصل الحياة، خاصة وأن إذاعة حلب واكبت ما حدث في الحرب الظلامية على سوريتنا الحبيبة، وواصلت حضورها في كل المجالات.