ثقافةصحيفة البعث

فايزة أحمد ومحمد سلطان.. شراكة أثمرت عشرات الألحان الخالدة

أمينة عباس

لا يمكن الحديث عن زمن الفن الجميل ضمن الأمسيات الفنية التي يقدّمها الباحث الموسيقي عثمان الحناوي بالشراكة مع المؤلف الموسيقي إيهاب المرادني في المنتدى الاجتماعي بدمشق من دون التوقف عند الأمسية التي قُدّمت مؤخراً عن الثنائي الملحن محمد سلطان والمطربة فايزة أحمد التي وصِفَت بكروان الشرق، وهي إحدى كبار نجمات الطرب التي صنّفها الكثيرون بأنها من أجمل الأصوات العربية، وقد تركت بصمتها بين كبار نجمات الطرب، وبيّنت الدكتورة حنان العاصي المشرفة على الأمسية أن الهدف من هذه الأمسيات الغوص في تراث عباقرة التلحين والغناء، وإعادة الألق إليه لتكون كل جلسة عبارة عن رحلة يشارك فيها الحضور بالاستماع إلى مسيرة حياتهم في عالم الإبداع والتمتع بالتسجيلات النادرة لهم والتي يحرص الحناوي والمرادني على تقديمها في كل أمسية.

اللقاء الأول

تحدث عثمان الحناوي عن اللقاء الأول لفايزة أحمد مع محمد سلطان في منزل الفنان فريد الأطرش في الوقت الذي كان سلطان يجاهد فيه في شق طريقه كملحن بوجود عمالقة التلحين، محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وفريد الأطرش ومحمد الموجي وبليغ حمدي، لذلك كان بحاجة إلى صوت كصوت فايزة أحمد لتحلّق ألحانه بينهم، وكان من حسن حظه أنها أحبته وآمنت بموهبته، فكان زواجها منه الذي استمر مدة سبعة عشر عاماً، قدمته خلال ذلك للساحة الفنية والإعلام، وشكّلت معه شراكة فنية أثمرت عشرات الألحان الخالدة التي صنعت اسم محمد سلطان كملحن وأبقت على نجاحها كواحدة من أصوات الصف الأول في عالم الغناء مثل “تعال شوف”، و”خليكو شاهدين”، و”غريب يا زمان”، و”يا ما انت واحشني”، و”أحلى طريق”، و”لا تدخلي”، و”علمتني الدنيا”، و”أيوة تعبني هواك”، و”حبيتك وبداري عليك”، و”دنيا جديدة”، و”على وش القمر”، و”مال عليّ مال”، و”ياما يا هوايا”، وكانت أغنية “ايوه تاعبني هواك” هي آخر أغنية قدّمها محمد سلطان لها، مبيناً أنه لا يمكن اختزال مشوار محمد سلطان في تجربته الكبيرة مع فايزة أحمد، فقد لحّن لهاني شاكر روائعه “لو كنت غالي”، و”حكاية كل عاشق”، و”مشتريكي”، وغيرها، ولسميرة سعيد “الحب اللي أنا عايشاه”، و”الدنيا كده”، و”حبيبي بيحبني”، ولميادة الحناوي “قدام عينيك”، و”آخر مرة”، و”ح أفكرك”، ولسعاد محمد “أوعدك”، ولمحمد ثروت “حاسب على قلبي”.. كما قدّم للساحة الغنائية العديد من الأسماء المهمّة أمثال مدحت صالح، ونادية مصطفى، ووضع الموسيقا التصويرية لنحو 50 فيلماً، أبرزها “التوت والنبوت”، و”النمر والأنثى”، و”الراقصة والسياسي”، و”همس الجواري”، و”زوجة محرمة”، منوّهاً بأنّ سلطان الذي رحل في عام 2022 عشق الموسيقا وتعلم العزف على العود والبيانو في طفولته، والتقى بالموسيقار محمد عبد الوهاب في عمر الـ12 عاماً، وحين استمع لعزفه تنبأ له بمستقبل مهمّ في عالم الموسيقا، لكن على الرغم من ذلك تعرّف عليه الجمهور بدايةً كممثل حين شارك منذ العام 1963 في أكثر من فيلم مثل “عيلة زيزي” للمخرج فطين عبد الوهاب، و”من غير ميعاد” إخراج أحمد ضياء.

كروان الشرق

وصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوت فايزة أحمد بـ”الكريستال المكسور”، ولُقّبت بـ”كروان الشرق” و”أيقونة الصوت الجميل”، ورأى الكاتب الصحفي المصري أنيس منصور أنها رحلت عن الدنيا وهي لا تعرف أن صوتها كان الأجمل بعد كوكب الشرق أم كلثوم، وبيَّن الحناوي أنها سورية الأصل، بدأت الغناء في سن مبكرة، وبعد أن عُرفت في سورية ولبنان سافرت إلى مصر حيث قدمها الإذاعي صلاح زكي في أغنية من ألحان محمد محسن، لتبدأ مسيرة الشهرة الفنية بأغنية “أنا قلبي إليك ميال” التي لحّنها محمد الموجي، ثم تعاونت مع كبار الملحنين كمحمد فوزي، وفريد الأطرش، وكمال الطويل، ومحمود الشريف، وعملت مع عدد من المؤلفين كحسين السيد، مأمون الشناوى، ونزار قباني، وعبد الرحمن الأبنودي، ومجدي نجيب، وعمر بطيشة، وتعدّ أغنية “يمّه القمر عالباب” برأي الحناوي من أجمل أغنياتها وهي من ألحان محمد الموجى الذي لحّن لها أغنيات عديدة حققت لها الشهرة في مصر والعالم العربي، منها “تمر حنة”، و”بيت العز”، و”حيرانة”، مع إشارته إلى أن فايزة أحمد كانت قد قصدت محمد عبد الوهاب في بداية وصولها إلى القاهرة، لكنه وبعد طول انتظار منها غنّت من ألحانه “حمّال الأسية” و”ست الحبايب” التي خلّدت اسمها، كما غنّت لبليغ حمدي “ما تحبنيش بالشكل ده”، وهو لا يزال في بداية الطريق، منوهاً بأنها في عالم التمثيل لم تشارك إلا في عدد قليل من الأفلام لا يتجاوز عددها الـ7 أعمال، منها “تمر حنة”، و”أنا وبناتي”، و”المليونير الفقير”، و”ليلى بنت الشاطئ”، وظهرت كمطربة فقط في أفلام مثل “امسك حرامي”، و”منتهى الفرح”، و”عريس مراتي”، في حين شاركت إسماعيل ياسين في غناء مونولوج “ع الدور التالت طلعني”، وهي التي سجلت للإذاعة 230 أغنية وفي التلفزيون 80 أغنية، منها 6 أغان وطنية، في حين لعبت دور البطولة في أوبريت “مصر بلدنا”.

يُذكر أن فايزة أحمد حصلت على جوائز وأوسمة عدة، منها درع الجيش الثاني في عام 1974 ووسام من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وقد أصيبت بمرض السرطان وتوفيت عام 1983.