لا يعجز التجار عن صناعة الأسباب.. أسعار المعلّبات ترتفع بنسبة 25%
دمشق – رحاب رجب
لا يوفّر التجار أيّ حدث أو مناسبة أو قرار يصدر من جهة رسمية حول زيادة سعر سلعة ما، دون أن يستفيدوا منه، كأمر واقع، في رفع أسعار منتجاتهم أو بضائعهم، ودون أن يكون هذا الرفع متناسباً مع السبب المؤدّي إليه، فبمجرّد أن يقوم المصرف المركزي، مثلاً، بإصدار نشرة جديدة لسعر الصرف يرفع من خلالها سعر صرف الدولار، يتقاطر التجار واحداً تلو الآخر إلى رفع الأسعار.
والغريب في الأمر أن هذه الزيادة يتمّ إسقاطها على جميع السلع بشكل مطّرد، دون أن يكون ذلك متوافقاً بالفعل مع تكاليف إنتاجها، وذلك بحجج بات أكثر المراقبين للأسواق يعلمها، ويدرك جيّداً أنها مجرّد ذريعة لفرض السعر الجديد.
وعلى الرغم من كون أغلب هذه المواد مخزنة منذ فترة لا بأس بها قبل ظهور السبب الموجب لرفعها، بمعنى أنه تمّ إنتاجها قبل تضخم سعر المادة الأولية المكوّنة لها، أو قبل ارتفاع حامل الطاقة مثلاً، إلا أن التّجار يقومون بتسعير المواد وفقاً لسعر الصرف الحالي، وليس ذلك فحسب، بل يتركون هامشاً واسعاً للربح استغلالاً لأي ارتفاع مستقبلي في سعرها، وهذا التسعير ربّما يقود إلى فكرة أن الارتفاعات في أسعار الصرف تقودها ارتفاعات أسعار السلع.. وليس العكس.
وبالوقوف على بعض أسعار السلع، نجد أن هناك أصنافاً معيّنة من السلع قفز سعرها بشكل متفاوت، فسعر مرتديلا “هنا”، وسط مثلاً، ٢٠ ألف ليرة، وكيلو غرام السكر المغلف ١٦ ألفاً، ونصف كيلو غرام الشاي ٨٥ ألفاً، والمحارم بـ ١٩ ألفاً، والبن العادي بهيل ١٨٠ ألفاً، إلى غير ذلك من المواد.
منصور، صاحب سوبر ماركت، أكّد أنه لم يعُد يتمكّن من ملاحقة أسعار المواد، وخاصة أن مندوبي الشركات يرسلون نشراتٍ يومية أحياناً لأسعار المنتجات مختلفة تقريباً عن اليوم السابق، وبالتالي يصبح البائع مضطراً لتغيير السعر بشكل مباشر، وذلك أنه سيضطر لشرائها لاحقاً بالسعر الجديد.
وأكد صاحب السوبر ماركت، أنه صار عاجزاً عن تفسير أسباب الارتفاعات في أسعار السلع، لأنه لم يجد ناظماً معيّناً للارتفاعات المتتالية في أسعارها، لافتاً إلى أن الأمر بات شبيهاً بحالة عبثية، حيث يشعر أنه تحوّل فعلياً إلى مسوّق لبضائع هذه الشركات دون الإحساس بطعم الربح فعلياً.
أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، أكد ارتفاع أسعار المواد المعلبة بنسبة ٢٥ بالمئة، مثل الشاي والبن والمرتديلا، واصفاً مسوّغات ذلك بأنها جاهزة دائماً، كارتفاع سعر الصرف ونفقات التغليف مثلاً. وأشار إلى تخوّف التجار المستقبلي من تأثر كلف الشحن بسبب أحداث البحر الأحمر وارتفاع أجور النقل بسبب تغيّر مسار الشحن عبر باب المندب، لافتاً إلى أنه على الرغم من وجود مخازين من المواد لفترة ليست بالقصيرة، غير أن التّجار والصناعيين دائماً يسعّرون بضائعهم بأسعار متقدّمة على أسعار الصرف الفعلية.
وعزا حبزة ارتفاع أسعار اللحوم المحلية إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، كالدجاج والأبقار والأغنام، الناتج عن زيادة أسعار حوامل الطاقة والأعلاف.
أحمد أحمد، مواطن التقته “البعث” ، أكد أنه لم يعُد يعبأ بالمسوّغات التي يسوّقها التجار لرفع أسعار المواد، لأنه يدرك جيّداً أن هذه الارتفاعات لا ناظم لها سوى جشع التجار وطمعهم في استغلال جميع الأسباب الموصلة إلى هذه النتيجة، فإن لم يتمّ التذرّع بسعر الصرف جاءت الذريعة معتمدة على ارتفاع سعرها العالمي رغم أن المادة الأولية من إنتاج محلي، وربما صنعوا سبباً جديداً للارتفاع.