رأيصحيفة البعث

منظمة “حظر الكيميائي” أداة للحرب والعدوان

طلال ياسر الزعبي

يدرك المراقب لعمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حجم التضليل والتسييس الذي تمارسه المنظّمة بضغط غربي واضح فيما يتعلّق بمدى التزام سورية ببنود اتفاقية حظر السلاح الكيميائي.

فالمنظمة، وعلى الرغم من جميع الإحاطات التي قدّمتها سورية، والجهود الهائلة التي بذلتها، بكل جدّ والتزام وصدقية وشفافية، وما نفّذته من التزامات بموجب عملية انضمامها إلى الاتفاقية، استخدمت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون لتنفيذ أجندات جيوسياسية وعدوانية ضد سورية، وبالتالي لم يكن التسييس الذي مارسته المنظمة تجاه سورية سوى أداة من أدوات الحرب التي شنّها الغرب على سورية باستخدام تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” في توجيه السلاح الكيميائي ضد المدنيين السوريين، ومن ثم قلب الحقائق والتلاعب بالأدلة وتزوير التقارير الأولية لخبراء المنظمة، واستخدام ذلك مسوّغاً لشنّ حملة شعواء على سورية لتشويه صورتها واتهامها بخرق بنود اتفاقية الحظر، وإيجاد ذريعة للحرب عليها، وقد شنّت بالفعل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عدواناً ثلاثياً على سورية بهذه الذريعة.

سورية التي أثبتت بالدليل القاطع الاتهامات المسيّسة التي أطلقتها الدول الغربية ضدّها، والتي استبقت نتائج المشاورات الجارية بينها وبين الأمانة الفنية للمنظمة، من خلال التعاون والتسهيلات التي قدّمتها لفريق تقييم الإعلان خلال جولتي المشاورات رقم 25 و26، تدرك جيّداً أن هناك من يحاول جاهداً استخدام هذه المنظمة في استهداف الدول التي لا تنصاع للإرادة الغربية في الهيمنة والسيطرة وفرض الحلول، وبالتالي فإن التناقض والازدواجية اللذين تمارسهما الأمانة الفنية يدعوان للاستغراب والاستهجان، حيث تجاهلت بشكل مُتعمّد كل ما قدّمته سورية من معلومات وأدلة في مذكراتها، في الوقت الذي تجاهلت فيه ما تقوله سورية ودول أخرى عن امتلاك الإرهابيين في سورية للأسلحة الكيميائية واستخدامهم لها، وتجاهلت كل التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والفرق المتخصّصة التي تؤكد أن التنظيمات المدرجة على قوائم مجلس الأمن كياناتٍ إرهابية، “قد تمكّنت من امتلاك أسلحة متطوّرة ومنظومات جوية استخدمها الإرهابيون في مناسبات متعدّدة بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، كما تقوم بتصنيع وتطوير وإنتاج صواريخ وقذائف هاون كيميائية”.

والمفارقة الكبرى في هذا الموضوع أن الأمانة نفسها تدّعي الآن أنها لا تستطيع التأكّد من صحة التقارير التي تتحدّث عن استخدام “إسرائيل” أسلحة الدمار الشامل في حرب الإبادة التي تشنّها على قطاع غزة، متذرّعة بصعوبة الوصول إلى الأماكن المستهدفة لانعدام الأمن، في الوقت الذي تمكّنت فيه من إصدار تقاريرها عن بُعد في الحالة السورية، دون أن تحضر إلى أماكن الحوادث، رغم أن الدولة السورية دعتها غير مرّة لمعاينة هذه الأماكن والتحقيق عن كثب في الحوادث التي جرت ولكنها لم تحضر، واكتفت بتقارير وشهادات إعلامية مزوّرة.

على أن الدول التي يتم استهدافها عادة، من خلال تقارير الأمانة الفنية ذاتها بالاتهامات، هي دول بالمحصّلة تتم محاربتها بشكل ممنهج من الغرب الجماعي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ ما معنى أن تكون روسيا وسورية وإيران وكوريا الديمقراطية هي التي تم استهدافها بشكل دوري من خلال المنظمة، في الوقت الذي يتجاهل فيه الغرب الجماعي التهديد العلني الذي أصدره وزير ما يسمّى “التراث الإسرائيلي” من تهديد باستخدام السلاح النووي ضدّ قطاع غزة على مرأى ومسمع العالم أجمع، وهو اعتراف صريح بامتلاك أسلحة الدمار الشامل ولا يحتاج أصلاً إلى بحث لإدانته.