“سكة الترامواي” تصل إلى جائزة الشيخ زايد للكتاب
حلب- غالية خوجة
كشفت جائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبو ظبي للغة العربية، برئاسة الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية، الأمين العام للجائزة، عن القوائم القصيرة المرشحة للجائزة في دورتها الثامنة عشرة لفروعها السبعة وهي الآداب، المؤلف الشاب، الترجمة، الثقافة العربية في اللغات الأخرى، تحقيق المخطوطات، النشر والتقنيات الثقافية، والتنمية وبناء الدولة التي وصل إلى قائمتها القصيرة كتاب “سكة الترامواي ـ طريق الحداثة مرّ بدمشق” الصادر عن دار “رياض نجيب الريس” عام 2022، لمؤلفه المؤرّخ السوري الدكتور سامي مروان مبيّض.
سرديات السكّة وتوقف الترامواي
ويتناول الكتاب انطلاق الحداثة الدمشقية خصوصاً، والمجتمعية السورية عموماً، وجاء تشابُك بنيتها مع البنية الحياتية اليومية التراثية والكلاسيكية كمنصة للأحداث ومتغيراتها الفكرية والمفاهيمية والواقعية، ضمن مدة زمنية متحركة بين نهايات القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، ويتمحور حول درامية التغيير بين ثلاث جهات من مكونات المجتمع، مثنوية الأطراف، أمّا المكانية فشملت الداخلية مثل المنازل، والخارجية مثل الأزقة والحارات ودُور العبادة والمسارح والملاعب والأندية والأحزاب والصحف والجامعة.
ويحاول مبيّض الكتابة بضمير العارف بكل شيء، فيحكي عن هذه المرحلة التاريخية بزواياها الإيجابية والسلبية، وتجاربها بين فشل ونجاح، وبأبعادها التي كانت تحلم بصناعة مستقبل مشرق، لكنها توقفتْ مثل “الترامواي” بسبب المجريات المتلاحقة سنة 1949.
لكن، كيف تتمشهد هذه المتغيّرات ضمن سرديات السكة؟ هذا ما يجيبنا عنه الكتاب، ومنه نقرأ: “تماشياً مع الحداثة، خرج الشباب من بيوت أهلهم في دمشق القديمة، وسكنوا في شقق جديدة، ذات أسقف عالية، يصل ارتفاعها إلى سبعة أمتار أو أكثر، بُنيت فيها شرفات كبيرة مطلّة على الشارع العام، تحميها من الشمس والغبار “أبجورات” خشبيّة جاءت من باريس، بدلاً من “الجص” في الطوابق العليا من بيوت دمشق القديمة.. كانت فيها وسائل ترفيه جديدة على السوريّين -جاءت مع فرنسا- تبدو اليوم اعتياديّة وبسيطة، لكنّها كانت ثورة حقيقيّة في وقتها وزمانها، مثل حمّامات “البورسلان”، وحنفيّة المياه الساخنة، و”البانيوهات” بدلاً من “جرن الحمّام”.. وفي نهاية الأربعينيّات، دخل المصعد الكهربائيّ إلى بيوت أهل الشام، وكان أوّل ظهور له في بناء “كسم وقبّاني” القريب من البرلمان، وبعدها جاءت أجهزة التكييف في الستينيّات، بدلاً من المراوح، قاطنو الأحياء القديمة كانوا يتمتّعون بجمال بيوتهم الداخليّ، ويتمتّعون به وهم جالسون في أرض الدار حول بحرة المياه في الصيف، وداخل القاعات المزيّنة بالرسومات والنقوشات والزخرفات فيفصل الشتاء، لا أحد منهم كان يجلس على شرفة أو “بلكون”، وفي بيوتهم الجديدة ظهرت حمّامات عصريّة، استوردت بياضاتها من أمريكا، وبدأت تظهر في المدينة مواقف للسيّارات، ووصل عدد السيّارات في سورية ولبنان عشيّة الحرب العالميّة الأولى إلى 27 سيّارة”.
بورتريه “مبيّض“
يُذكر أن سامي مروان مبيّض من مواليد دمشق 1978، إجازة في العلوم السياسية ـ الجامعة الأمريكية ببيروت، ودكتوراه من جامعة إكستر البريطانية ـ قسم سياسة الشرق الأوسط ـ تخصّص السنوات الأولى من عهد الاستقلال في سورية، عمل في التدريس الجامعي والإعلام، وشغل عدة مناصب منها مستشار في مؤسسة الأمير عبد القادر الجزائري الدولية للثقافة والتراث، رئيس تحرير مجلة “فور وورد”، كما أسس “مؤسسة تاريخ دمشق” عام 2017 وهو رئيس مجلس أمنائها، عضو هيئة تحكيم جائزة فخري البارودي للمؤرخين الشباب”، أصدر كتباً عدة باللغتين العربية والإنكليزية منها “تاريخ دمشق المنسي”، و”شرق الجامع الأموي”، و”غرب كنيس دمشق”، و”سياسة دمشق وحكم الأعيان في زمن الانتداب الفرنسي”، و”فولاذ وحرير ـ نساء ورجال صنعوا سورية الحديثة”.