ثقافةصحيفة البعث

الزينة كعنصر من التراث الشعبي الجولاني

القنيطرة- محمد غالب حسين

تتزيّن المرأة الجولانية بالحليّ التي تحاول اقتناء ما استطاعت منها؛ متباهية بها في الأفراح والمناسبات ومنها العِرجَة وهي طاقية فضية ذات سلسلتين عريضتين متصالبتين بعرض يتراوح بين خمسة وسبعة سنتيمترات، وتتدلى من هذه الطاقية ذؤابات من الفضة تتأرجح على جبين من تلبسها وفي مؤخرة الطاقية شريط من القماش المزركش المطرز بالألوان المختلفة، تُعلق فيه بعض النقود الذهبية والفضية، والقلادة وتسمّى الكُردان أيضاً طوق تضعه المرأة في عنقها، يضم مجموعة من الليرات الذهبية؛ يكون عددها فردياً على الأغلب، والغوازي فهي مجموعة من الليرات الذهبية تزيّن جبين المرأة، كذلك الحلَق وهو أسلاك دائرية ذهبية أو فضية مزينة بزخارف ونقوش مختلفة تتدلى من أذني المرأة.

أما الخُزام والذي يُسمّى أيضاً الشناف فهو دائرة مخروطيّة أو بشكل نجمة لا يتعدّى قطرها سنتيمتراً، ويكون من الذهب أو الفضة مزيناً بالزخارف من جوانبه، وقد يكون في طرفه حجر فيروز أو ياقوت، ويتمّ تثبيته في الطرف الأيمن من الأنف المثقوب بدبوس ومحبس، وعندما يكون الخزام صغيراً جداً، يُدعى زُمَيمَة.

كما تتزين المرأة الجولانية بالأساور والخواتم والخلاخيل الذهبية والفضية والنحاسية أحياناً، كما كانت المرأة أيضاً وبعض الرجال يلبِّسون بعض أسنانهم بالذهب والفضة، كذلك الخلخال يكون في العادة من الفضة أو الذهب أو النحاس المطلي بماء الذهب، وتلبسه الصبايا في الأعراس زينة وتباهياً، وتحاول بحركات متقنة خاطفة أن يسمع القوم رنين خلخالها.

وقد تغنّى أبناء الجولان بحلي السيدة الجولانيّة، ووثقوها بأغانيهم، مثلاً:

يا أم العرجة مزينة ذهوبا

كنتي لنفسي اليوم مطلوبا

لحط مضاي براس المكتوبا

والبعد جفا يا بعد عيوني

وقالوا :

مرّت من جنبي وقالت مرحبا

ضحكت وبَيَّن سن الذهبا

يا أم الأساور والخلاخيلي

ذبحني العطش يا بنية اسقيني

وكان الوشم من زينة المرأة الجولانية، فأغلب نساء الجولان كُنّ يعتمدن الوشم مظهراً للزينة والجمال، وكانت النساء بارعات في وشم الفتيات غير عابئات بمخاطره الصحية، لأن عملهن يفتقر للتعقيم والنظافة، وكانت الواشمة ترسم الوشم الذي ترغبه الفتاة على وجهها بلون أزرق مظهرةً براعة مدهشة، وتبدأ بحفر الوشم بسبع أبر خياطة صغيرة حتى تسيل الدماء. ليبقى الوشم ظاهراً بلون أزرق جميل لا يزول أبداً، ويستخدم في الوشم الحبر الصيني والفحم المذاب بالماء والنيل الأزرق الذي يخلط مع قماش محروق وحليب وماء.

ولا بُّدّ من الاعتراف بخبرة الواشمات اللواتي يمتلكن خبرة طبية وفنية، فضلاً عن الدُّربة والجرأة التي تمكنهن من القيام بهذا العمل الذي يبدو بعد أن تلتئم الجراح لوحة فنية خلابة ساحرة، ولا يقتصر الوشم على المرأة؛ فثمة رجال موشومون لكن بشكل أقل وضوحاً وانتشاراً مقارنة مع المرأة، كما يتجاوز الوشم الوجه لليدين والرجلين، حيث يمكن الحديث عن أشكال الوشم التالية: النقطة الزرقاء: وتُسمّى الدّق للمرأة، وهي نقطة زرقاء فوق أنفها وفي منتصف الجبين وعلى الخدين وأسفل الذقن، في حين يكتفي الرجل بنقطة زرقاء على الأنف، ويزيد بعضهم على الخدين. ويوصف الرجل الموشوم بأنه (مردوع. مُردّع).

الحجاب أيضاً شكل من أشكال الوشم وهو مثلث متساوي الساقين مسنن الأضلاع بين حاجبي المرأة، والدّقة أيضاً وهي دائرة صغيرة في وسطها نقطة على الوجنتين، والسيِّالة وهي خط يمتد من منتصف الشفة السفلى إلى الذقن.

كما كانت الوشوم تأخذ شكل الحليّ كالأساور التي تدقّ حول المعصم والحجول التي تدق حول الرسغ.

أما الهدف الرئيس من الوشم فكان الزينة والجمال، بالإضافة إلى تقليد البنات للفتيات الأكبر سناً، وهناك من يشير إلى اللون الأزرق الذي يعني في المخزون المعرفي والذاكرة الشعبية الجولانية الوقاية من الحسد وإبطال ضرر العين الحاسدة، والوقاية من الأمراض الجلدية.

الحناء أيضاً من أدوات الزينة والتجميل التي استخدمتها المرأة الجولانية، فخضّبت يديها وقدميها وشعرها، ويكثر استخدامها في المناسبات خاصة الأعراس، حيث هناك ليلة تسمّى “ليلة الحنة” يرافقها الرقص والغناء، والحناء مادة لونية تستخرج من الشجرة طلاوسونيا افرفيس” بعد تجفيف أوراقها وتنقع مع الليمون، في ماء مغلي ثم يضاف إليه الشاي فيقترب بلونه من البرتقالي الغامق.‏

وتتزين المرأة والرجل بالكحل على حدّ سواء، والكحل هو الأثمد يسخن وينخل بقطعة قماشية بيضاء ناعمة جداً، ويُمزج ببعض الأصبغة ثم يوضع بمكحلة فيها ميل رفيع تخطط به العينان والحاجبان.‏

أما المشاقة فهي بقايا شعر البنت حيث يتمّ غزله على شكل خيط ويخلط مع شعر الماعز الأبيض الناعم والمرأة تصنع له (شراشيب) تعلقه بالخيط المغزول وتضفره مع شعرها أربع ضفائر صغيرة خلف الأذن ويسمى (قراميل).