صحيفة البعثمحليات

امتحان المهارة!!

غسان فطوم 

أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً”، مبعث استحضار هذه الحكمة يأتي على خلفية إعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مؤخراً، عن نيّتها العمل على “تطوير طرق القبول الجامعي في عدد من الكليات، ولاسيما الإعلام والهندسة الميكانيكية والكهربائية والعلوم السياسية”، علماً أن الوزارة حاولت، خلال السنوات الماضية، اتباع أو تجريب طرائق عديدة، لكنها لم تصل إلى النتائج المرجوة، حيث اعتمدت التثقيل في بعض المواد، وصولاً لاعتماد السنة التحضيرية التي هي اليوم مسار انتقاد وصل حدّ المطالبة بإلغائها، أو إعادة النظر بها، كونها لم تحقق الغاية المرجوة منها، لذلك بات البحث عن طرائق أخرى جديدة للقبول حاجة ضرورية لضبط جودة الخريجين، فالقاعدة العلمية الصحيحة تقول “أعطني مدخلات جيدة وخذ مخرجات نوعية تساهم في تحسين جودة التعليم ومخرجاته لتكون مناسبة لمتطلبات سوق العمل وحاجاته التي تتبدل كلّ فترة قصيرة، فنحن نعيش في عالم جديد يحتاج لعقل جديد”.

حصاد العقود الماضية التي اعتمدت فيها العلامة كشرط أساسي للقبول في الجامعات والمعاهد التقانية أتخم سوق العمل السورية بنوعية من الخريجين لا يمكن الرهان عليهم، كونهم ليسوا بسوية ممتازة إلا بنسب محدودة جداً، وخاصة بعد النتائج المشكوك فيها نتيجة الغش بامتحانات الثانوية العامة، والذي بدا واضحاً خلال السنوات القليلة الأخيرة، والدليل وجود عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل. ولا شكّ في أن الدور الجديد للجامعة في استقطاب المتميزين من خريجي الثانوية العامة لدعم سوق العمل والنمو الاقتصادي بات من أهم العوامل المؤثرة في أنظمة القبول لأجل إعداد خريج مؤهل وفق المواصفات المطلوبة.

بالمختصر، ونحن على أبواب امتحانات الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي، كلنا أمل أن تنجح مساعي “التعليم العالي” في تصويب الأمور، ووضعها على السكة الصحيحة، كون طرق القبول الحالية لا توحي بالثقة للبيت السوري، ولا تحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلبة؛ وبالنتيجة، لا تحقق الرغبة والميول الحقيقية والموهبة لكل طالب باختيار التخصّص الذي يحلم به ويتمناه بسبب العلامة؛ لذلك فإن إعطاء أهمية للرغبة والأمنية أمر ضروري، ولعلّ امتحان المهارة مسألة في غاية الأهمية من المفروض أن تراعى قبل القبول إلى جانب العلامة “الظالمة” بالنظر إلى ارتفاع معدلات القبول إلى حدودها القصوى.
وتبقى الغاية والهدف الأساسي الوصول إلى تحقيق العدالة في سياسات القبول، بما يضمن للطالب الفرصة التي يريدها ويتمناها للالتحاق بالتخصّص المرغوب لديه، والذي يتلاءم ويتناسب مع قدراته وميوله الحقيقية مما يحقق الجودة النوعية في المخرجات.