في يومه العالمي.. “إسرائيل” تغتال الطفل الفلسطيني
د.معن منيف سليمان
يصادف يوم الخامس من نيسان من كل عام الاحتفال بيوم الطفل الفلسطيني الذي فقد حقوقه القانونية وأصبح بحاجة ماسّة للحماية، في ظلّ المحنة التي يتعرّض لها بسبب العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزّة، وخلاله اغتالت “إسرائيل” الطفولة الفلسطينية، وتركت آثاراً سلبية على صحة ونفسيّة الطفل الفلسطيني.
ففي الخامس من نيسان عام ١٩٩٥، وفي مؤتمر الطفل الفلسطيني الأوّل، أعلنت السلطة الفلسطينية التزامها باتفاقية حقوق الطفل الدوليّة، وأُعلن الخامس من نيسان يوماً للطفل الفلسطيني، ومنذ ذلك التاريخ يُحيي الفلسطينيون هذا اليوم من كلّ عام بهدف مناصرة ودعم أطفال فلسطين الذين فقدوا أبسط حقوقهم في الحياة.
يأتي الاحتفال بيوم الطفل الفلسطيني هذا العام في وقت يتعرّض فيه أطفال فلسطين عامّة وأطفال غزّة خاصّة لاستهداف وحشي ممنهج وغير مسبوق من آلة الحرب الإسرائيلية التي تستخدم القوّة المفرطة في قتل الأطفال.
وفي جميع أنحاء فلسطين المحتلّة يواجه الطفل الفلسطيني شتّى أنواع الانتهاكات لحقوق الطفل من الاحتلال الإسرائيلي بدءاً من القتل العمد والاعتقال إلى الحرمان من التعليم بسبب تدمير المدارس ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وهذا ما يعاني منه الطفل الفلسطيني في غزّة بالتحديد منذ يوم السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣، وذلك في إطار سياسة مدروسة يتبعها الاحتلال لإبادة الشعب الفلسطيني.
ويعمد الاحتلال في فلسطين المحتلّة إلى اعتقال الأطفال من منازلهم ويزجّ بهم في السجون، ويعرّضهم لأبشع أساليب التعذيب، فينتزع الاعترافات منهم بالقوّة، ويُقدّمون إلى محاكم عسكرية إسرائيلية غالباً ما تحكم عليهم أحكاماً عالية، كما تعمد سلطات الاحتلال إلى هدم منازل الفلسطينيين فيتشرّد أطفالهم، ويصبحون بلا سكن يؤويهم ويقيهم البرد القارس.
وحسب جمعية الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإنّ “قوّات الاحتلال تستخدم القوّة المميتة ضدّ الأطفال الفلسطينيين في ظروف ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد، مستغلّة سياسة عدم المساءلة والإفلات من العقاب التي تتمتّع بها”.
ولقد اعتمدت الجمعية العامّة للأمم المتحدة في ٢٠ تشرين الثاني ١٩٨٩، إعلان حقوق الطفل والاتفاقية المتعلّقة بها، وتتضمّن توفير مجموعة من المعايير العالمية الواجب أن تلتزم بها جميع البلدان حفاظاً على مصالح الأطفال وحقوقهم. ويتيح اليوم العالمي للطفل، الدفاع عن حقوق الطفل الأساسية المتعلّقة بالحياة والتعليم والصحة والمستوى المعيشي.
ولكن الطفل الفلسطيني خلافاً لجميع أطفال العالم، وبشكل خاص الطفل في قطاع غزّة، يعيش واقعاً رهيباً وصعباً للغاية، فلا تتوفّر له أدنى حقوقه سواء بالحرية أو الحماية، حيث ينام الطفل في غزّة على أصوات الطائرات الحربية والمسيّرة بخوفٍ ورعبٍ وقلقٍ شديدٍ، ويستيقظ على أصوات القصف والتدمير ورؤية مشاهد مرعبة لأشلاء الشهداء.
ولقد تركت الاعتداءات الإسرائيلية آثاراً كارثية على الصحة النفسيّة والجسديّة للطفل الفلسطيني، وقيّدت حريته، واغتالت طفولته، وقضت على براءته، جراء العدوان الهمجي والحصار غير الإنساني الخانق.
وفي هذا السياق أكدت الناشطة الحقوقية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، مها الحسيني، أنّ “الأطفال في غزّة يعيشون صدمة مركّبة وممتدّة يزداد وقعها وآثارها خلال وبعد كل عدوان على القطاع”. وتعدّ صدمة العدوان الحالي الأعنف من نوعها وعليه يتوقّع الكثير من الناشطين الحقوقيين أنّ تكون آثارها أشدّ وقعاً على الطفل الفلسطيني.
ويشير المتحدث الإقليمي باسم “يونيسيف”، سليم عويس، إلى أن “الأطفال يدفعون أغلى الأثمان” نتيجة العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزّة الذي لم يستثنِ من القصف المستشفيات التي تؤوي الأطفال.
وعلى الرّغم من حجم المعاناة التي يعيشها الطفل الفلسطيني فإنّه تعلّم عدم التفريط بالحقوق، وعدم الاستسلام للواقع، والتمسّك بالأرض والثوابت على أمل تحرير الأرض والإنسان.