ثقافةصحيفة البعث

مسرح العيد.. طقس يسعى المسرحيون إلى ترسيخه في المجتمع

السويداء ـ رفعت الديك

العيد مناسبة للفرح والترفيه، يغتنمها الناس للخروج وزيارة الأماكن العامة، وأماكن الترفيه، كالمتنزهات والمسارح، وعادة ما يضع المسرحيون العيد ضمن خططهم للعمل، فيعدّون له ما يناسبه من عروض مسرحية، وأكثر ما تكون هذه العروض جماهيرية، تثير الضحك والفرح، ويبتعدون عن العروض الجادة والمأساوية التي تقلق المشاهد، وتنتزع منه فرحة العيد، وتتنافس المسارح في جذب المتفرجين بما تعده لهم من مشاهد جميلة ومصممة لنيل إعجابهم.

ولعل تأسيس تلك العلاقة بين النشاط المسرحي والأعياد لم يكن عبثياً؛ إذ إن هذه المناسبات تشهد نشاطاً اجتماعياً كبيراً، يُقبل الناس على وسائل الترفيه التي كانت متوافرة في وقت باكر قبيل دخول التقنيات الحديثة مع الثورة الرقمية الكبيرة التي يشهدها العالم؛ إذ يلجأ الناس إلى المسرح في الأندية ذات الطابع الثقافي والرياضي بصورة أكثر خصوصية؛ ويحرص الجميع على حضور الإسكيتشات والمسرحيات التي كانت تقدم وفق ما يناسب العيد وبهجته لذلك نجد أن معظم الأعمال المسرحية والفرجوية التي كانت تقدم هي في الأصل أعمال ذات طابع وأسلوب وأفكار اجتماعية بقالب كوميدي ضاحك، وهو الذي يصلح في مثل هذه المناسبات غير أن تلك المسرحيات على الرغم من أجواء الضحك، لكنها كانت تحمل الكثير من المضامين والرسائل المهمة والتربوية، وترصد المتغيرات الاجتماعية، فهي تنتصر للخير ضد الشر، والقيم والأخلاق الرفيعة ضد الوضيعة والفاسدة؛ وتعمل على رسم البهجة في الوجوه، وتعزيز قيم الخير والحب والجمال وبالتالي تصبح فضاء للبهجة والسعادة مع تلك العروض التي تحتفي بالابتسامة وتنشد الجمال والروعة والمتعة.

يقول مدير المسرح القومي في السويداء رفعت الهادي إنّ المسرح هو إعادة خلق الحياة من جديد، وتالياً إنه يعيد مفردات طقوس العيد كاملة على خشبة المسرح برؤى اخراجية متنوعة تحاكي تلك الطقوس، مبيناً أهمية استخدام المسرح في عملية الخلق تلك لإعادة تقيمها واستخدامها في المناسبات الاجتماعية لضرورة زراعة الفرح في نفوس أبناء المجتمع، وتالياً علينا أن نجتهد ونعمل من أجل تكريس هذه الحالة وننفذ إلى أسرنا ونجمعها تحت مظلة الشعور الجماعي الموحد، وهنا يكون المسرح أحد طقوس العيد التي نسعى إلى تثبيتها في المجتمع لكي يعتاد على ممارستها، وربما يكون المفردة الأجمل لما يقدمه من متعة وفرح وفائدة على المستويات كلّها.

ولعل من الأشياء اللافتة والمهم تناولها في سياق الحديث عن المسرح في العيد أن تلك العلاقة هي التي رسخت “أبو الفنون” في مجتمعنا إذ كان العيد مناسبة للتعرف إلى المسرح وتعميق ثقافته وسط الناس، فلئن كان حب المسرح يجري الآن في دماء الكثير من الناس الذين يقصدون المسارح في المناسبات المختلفة فإن المبتدأ في ذلك الحب هو العيد.

ومسرح السويداء وفق الهادي حريص على أن يكون المسرح دوما هو إحدى مفردات العيد أو يمكن أن يكون المفردة الاهم كوننا نستطيع من خلاله ترتيب ذواتنا ونعيد التفكر والتفقه بكل ماهو جديد في الحياة فهو من الاتساع بحيث يستطيع ان يستوعب حياتنا بكل تفاصيلها

والمهم بالنسبة للهادي هو الاقبال الجماهيري الكبير على المسرح إذ نجد الجمهور يتدافع من أجل مشاهدة الأعمال التي تقدم بشغف وشوق شديد بحثاً عن المتعة والضحكة والكوميديا الهادفة، وبذلك نستطيع القول أن العيد قد أسهم في صنع قاعدة جماهيرية للمسرح، وأن الأعمال الكوميديا قد استطاعت أن تخلق تراكماً مميزاً أسهم في رفع مستوى الذوق وتعميق المسرح في الوجدان.

حيث تشهد الكثير من المسارح عروضاً مسرحية وهي بلا شك ستجد إقبالاً كبيراً من قبل جمهور متعطش للفرجة الجميلة، وعلى الرغم من الثورة الرقمية والمعلوماتية وظهور وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال مسرحيات العيد تجد متعة خاصة وتحمل مذاقاً مختلفاً.