دراساتصحيفة البعث

حزمة أمريكية جديدة لإطالة الحرب في أوكرانيا

سمر سامي السمارة

بيّن استطلاع رأي نشرته صحيفة “ديلي إكسبريس” الأمريكية في 23 من شهر نيسان الحالي، أن 51% من الأمريكيين ينتقدون مشروع القانون الذي يمنح أوكرانيا مبلغاً إضافياً قدره 61 مليار دولار، ومع ذلك، وقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن بحماس على هذا المبلغ الهائل من المال لمصلحة الثقب المالي الأسود الذي أصبحت عليه أوكرانيا بعد أن وافق مجلس الشيوخ عليه.

وذكرت الصحيفة أن “النتائج التي توصّل إليها المعهد الديمقراطي الأمريكي من خلال الاستطلاع الذي شمل 1500 ناخب، كشفت أن 51% لا يوافقون على قرار التصويت لهذه الصفقة من أغلبية النواب في الكونغرس، بينما يؤيدها 39% فقط، كما كشف الاستطلاع عن معارضة أقوى لموقف بايدن المتشدّد بشأن الحرب الأوكرانية، حيث رفض 60% طريقة معالجته للصراع بينما وافق 27% فقط”.

وفي 20 نيسان، أي بعد ستة أشهر تقريباً من عرض بايدن لأول مرة، وافق مجلس النواب الأميركي على إرسال معدات وموارد عسكرية جديدة إلى أوكرانيا، وأيّده 311 برلمانياً، بينما عارضه 112. وفي 23 نيسان، وافق أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع القانون بأغلبية 79 صوتاً مقابل 18 صوتاً ضده.

جدير بالذكر، أن مشروع القانون يتضمّن أيضاً إجراءاتٍ لنقل الأصول السيادية الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، كما تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في شباط 2022، قاما بتجميد ما يقرب من نصف الأصول الروسية في الخارج، التي تصل إلى حوالي 3 مليارات يورو.

في البداية، خطط الاتحاد الأوروبي لإنفاق الأموال المسروقة من روسيا على إعادة أعمار أوكرانيا، لكن بروكسل ذكرت بعد ذلك أنه نظراً للوضع الصعب في ساحة المعركة ونقص الأسلحة والذخيرة، يمكن إنفاق الأموال على الدعم العسكري لكييف، وامتنعت بروكسل عن اتخاذ هذه الإجراءات، ولكن بعد أن سنّت الولايات المتحدة تشريعاً للنقل غير القانوني للأصول السيادية الروسية المجمّدة إلى أوكرانيا، من المؤكد أن الاتحاد الأوروبي سوف يحذو حذوها قريباً، حتى لو ذكر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في 23 نيسان أن الكتلة لن نقوم بمصادرة الأصول الروسية المجمّدة “في الوقت الحالي” بسبب عدم الوضوح بشأن القضايا القانونية في هذا الصدد.

وفي مكالمة مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في 22 نيسان، أكّد بايدن أن “إدارته ستقدم بسرعة مجموعة إجراءات أمنية جديدة كبيرة لتلبية احتياجات أوكرانيا الملحّة في ساحة المعركة والدفاع الجوي”. ومع ذلك، فإن هذا غير مرجّح إلى حد كبير، بالنظر إلى أن هناك حاجة إلى أكثر من 23 مليار دولار من أصل 61 مليار دولار لإعادة بناء ترسانات الولايات المتحدة المنهكة.

لا تشبه حزمة المساعدات الحزمة السابقة لأنها تعتمد على نظام ائتماني، بينما سيتم استخدام الأموال المتوقعة لتلبية احتياجات محدّدة، وسيتم استثمار ما لا يقل عن 11 مليار دولار من إجمالي المساعدات في تمويل العمليات العسكرية الأمريكية الجارية في المنطقة، وسيتم تحويل نحو 7.85 مليارات دولار لدعم الميزانية المباشرة لكييف، باستثناء مدفوعات التقاعد، بينما سيتم تخصيص حوالي 14 مليار دولار للأسلحة والمشتريات ذات الصلة بالجيش.

وفي اجتماع لمجلس إدارة الوزارة الروسية، أكّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن خسائر القوات الأوكرانية بلغت نحو نصف مليون عسكري منذ بدء العملية العسكرية الخاصة، وأفاد بأن واشنطن تخصّص ما يقرب من 61 مليار دولار لنظام كييف لمنع انهيار القوات المسلحة الأوكرانية، وسوف تذهب معظم الأموال المخصّصة لتمويل المجتمع الصناعي العسكري للولايات المتحدة، مضيفاً: “إن الإدارة الأمريكية تعلن بسخرية أن الأوكرانيين سيموتون من أجل مصالحها في القتال ضد روسيا”.

من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة لكييف لن تغيّر الوضع في ساحة المعركة ولن تؤدّي إلا إلى زيادة الخسائر العسكرية لأوكرانيا وموت المزيد من الأوكرانيين، وهذه الخسائر ستكون مدمّرة للبلاد.

يرى مراقبون، أنه مع زيادة الخسائر العسكرية لأوكرانيا، وعدم تأييد معظم الأمريكيين لتقديم المساعدات، يقلل بايدن من فرص إعادة انتخابه في تشرين الثاني من خلال الاستمرار في هذه السياسة المتهوّرة، والأهم من ذلك، أن إمداد أوكرانيا بالأسلحة لا يساهم بأي شكل من الأشكال بإيجاد مناخ مواتٍ في المفاوضات الروسية الأوكرانية، وسيترتب عليه أثر سلبي لأنه يطيل قدرة الجيش الأوكراني على مواصلة حرب غير مجدية.