حتى لو.. لقد خسرتَ المعركة!
طلال ياسر الزعبي
يحاول رئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو، هو وجميع المتطرّفين في حكومته، الغارقين في بحر الهزيمة في غزة، الإيحاء بأنه لا يزال يمسك بزمام المبادرة، ومن هنا تبادر إلى ذهنه أنه يستطيع من خلال الضجّة الإعلامية التي ترافقت مع العدوان على رفح، إقناع الشارع الصهيوني بأنه قادر على قلب ظهر المجن وانتزاع نصر من أهالي غزة في اللحظات الأخيرة قبل سقوطه.
ولكن نتنياهو، مدفوعاً بجنون العظمة الذي يسيطر عليه، وبالخوف ممّا سيلقاه بعد أن تضع الحرب أوزارها كما يقال، ربّما جهل أن ما لم يستطع تحقيقه بآلاف الأطنان من المتفجّرات التي أسقطها على غزة منذ بداية عدوانه عليها منذ أكثر من ستة أشهر، لن يستطيع تحقيقه في الوقت الضائع الذي منحه لآلة حربه، أو الذي منحه إيّاه الراعي الأمريكي لإنجاز المهمّة، فساعة الرحيل قد أزفت، والنهاية التي يخشاها، وربما ما هو أسوأ منها، باتت قاب قوسين أو أدنى، لأنه يعلم جيّداً ومن ورائه الغرب الجماعي الذي يعوّل على انتصاره، أنه الآن يدقّ المسمار الأخير في نعش الصهيونية العالمية، وليس فقط في نعش أداتها المسمّاة “إسرائيل”، لأن المقياس الأساسي للانتصار في أيّ حرب هو القدرة على تحقيق الأهداف التي شُنّت من أجلها، وبالتالي لن يؤدّي المزيد من التورّط في الإبادة الجماعية في غزة، إلا إلى المزيد من التبعات على الكيان الصهيوني اللقيط وداعميه، والأمر فقط تابع لمزيد من الصبر والصمود اللذين أبهرت بهما غزة العالم أجمع.
ولأن نتنياهو، وأعضاء حكومته الإرهابية، يدركون جيّداً أن سنة الكون لا بدّ أن تجري على هذا الكيان المصطنع الذي لا يمتلك أيّ مقوّم من مقوّمات البقاء في محيط ينبذه ولا يستطيع قبوله، نراه دائماً يحاول القفز على هذه الحقائق والهروب إلى الأمام، لعلّه يستطيع الوصول إلى صيغة تمثّل حلاً وسطاً في المعركة التي خسرها بالفعل أمام مشروع المقاومة في المنطقة بالكامل، وليس فقط أمام المقاومة الفلسطينية التي حملت العبء الأكبر في هذه المعركة.
وأيّاً يكن من أمر هذا القرار الذي اتخذته حكومة الكيان بمباركة أمريكية طبعاً، “باجتياح رفح”، فإن النتيجة لن تتغيّر، وعندما تتضاعف الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي في رفح، سيدرك الجميع بمن فيهم الإدارة الأمريكية، أن جميع محاولات الاستثمار في هذا العدوان باءت بالفشل، ولا يمكن تأمين أيّ رافعة للرئيس الأمريكي جو بايدن للفوز مجدّداً في انتخابات الرئاسة، كما لا يمكن لزواج الضرورة بين الطرفين الذي يعوّل عليه نتنياهو أن يستمرّ، بعد أن استنفد الطرفان جميع الوسائل للخروج بماء الوجه من هذا العدوان.
والحال أن الموقف الحالي يؤكّد دون أدنى شك أن الكيان قد خسر المعركة على الأرض، وجميع محاولات النفخ في روح هذا الكيان المتهالك لن تجدي نفعاً، وحتى لو تمكّن نتنياهو من تدمير رفح فإنه لن يتمكّن من الانتصار، فقد خسر المعركة وانتهى الأمر.