روسيا لاعب رئيسي على المسرح العالمي
تقرير إخباري
لا يمكن تجاهل حقيقة أن روسيا هي بالفعل لاعب رئيسي على الساحة العالمية، ولذلك فإن تجاهلها أو الاستهانة بها في اتخاذ القرارات المتعلقة بمسار العالم هو خطأ فادح في الحسابات الجيوسياسية والجيواستراتيجية، بمعنى أنها لعبة خطيرة لا تلعبها إلا الأقلية الغربية لوضع الإنسانية على حافة الهاوية، وبالتالي إغراق شعوب العالم في فوضى تفوق فهم الغربيين. وبينما أصبح العالم الآن متعدّد الأقطاب، وتتفق جميع دول العالم على هذه النقطة، فإن الأقلية الغربية الصغيرة التي تقتصر على روح القطبية الأحادية لن تستطيع منع العالم من المضيّ قدماً.
إن التعددية القطبية التي يقوم عليها النظام العالمي الجديد تعمل مع الغرب أو من دونه، حيث اختار الغرب الذي يدرك توسّع مجال نفوذ تحالف بريكس، أن يحبس نفسه في فلسفته الأحادية القطب. إن الأقلية الغربية، التي أعماها ماضيها البعيد بالهيمنة على النظام العالمي، أصبحت أكثر فأكثر مجنونة وصمّاء وبكماء في مواجهة الأحداث الكبرى والتغيّرات التي تحدث في الديناميكيات العالمية. وفي هذا الخصوص لا بدّ أن يدرك أولئك الذين يشعرون بالحنين إلى الأحادية القطبية المزايا التي يتمتع بها الاتحاد الروسي في قيادة النظام العالمي الجديد المتعدّد الأقطاب في ظل قيادة تحالف بريكس.
تسعى روسيا، بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين، بنشاط إلى تحقيق طموحاتها الجيوسياسية لإعادة تأكيد مكانتها كلاعب دولي رئيسي ومهم في العالم، ولهذا السبب انخرطت البلاد بشكل استراتيجي في إجراءات مختلفة لإعادة تأكيد نفوذها وحضورها على المسرح العالمي. وتظهر هذه التصرّفات واضحة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحتى في أوروبا، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في حلف الناتو، حيث استطاعت أن تتحدّى كل دول حلف الناتو وكل أسلحته وهزمتهم وخيّبت آمالهم في أوكرانيا.
تبنّى الاتحاد الروسي أيضاً، تحت رعاية بوتين، استراتيجياتٍ ودبلوماسية لتعزيز مكانته الدولية، فعلى سبيل المثال، كان منح اللجوء لإدوارد سنودن، الذي فضح تجسس الولايات المتحدة على العالم، قراراً لم يتحدَّ الضغوط الأمريكية فحسب، بل أظهر أيضاً استعداد روسيا الاتحادية لتحدّي القوى الغربية المنافسة والطامعة في إذلال روسيا وجعلها دولة خاضعة لسياساتهم. ويكفي بوتين أنه أعاد بناء علاقات قوية مع جمهورية الصين الشعبية على أسس قوية ومتينة وشراكات قوية صارت اليوم سلاحاً في إعادة التوازن في ملعب السياسة الدولية، كما استطاع أن يعيد لروسيا الاتحادية أمجادها وعنفوانها وقوتها الاقتصادية المبنية على أسس متينة.
بالإضافة إلى ذلك، شارك الاتحاد الروسي بنشاط في شراكات اقتصادية ومبادرات متعدّدة الأطراف لتعزيز نفوذه العالمي، حيث أتاحت العضوية في مجموعات مثل مجموعة بريكس التي تضم (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) للاتحاد الروسي الانضمام إلى القوى الناشئة الأخرى وتشكيل الخطاب الدولي حول مختلف القضايا ومقياس الديناميكيات العالمية.
في ضوء ما سبق يمكن استنتاج أن النهج المتعدّد الأبعاد الذي يتبعه الاتحاد الروسي، والذي يتضمّن الأعمال العسكرية والاستراتيجيات الدبلوماسية والشراكات الاقتصادية والمشاركة في المنظمات الدولية، يؤكد مكانته كلاعب مهم على المسرح العالمي.
إن مجموعة بريكس وروسيا لاعبون رئيسيون في الديناميكيات العالمية التي يجب الاعتراف بها واحترامها من أجل إعادة تشكيل مثالية ومتماسكة للمشهد العالمي.
عناية ناصر