ثقافةصحيفة البعث

قدود وموشحات نادرة في أمسية لـ”سيدات النغم”

حمص ـ آصف إبراهيم

أمسية غنائية طربية متميزة يأخذنا فيها كورال “سيدات النغم” بقيادة الفنان بشر عيسى، في رحلة مع المقامات الموسيقية البديعة، وأشعار وتواشيح بليغة، وعصارة موسيقا الشرق، وبلاد الشام العريقة، وباقة من أندر وأجمل الموشحات والقدود بأصوات نسائية قادرة وجميلة برعاية وزارة الثقافة مديرية المسارح والموسيقا ـ مسرح قومي حمص على مسرح قصر الثقافة، مساء أمس.

قدم الكورال في هذه الأمسية التراثية الموسومة بعنوان “حلبيّات” تسعة من أجمل وأندر وأصعب الموشحات، من تلحين الوشّاحين الحلبيين كعمر البطش وعبد القادر حجار وبكري الكردي، وثلاث وصلات تضم عشرة من أروع القدود من مقامات موسيقية شرقية مختلفة، تبرز جماليات المقام العربي الشرقي، البديع، بالاشتراك مع عازفي التخت الشرقي فادي تمور، وكمان معتز خوندة ـ عود، وعباس الربعوني ـ ناي، وعبد الغني سفور ـ قانون، وأحمد الشاعر ـ رق، وطاهر رمضون ـ طبلة.

بدأ الكورال برنامجه مع موشح “يمر عجباً ” على مقام حجاز کار کرد كلمات الشاعر فخري البارودي ألحان عمر البطش، ثم موشح “يا ذا القوام السمهري” من الشعر القديم على مقام حجاز کار کرد ألحان  عمر البطش، وموشح “فيك كل ما أرى حسن” مقام بيات، الشعر واللحن حلبيان مجهولا الهوية، وبنتقل بعدها إلى وصلة قدود حلبية على مقام البيات، ثم موشح “يا غزالاً باللواء متى” على مقام “تكريز” شعر محمد حلواني وألحان عبد القادر حجار، وموشح “قم يا نديم” من مقام نهاوند شعر قديم من الحان عمر البطش، بدأ بتقاسيم على العود صولو للموسيقي معتز خوندة، وبعدها وصلة قدود على مقام الهزام “بيلبقلك شك الالماس”، و”مرمر زماني” وغيرها، ليعود إلى الموشحات مع موشح “بدت من الخدر” مقام بيات شعر حلبي مجهول، وموشح “حير الألباب” مقام بيات، شعر ولحن عبد الرحمن مدلل مع تميز فردي لإحدى سيدات الكورال، ويعود إلى القدود مع وصلة على مقام الحجاز بمقدمة صولو لعازف الكمان، ثم موشح “لم يكن هجري حبيبي عن قلی” حجاز کار کرد شعر ابن زيدون وألحان عبد القادر حجار مع مقدمة صولو على القانون للموسيقي عبد الغني سفور، وأداء فردي لإحدى سيدات الكورال، وختم مع “ابعتلي جواب” مقام بيات شعر حسام الدين الخطيب وألحان بكري الكردي.

استهلت الوصلات الغنائية بمقدمات تعريفية بمسيرة كل ملحن من الملحنين الحلبيين الذين أغنوا المكتبة الموسيقية التراثية العربية بأجمل الألحان، أيضاً التعريف بفن الموشح والقد.

يذكر أن كورال “سيدات النغم” هو كورال نسائي شرقي متخصص في غناء التراث الشامي والعربي، تأسس في مدينة طرطوس في تشرين الثاني ۲۰۲۲ من قبل المايسترو بشر عيسى، وأطلق بعد سنة كاملة من التدريب في تشرين الثاني ۲۰۲۳ ،ويتألف من ٣٥ سيدة من عمر ٣٥ إلى ٥٥ سنة، يمثلن مختلف أطياف وشرائح الشعب السوري، الاجتماعية والعلمية والثقافية، أما الهدف من تأسيس الكورال فهو كما يقول المايسترو بشر: “إبراز دور المرأة العربية في المشهد الثقافي والموسيقي العام، وإدخال ثقافة الكورال والغناء الجماعي بمفهومها المعاصر إلى الثقافة الفنية المحلية، وإعادة إحياء التراث الموسيقي الشامي والعربي الأصيل، الذي بدأ يندثر ويضمحل ويتراجع أمام السطحية والابتذال التي تسيطر على المشهد الفني العربي العام، بالإضافة إلى تكريس الغناء العربي بلغته الفصحى، والأداء الأمثل والصحيح للحرف العربي وللحن الشرقي، الذي يعتمد في تقنياته على الاستفادة المثلى من الحنجرة البشرية لإخراج الأصوات بشكل أجمل وأصح وأجدى، والغناء بأسلوب موحد يحمل في طياته احتراماً لقدسية الصوت البشري، وتعاملاً خلاقاً مع الموسيقا.

ويتبع الكورال إلى جمعية أصدقاء الموسيقا في طرطوس التي تأسست عام ۲۰۱٦ ، وهي الجمعية الموسيقية الأولى والوحيدة على امتداد الساحل السوري، وهو ضمن مؤسسة “أرجوان الكورالية” التي تعدّ أكبر مؤسسة كورالية علمانية مستقلة في الشرق الأوسط.

وبشر عيسى هو مؤلف وموزع موسيقي، مواليد دمشق عازف ترومبيت، وقائد كورال، وباحث موسيقي يحمل إجازة عليا في الموسيقا من المعهد العالي للموسيقا بدمشق في العزف على آلتي الترومبيت والعود، وماجستير في الهندسة المدنية من جامعة دمشق، عمل مدة ١٥ سنة كمغنٍ من طبقة تينور ومدير وقائد “كورال الحجرة” التابع للمعهد العالي للموسيقا وعازف ترومبيت في الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية، وأستاذ علم الجمال وفلسفة الفن والموسيقا في المعهد العالي للموسيقا انتقل ليعيش في طرطوس عام ۲۰۱٥، وهناك أسس “جمعية أصدقاء الموسيقا”  و”كورال أرجوان” للغناء متعدد الأصوات، وكورال “سيدات النغم”.