في ذكرى التحرير.. المقاومة على طريق استعادة الأرض
د. معن منيف سليمان
يستذكر الأحرار والوطنيون في سورية بكل فخر واعتزاز لحظات الانتصار العظيم على العدو الصهيوني وتحرير مدينة القنيطرة، عندما رفع القائد المؤسس حافظ الأسد علم الجمهورية العربية السورية في سماء القنيطرة، في السادس والعشرين من حَزِيران عام ١٩٧٤، حيث تمكّن الجيش العربي السوري الباسل بفضل تضحياته العظيمة وعطاءات شعبنا العربي السوري، من استعادة مدينة القنيطرة من براثن الاحتلال الصهيوني، ليؤكد تصميمه على الدفاع عن حقوق الشعب وواجبه الوطني في تحرير كل شبر من الأرض السورية، وفي مقدّمتها إعادة الجولان السوري المحتل إلى حضن الوطن.
تحل هذه الذكرى الخالدة في أذهان الشرفاء وجيشنا العربي السوري يحقق انتصاراً تلو الآخر على المجاميع الإرهابية التي تمثل ذراعاً عسكرياً لقوى الاستعمار الغربي و”إسرائيل” على امتداد الجغرافيا السورية، وجيشنا اليوم يستعدّ بكل ثقة وعزيمة لاستكمال تحرير الشمال السوري ودحر الإرهابيين والانفصاليين ولفظهم خارج البلاد.
ففي عام ١٩٦٧ احتل العدو الصهيوني مدينة القنيطرة من جملة الأراضي التي احتلها خلال عدوان الخامس من حزيران، فخضعت المدينة للاحتلال الصهيوني سبع سنوات حتى خاض الجيش العربي السوري حرب تشرين التحريرية عام ١٩٧٣، فكان التحرير من أبرز نتائج الحرب التي قادها القائد المؤسس بكل حنكة واقتدار.
ولقد عاثت قوات الاحتلال الصهيوني دماراً وخراباً بمدينة القنيطرة، حيث حوّلتها إلى مدينة أشباح، وأماطت اللثام عن وجه العدو الصهيوني القبيح الذي أوضح للعالم بأسره حقيقته الإجرامية والهمجية التي طالما حاول إخفاءها بوسائله الإعلامية، فاستخدم الصهاينة الجرافات الضخمة والمتفجرات في عملية التخريب والتدمير المنظمة والمتعمّدة، فلم يستثنِ بناءً سكنياً إلا واستهدفه، وحتى دور العبادة والمستشفيات والمدارس لم تسلم من وحشية الاحتلال وجنونه، وعبّر أحد جنود الاحتلال عن حقده بعبارات كتبها باللغة التي تسمّى زوراً عبرية: “أنتم تريدون استرجاع القنيطرة هاكم إيّاها مدمّرة”.
وتعدّ هذه الأعمال التخريبية الوحشية جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي حسب مبادئ جنيف، وخرقاً لاتفاقية فصل القوات التي أبرمت في ٢٩ أيار ١٩٧٤، بين الجانبين السوري والإسرائيلي، ما يؤكد أن هذا العدو لا يحترم العهود والمواثيق ولا يقيم وزناً للقانون الدولي، مستنداً في ذلك إلى الدعم الغربي بقيادة الولايات المتحدة في الميدان أو المحافل الدولية، ولهذا فإن السلام مع هذا العدو يعدّ أمراً غير ممكن إن لم يكن مستحيلاً.
وسوف تبقى مدينة القنيطرة المهدمة مثالاً حياً على جرائم العدو الصهيوني لكي يتمكّن ملايين الناس من زيارتها كما يزورون اليوم متحف “أوسونيز” المعبّر عن جرائم الحرب، وكما بقيت “أوسونيز” يجب أن تبقى القنيطرة شاهداً على الأعمال الوحشية والإرهابية الصهيونية.
إن رفع القائد المؤسس علم الوطن فوق سماء القنيطرة هو تأكيد أن حقوق الشعب السوري لا تسقط بالتقادم، وأن التحرير قادم مهما طال زمن الاحتلال، وكما رفع القائد المؤسس علم الوطن في سماء القنيطرة، كذلك سيرفع السيد الرئيس بشار الأسد علم الوطن في سماء الجولان بعدما حرّر القنيطرة من سيطرة المجاميع الإرهابية المسلحة الذراع الإسرائيلي في سورية.
وتؤكد سورية حقّها في استخدام كل السبل المشروعة بما فيها المقاومة والكفاح المسلح لاستعادة الجولان السوري المحتل، فهذا أمر غير قابل للنقاش والتفاوض، والحكومة السورية وحدها من يحق لها ممارسة السيادة الوطنية التامة غير المنقوصة على أرض الجولان وفقاً لجميع القوانين والاتفاقيات الدولية، وهي تؤكد أن المقاومة هي الخيار الأنجع لاسترجاع الجولان، وقد أكد القائد المؤسس حافظ الأسد هذه الحقيقة عندما قال: “إن الجولان ليست محتلة بقانون سنّته “إسرائيل”، ولن يتوقف تحريرها على عدم وجود قانون تسنّه “إسرائيل”، لم تأخذه “إسرائيل” بقانون ولن نسترجعه نحن بقانون”.
وعلى الرغم من الممارسات التعسفية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني ضد السوريين العرب في الجولان المحتل، إلا أنهم متمسكون بهويتهم السورية ويقفون صفاً واحداً ضد محاولات الاحتلال فرض الهوية الإسرائيلية ومنعهم من التواصل مع إخوانهم في الوطن، إضافة إلى استيلائه على آلاف الدونمات من أراضيهم، ويرفضون قرار ضمّ الجولان مؤكدين انتماءهم للوطن والتمسك بخيار المقاومة حتى التحرير والعودة إلى كنف الوطن.
إن إحياء ذكرى تحرير مدينة القنيطرة سنوياً هو مناسبة يؤكد فيها السوريون إصرارهم على تحرير الجولان السوري المحتل وسائر الأراضي السورية المحتلة، لأن التحرير يشكل بوابة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى منازلهم وقراهم ومدنهم التي هجّروا منها قسراً بفعل الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه الإرهابية في بعض المناطق السورية.