من هو جيمس ديفيد فانس مرشح ترامب نائباً له؟
ريا خوري
بعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس السابق، دونالد ترامب، لم تصمد كل الدعوات إلى التهدئة والوحدة بين الشعب الأمريكي من الجمهوريين والديمقراطيين وما بينهما طويلاً، وانهارت تلك التهدئة بسرعة مع انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، واختيار الرئيس ترامب السيناتور اليميني جي دي فانس، نائباً له، ليصحبه في العودة إلى البيت الأبيض.
والسياسي والمحامي الأمريكي جيمس ديفيد فانس من الحزب الجمهوري هو حالياً عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو منذ سنة 2023، حيث يبدو نسخة أكثر تشدداً من الرئيس السابق دونالد ترامب نفسه، ومتقلباً أكثر منه، بل شخصيةً مثيرة للجدل، وإشكالية في المجال السياسي والدبلوماسي، ورجل حروب كلامية وشعارات. ومثلما صعق اختياره المنافسين الديمقراطيين، ووصفوه بالمتطرف، والمحابي لكبار الأثرياء في الولايات المتحدة، لا يتفاعل جانب من الجمهوريين معه بالإيجاب، في كل ما يقول ويفعل كونه رجل براغماتي وسياسي متقلّب.
أما المؤشرات على صعيد العلاقات الخارجية للإدارة الأمريكية القادمة فتنذر بمتاعب ومشاكل غير مسبوقة. فمنذ الساعات الأولى لاختياره نائباً للرئيس ترامب انكشفت التصريحات الصادمة التي كان يطلقها، وتبين أن جي دي فانس شنّ هجوماً لاذعاً على بريطانيا، أقرب الحلفاء للولايات المتحدة، في تعليقٍ صارخ له على الفوز الساحق الذي حققه حزب العمال البريطاني هذا الشهر.
وإذا كان هذا الحال مع المملكة المتحدة، فإنّ الموقف مع الحلفاء الآخرين في القارة الأوروبية، ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيكون سيئاً جداً، وملغوماً بالمفاجأت، بل بالصدمات القاسية، بما يمهّد لنسف كل ما حاول الرئيس الحالي جو بايدن ترميممه وبناءه، بعد العهدة الأولى لترامب، وما تركه من إرث وقضايا وخلافات جوهرية في الداخل والخارج.
أما العهدة الثانية المفترضة، فإنها ستدق إسفيناً في العلاقات القائمة بين ضفتي المحيط الأطلسي، وقد تنقلها إلى أوضاع شديدة التقلب، والدراماتيكية المتسارعة، لكنها ستساعد على انفراجات أخرى في علاقات الولايات المتحدة الأمريكية المتوترة مع قوى أخرى، ولا سيما مع روسيا الاتحادية. وإذا كان دونالد ترامب قد تعهّد بإنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا خلال 24 ساعة، وأن المساعدات العسكرية والمالية المقدمة لأوكرانيا لا تقدّم، أو تؤخّر، فإنّ نائبه جيمس ديفيد فانس يعتبر أنّ هذه الحرب لا يمكن أن تنهزم فيها روسيا الاتحادية كونها دولة قوية ، كما يحلم الأوروبيون.
الأحداث الجارية في الولايات المتحدة الأمريكية لا تبشر بمرحلة من المصالحة الداخلية بين الأحزاب والقوى والشعب الأمريكي، وانسجام مع العالم الخارجي الواسع الذي يبدو أنه يتغيّر بشكلٍ متسارع، وكل المؤشرات تؤكد أن هذه القوة العظمى ربما تدخل في منطقة رمادية لا يتضح معها المسار الذي يمكن أن تتجه إليه، وهو مسار معقد وصعب ومصيري. ومن المبكر الحكم بالنجاح، أو الفشل، إذا سيطر ما بات يعرف بـ (اليمين الجديد) ، والذي يعدّ جيمس ديفيد فانس أحد وجوهه، على مقاليد الإدارة القادمة في البيت الأبيض، والمؤسسات الفيدرالية، وما يستتبع ذلك من تأثيرات كبيرة في الأوضاع العالمية التي أصبحت مختلفة جداً عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات خلال الدورة الرئاسية الماضية.
ومن المتوقع أن إدارة الرئيس دونالد ترامب القادمة، لن تكون أفضل حالاً من ذي قبل، بل ستكون على الأغلب عنوان للكمون والتراجع والسبات، لإعادة بناء الذات الأمريكية المستنزفة والمترهلة بعيداً عن مشاكل الخصوم والأعداء، وطلبات الحلفاء والأصدقاء .