الصفحة الاولىصحيفة البعث

أوروبا عازمة على إنقاذ الاتفاق النووي إيران: أمريكا ستكون المتضرر الأول من الانسحاب

مع اقتراب الموعد الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعلان قراره النهائي بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أعادت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق فرنسا وبريطانيا وألمانيا على نحو غير مسبوق تمسكها بالاتفاق، مخالفة رغبة ترامب في المضي قدماً بنقضه والشروع بمفاوضات على اتفاق جديد، ما يؤكد أن الفجوة كبيرة بين الشركاء الغربيين، وأن ما كان يمليه السيد الأمريكي سابقاً يبدو أنه غير قابل للصرف أوروبياً، لاسيما وأن ترامب لم يوفر شركاءه الغربيين حتى في المسائل التجارية، إذ لم يعفهم من الرسوم الجديدة التي فرضها على الصلب.
فقد أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده لن تتخلى عن قدراتها العسكرية واستقلالها وعلاقاتها مع دول المنطقة حتى لو طالبتها أمريكا بذلك، وقال: إذا كانت أمريكا تريد سلب استقلال إيران، فعليها أن تدرك أن الشعب الإيراني لن يتخلى بتاتاً عن استقلاله.
وأشار إلى أن الأمريكيين يريدون خفض قوة إيران، وينتابهم القلق من استقلالها، ولكنها ستواصل تمسكها بأهدافها، وجدد روحاني التأكيد على أن أمريكا ستكون المتضرر الأول من انسحابها من الاتفاق النووي، وستندم على أي قرار بالانسحاب من هذا الاتفاق، وأوضح أن إيران لم ولن تسعى لامتلاك السلاح النووي وإذا ما أرادوا إضعافها والحد من قوتها، فستقاوم بشراسة وضراوة الضغوط الأمريكية.
بدوره أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه من المحتمل أن تنسحب إيران من الاتفاق النووي الموقع مع مجموعة خمسة زائد واحد في حال انسحبت أميركا منه، مضيفاً إنه من غير الممكن في الوقت الحالي التحدث عن مستقبل الاتفاق النووي، ويجب أن ننتظر حتى يعلن ترامب قراره في الـ 12 من أيار الحالي.
إلى ذلك أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال لقائه نظيرته السويدية آنيكا سودر في طهران ضرورة تكريس أطراف الاتفاق النووي ولاسيما الأوروبيين اهتمامهم على تحقيق أهدافه الاستراتيجية والذي يثمر عن إرساء السلام والاستقرار الحقيقي ولاسيما في المنطقة على صعيد العمل، وليس في القول فقط، وشدد على أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي وتنفيذه في سياق تنمية وتعزيز التعاون والتبادل على مختلف الصعد، واصفاً الاتفاق بأنه إنجاز دبلوماسي كبير على الصعيد الدولي، لكنه بات يواجه المخاطر جراء غطرسة ترامب.
من جهتها وصفت سودر الاتفاق بأنه بمثابة رسالة في مجال إرساء الأمن وحظر الانتشار النووي، لذلك فإن أوروبا متكاتفة في دعم الحفاظ عليه وتنفيذه، مؤكدة ضرورة الاستفادة القصوى من جميع الفرص، وبذل الجهود من أجل بقاء الاتفاق.
وفي سياق متصل أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي سيكون خطوة مؤلمة لها وستندم عليها، وقال: لدينا خيارات عديدة للرد على الانسحاب الأميركي في حال حصوله، وسنفصح عنها بعد إعلان الموقف الأميركي، وأشار في مؤتمره الصحفي الأسبوعي إلى أنه لا يوجد اتفاق جديد ولن يكون، مبيناً أن الاتفاق النووي له خصوصياته، وهو اتفاق دولي متعدد الأطراف والخروج من الاتفاق غير ممكن ببساطة.
وفي أوروبا، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدعو إلى الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني بغض النظر عن قرار الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، ونقلت وكالة رويترز عن لودريان قوله في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني هايكو ماس في برلين أمس: نحن عازمون على إنقاذ هذا الاتفاق لأنه يحمي من الانتشار النووي.
من جانبه أعلن ماس أن ألمانيا لا ترى أي سبب لإلغاء الاتفاق، وستفعل كل ما هو ممكن في سبيل الإبقاء عليه، وقال: مازلنا نرى أن هذا الاتفاق يجعل العالم أكثر أمناً ودونه سيكون العالم أقل أمناً، ونخشى أن يؤدي الفشل إلى تصعيد.
كما دعا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى الحفاظ على الاتفاق، وقال جونسون في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: في هذا الظرف الدقيق سيكون من الخطأ الابتعاد عن الاتفاق النووي لأنه ينص على مراقبة أكبر للمنشآت النووية الإيرانية، ويزيد من إمكانية رصد أية محاولة لصنع سلاح، وأضاف: الآن ومع هذه القيود الراهنة لا أرى ميزة محتملة في إزالتها.
كما حذر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الولايات المتحدة من العواقب السلبية غير المحسوبة في حال إنهاء العمل بالاتفاق، وقال شتاينماير في مقابلة مع التلفزيون الألماني “أي أر دي”: إن وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري أكد عند التوقيع على هذا الاتفاق ضرورة أن يكون واضحاً للجميع، وأننا بهذه الخطوة منعنا حرباً على الأرجح، مضيفاً إن هذه الجملة مهمة جداً لأن على المرء أن يتذكر ما يمكن أن يحدث إذا انهار هذا الاتفاق، وعدنا من جديد إلى سباق تسلح في المنطقة، وقال: إن الإدارة الأمريكية باتت تتجاهلنا، ولا تعترف بنا كجزء من المجتمع الدولي، وهي تنظر إلى العالم باعتباره ساحة مباريات على كل واحد فيها التعامل بطريقته الخاصة.