صناعيو الجلديات يطالبون بدعم مدخلات الإنتاج وإقامة مراكز تدريب وتأهيل لليد العاملة
دمشق – مادلين جليس
في كلّ اجتماع صناعي، يدور الحديث حول المشكلات التي يعاني منها العديد من الصناعات، حيث يتمّ استعراض الحلول المطروحة لها، لعلّ واحداً منها ينقذ ما تبقى من هذه الصناعات التي باتت في أغلبها تعاني من تراجع واضح، كما هي الحال في قطاع الصناعات الجلدية الذي رغم وضوح التحديات التي تواجهه والعقبات التي تقف في طريق الحلول، إلا أنه ما زال على حاله منذ عدة سنوات، والحلول، كما يقول أهل الكار، بيد الحكومة ووزارة الاقتصاد خاصة، لناحية السماح باستيراد الجلود نصف المصنّعة والتي تشكّل الجزء الأكبر من المواد الأولية لهذه الصناعة. فهي بحسب الصناعي محمد كزرة، تأتي في المركز الثاني بعد الصناعات الغذائية والصناعات النسيجية، وأغلب حلقات إنتاجها تصنع في سورية بداية من الجلود إضافة للدباغة.
وعلى الرغم من تراجع عدد العاملين في الدباغة وتناقص الدباغات التي كان يتمركز أغلبها في دمشق وحلب خلال السنوات الأخيرة، إلا أنها جيدة جداً كما وصفها كزرة، الذي بيّن أنه خلال السنوات الأخيرة، وخاصة منذ بداية الحرب، تأثر إنتاج المنتجات الجلدية، ما أدى إلى ضعف تصدير هذه المنتجات، في ظل الارتفاع الكبير في التكاليف، وصعوبة استيراد بعض المواد الأولية، وارتفاع تكاليف نقلها وشحنها، ولفت إلى تعافي هذه الصناعة منذ عام ٢٠١٥ في حلب ودمشق وحماة، إلا أن الإنتاج لا يغطي السوق المحلية، وما يزال متأثراً بارتفاع حوامل الطاقة والمشتقات النفطية.
وأشار كزرة إلى أن المشكلة الأكبر تتمثل بنقص اليد العاملة، وخاصة الخبيرة والفنية في هذه الصناعة، إضافة إلى الانقطاع الكبير للتيار الكهربائي الذي يجعل الصناعي يتجه نحو البدائل من مازوت وأمبيرات، وهذا ما يرفع التكاليف، مما يؤدي لتراجع المنافسة مع المنتجات ذاتها من الدول الأخرى. وتحدث كزرة عن شح المواد الأولية الداخلة في الصناعات الجلدية، فهناك مواد أولية مهمّة لهذه الصناعات غير الجلود، مثل اللاصق، وهذه المواد يتمّ استيرادها من دول مجاورة، مع العلم أن صناعيي هذه المواد في معظم الدول هم صناعيون سوريون انتقلوا بفعل الحرب، كما أن الجلود الصناعية مثل المشمع والسكاي والبطانات كلها تأتي مستوردة من الصين، وهذا يعني ارتفاع التكاليف إضافة إلى صعوبة الاستيراد.
وأوضح كزرة للجلديات أن هذه الصناعة تشكّل قيمة مضافة كبيرة من حيث تشغيل عدد كبير من اليد العاملة، فهي تعتمد على اليد العاملة وليس على الآلات كغيرها من الصناعات، ولذلك فعدد الحرفيين العاملين فيها والورشات أكثر من عدد المصانع الكبيرة. وبين كزرة أن المصانع الكبيرة لصناعة الجلود تتركز في حماه ثم حلب وتليها دمشق لكن بأعداد قليلة، أما الورشات والمصانع الصغيرة فيتراوح عددها في مدينة حلب بين ٧٠٠ إلى ألف ورشة.
ولم يغفل كزرة الإشادة بأهمية المعارض التي تقام بغرض التسويق والترويج للمنتجات الجلدية، وما لها من دور كبير في استعادة هذه الصناعة لمكانتها في الأسواق العربية، من خلال إبراز إمكانيات وتطور المنتجين في الموضة والتقنيات المستخدمة في ذلك، مع إشارته إلى ضرورة إقامة معارض أكبر، وخاصة الخارجية لعرض المنتجات السورية، والمساهمة في اطلاع المستوردين من الدول العربية والأجنبية، بعودة الصناعات الجلدية السورية المعروفة منذ القدم والمنافسة بالسعر.
وطالب الصناعي الحلبي بإنشاء مراكز تدريب وتأهيل لهذه الصناعة بهدف إدخال جيل جديد من الشباب لتأهيلهم بشكل فني لممارسة هذه الصناعة ودخول سوق العمل لتنشيطه، خاصة وأن هذه الصناعة تأثرت بهجرة الشباب ما اضطر أصحاب المعامل لاستقدام عمالة غير فنية. مضيفاً أن إقامة برامج التدريب والتأهيل ستسهم في رفد سوق العمل، إضافة إلى تعزيز قدرة الإنتاج في كلّ المصانع، كما طالب الحكومة بدعم مدخلات الإنتاج وتخفيف الأعباء على المنتج، سواء ما يخصّ تقديم التسهيلات باستيراد المواد الأولية وتأمين الطاقة أو ما يتعلّق بإيقاف هجرة اليد العاملة “الشباب”.