لم يبقَ منها إلا ثلاثة.. أبواب حماة شاهد على أقدم مدينة مأهولة
البعث الأسبوعية – ثقافة – ذكاء أسعد:
حماه العاصي.. أقدم مدينة مأهولة في التاريخ، ارتبط اسمها بنهر العاصي الذي خالف تقاليد الجغرافيا ولغة الاتجاهات فدخل المدينة عاشقاً متيماً يحمل الحب والخير والجمال، وارتبط اسم المدينة بتلك الحماية الإلهية التي دائماً ماتحيط بها لهذا ترى على أحد أحجار أبوابها الاثني عشر جملة يمكن قراءتها من الاتجاهين “سور حماه بربها محروس”.
يقول عبد القادر فرزات رئيس الجمعية العلمية التاريخية أن موقع المدينة جعلها عرضة لأطماع الغزاة فبني سور لحمايتها وكان له اثني عشر بابا، وقد مرت تلك الأبواب بمرحلتين حسب معلوماته، هما قبل توسع المدينة وخلال التوسع الذي تم في العصر الأيوبي حيث استقرت الدولة ونمى الاقتصاد وازدهرت التجارة بين مملكة حماة ومدن الشرق وايطاليا وفرنسا وغيرها من مدن دول الغرب حتى في أوج الحروب الصليبية حيث كان التجار الإفرنج يبيعون بضائعهم في حماة وقد كان لهم حي يسمى حي الإفرنج ويعتقد بأنه بالقرب من سوق المنصورية.
وتوسعت المدينة بنزول سكان حماة من القلعة والتلال باتجاه نهر العاصي ابتداءً من حي الباشورة مروراً بحي الزنبقي وبين الحيرين وحي باب الجسر وحي المدينة حيث الماء أساس الحياة سيما أن نهر العاصي كان نقياً صافياً قبل أن تدخل إليه عوامل التلوث بفعل الصناعات والحرف التي صبت به مخلفاتها، وكانت تربط هذه الأحياء أقنية تحت الأرض لتأمين المياه للبيوت والحمامات والمساجد، منها الظاهر ومنها بأقنية فخارية تحت الأرض.
وأول تلك الأبواب هو باب البلد الذي كان خارج السور وكانت قوافل التجارة تأتيه من حمص ودمشق وأحياناً تأتي متأخرة ليلاً مما سبب بناء الخانات خارج السوق ومقابل هذا الباب في مدخل سوق المنصورية كان باب دمشق أو ما يسمى باب العرس، هنا يتم تجهيز العرائس من محلات سوق المنصورية، وهو يقع بالقرب من جامع الجديد.
وباب طرابلس حيث كان اتجاه القوافل منه إلى الحولة ثم إلى طرابلس وهو ميناء حماة على الساحل السوري كما كانت بيروت ميناء دمشق على الساحل السوري، أما باب القبلي يعتقد أنه يقع بجانب نزلة الجزدان والمسافة الفاصلة بين باب البلد وباب القبلي عبارة عن وديان تشكل حاجزاً طبيعياً كوادي الحوارنة ووادي الجملة حيث تحط الجمال في هذا الموقع للاستراحة.
ثم باب المغار الذي يقع بالقرب من اتحاد العمال السابق إلى مكان السكن القديم المحفور بالصخر واستمر السكن في الكهوف حتى بعد بناء طبقات القلعة الثلاثة عشر وفي هذه الكهوف رسوم بحاجة لمن يدرسها.
بالقرب من الجسر القديم الذي يؤدي إلى البساتين يقع باب النهر ويسمى بزقاق الدم يقع هذا الباب بالقرب من مفوضية كشاف حماة ويستمر بدون سور ملاصقاً العاصي حتى باب الجسر أو ما كان يسمى باب تدمر حيث تتجه القوافل إلى تدمر عن طريق السلمية.
أما النقفي أو ما كان يسمى باب الناعورة يتواجد عند جدار جامع النوري باتجاه جسر بيت الشيخ وحي الزنبقي ويمكن أن يكون باب الكيلانية هو باب الناعورة أو النقفي، ثم باب حمص عند قناطر المأمورية الذي كان يقع بالقرب من جامع الخانكان (خانقاه) وما زال جزء من حجارته على أحد قناطر ناعورة المأمورية.
وسمي باب العدة الملاصق لجامع النبي حام بهذا الاسم لأن أدوات الحرب كانت تدخل القلعة من هذا الباب وما زال جزء من هذا الباب على الجدار الخلفي لجامع النبي حام، وأخيراً باب العميان بجانب جامع الحسنين.
ولا ننسى الباب الذي يقع على جدار جامع السرجاوي وقد أزيل سوره في الثمانينات وكتب على أحد أحجاره “سور حماه بربها محروس” وسمي بباب النصر كونه يقع في الجهة الغربية للمدينة حيث كان الجيش الحموي والذي يشكل عصب الجيش الأيوبي في الميمنة في كل الفتوحات التي جرت خلال الحروب الصليبية والذي كان النصر حليف الدولة، يدخل هذا الجيش المنتصر من الجهة الغربية في كل المعارك التي جرت ابتداءً من قلعة صلاح الدين حتى عكا.
ويعتبر كل ماتم ذكره آنفاً قيد البحث والجدل حتى الآن لأن معظم هذه الأبواب لم يترك لها أثر سوى باب البلد وباب العدة ومكان باب النصر أو الغربي الكائن على جدار جامع السرجاوي السابق.