بوتين: هزيمة روسيا في ساحة المعركة مستحيلة
موسكو – تقارير:
يبدو أن الوضع العالمي الآن أصبح على شفير الهاوية فعلاً، بعد أن أعلن الغرب إصراره على الاستمرار في استعداء روسيا حتى النهاية، وذلك ما تؤكّده التصريحات الغربية المتتالية التي تعلن صراحة عن الرغبة الجارفة في الانتصار على روسيا وهزيمتها استراتيجياً عبر أوكرانيا، في الوقت الذي تؤكّد فيه موسكو أنه مستحيل التحقيق، وأن أمراً كهذا سيكون بالفعل إيذاناً بنهاية العالم، حتى لو ادّعى الغرب أنه لم يفهم هذا التحذير جيّداً.
فقد أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هزيمة روسيا في ساحة المعركة مستحيلة، مشيراً إلى أن بلاده ستتعامل بالشكل المناسب حيال تحويل الصراع في أوكرانيا إلى مواجهة عالمية.
وقال بوتين خلال خطابه السنوي أمام الجمعية الفيدرالية الروسية اليوم: “أخاطبكم اليوم في ظل تغييرات جذرية وأحداث تاريخية تحدّد مستقبل وطننا وشعبنا وتقع على عاتقنا مسؤولية تجاه حماية مواطنينا وأمن أراضينا”، مبيّناً أن إقليم دونباس عانى من قصف قوات كييف المستمر لسنوات طويلة، وأن روسيا بذلت قصارى جهدها لحل هذه الأزمة سلمياً، لكن الغرب شجّع النازيين الأوكران على مواصلة جرائمهم في دونباس ما دفعنا للقيام بالعملية العسكرية.
وأوضح بوتين أن موسكو كانت منفتحة على الحوار البنّاء مع الغرب وعرضت العمل على توفير ضماناتٍ أمنية للجميع بمساواة وعدل، لكن الغرب أفشل الحوار وجهّز كييف لشنّ حرب كبيرة، واستغلّ اتفاقيات مينسك لتسليحها، وأقام مختبراتٍ سرية لأسلحة بيولوجية في أراضيها.
ولفت بوتين إلى أن نظام كييف كان يحضّر لمهاجمة القرم بعد دونباس، والغرب هو من استخدمه لبدء الحرب ونحن استخدمنا القوة لوقفها، وكلّما زاد مدى الأسلحة التي يزوّد بها أوكرانيا سنقوم بدفع العدو بعيداً عن أراضينا، وقال: “الغرب أنفق حوالي 150 مليار دولار لتسليح أوكرانيا، بينما منح للدول الفقيرة 60 مليار دولار خلال عام 2020”.
وأشار بوتين إلى أن النخب الغربية تسعى إلى تحويل الصراع المحلي إلى نزاع عالمي، ولا تخفي أهدافها في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، مشدّداً على أنه من المستحيل هزيمة بلاده بساحة المعركة، وأنها ستتعامل بالشكل المناسب حيال تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية.
وأوضح بوتين أن حلف شمال الأطلسي “ناتو” يتضمّن دولاً ذات ترسانة نووية ليس فقط في الولايات المتحدة بل كذلك في بريطانيا وفرنسا، وجميعها موجّهة ضد روسيا، ويجب أن نضع ذلك في الاعتبار في الظرف الراهن.
وأعلن بوتين تعليق مشاركة روسيا في معاهدة الأسلحة الاستراتيجية والهجومية، لافتاً إلى أنه إذا قامت الولايات المتحدة بإجراء تجارب نووية فإن بلاده ستقوم بالمثل، وأن أي حديث عن الإخلال بنظام الردع النووي غير صحيح.
وبيّن بوتين أن الولايات المتحدة تمتلك مئات القواعد العسكرية خارج حدودها وتسبّبت الحروب التي شنّتها في مناطق متفرقة من العالم منذ عام 2001 بمقتل 900 ألف شخص، وتحويل الملايين من البشر إلى لاجئين ومشرّدين، بينما تدافع روسيا عن مصالحها، وتؤمن بأن العالم يحتاج إلى نظام عادل للجميع.
وفيما يخص العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، أوضح بوتين أن الاقتصاد الروسي أقوى بكثير مما كان يظنه الغرب، حيث حافظ على استقراره، بينما كانت توقعات الغرب تتحدّث عن انهياره، لافتاً إلى أن روسيا تمكّنت من حماية مواطنيها ودعمت النظام المالي، وخلال الشهر المقبل سيتم اتخاذ إجراءات دعم لقطاع الأعمال بقيمة تريليون روبل، حيث ستدخل البلاد في دورة جديدة من التنمية الاقتصادية وهناك كل الفرص لتحقيق قفزات في العديد من المجالات.
ولفت بوتين إلى ضرورة مواصلة دعم الأسر التي فقدت أبناءها في الحرب، واقترح إنشاء صندوق حكومي لمساعدة الجنود المشاركين في العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
إلى ذلك، استدعت وزارة الخارجية الروسية اليوم السفيرة الأميركية في موسكو لين تريسي وسلّمتها مذكرة احتجاج على خلفية تورّط بلادها المتزايد في الأعمال العدائية من قبل نظام كييف.
وقالت الوزارة في بيان لها: إن ضخّ القوات الأوكرانية بالأسلحة وتزويدها بتحديد الأهداف لتوجيه ضربات ضد البنية التحتية العسكرية والمدنية الروسية يثبت بوضوح هشاشة وزيف تأكيدات الجانب الأمريكي بأن الولايات المتحدة ليست طرفاً في النزاع، مؤكّدة أن الأسلحة المورّدة إلى كييف والأفراد، بمن في ذلك المواطنون الأمريكيون هي بمنزلة أهداف مشروعة للقوات الروسية.
وأضاف البيان: إن المسار العدواني الحالي للولايات المتحدة لتعميق المواجهة مع روسيا في جميع المجالات يأتي بنتائج عكسية، مشيراً إلى أنه من أجل تهدئة الموقف يجب على واشنطن اتخاذ خطوات تشمل سحب المعدات العسكرية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ووقف الأنشطة المعادية لروسيا.
وطالبت الوزارة الولايات المتحدة بتقديم تفسيرات بشأن الانفجارات التي وقعت في خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 1″ و”نورد ستريم 2” في أيلول الماضي، وأن تتدخّل في تحقيق موضوعي لتحديد المسؤولين عن ذلك.
إلى ذلك، أكّد القائم بأعمال رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية دينيس بوشيلين، أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كييف “استعراضية وليست لدعم الشعب الأوكراني”.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن بوشيلين قوله اليوم: إن “استقبال رؤساء الدول الأخرى شأن داخلي لدول ذات سيادة، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لأوكرانيا فهي خاضعة لسيطرة الولايات المتحدة”، مشدّداً على أن “الزيارة تهدف لإقناع بقية الشعب الأوكراني بمواصلة التضحية بأنفسهم من أجل مصالح واشنطن”.
وأشار بوشيلين إلى أن تصريحات بايدن عن تخصيص مليارات الدولارات لأوكرانيا ستستخدم لمزيد من التحريض على الأعمال العدائية ضد روسيا ودونباس.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن وصل إلى أوكرانيا أمس في زيارة غير معلن عنها مسبقاً، ويأتي ذلك في إطار الخطوات الأمريكية التصعيدية للأزمة الأوكرانية والتي تترافق مع زيادة ضخّ الأسلحة لنظام كييف، وخلق عدم الاستقرار في المنطقة.