فراس محمد يتابع تصوير “عتمة مؤقتة”
أمينة عباس
يتابع المخرج فراس محمد تصوير فيلمه الروائي الطويل، الأول له مع المؤسسة العامة للسينما، والذي يحمل عنوان “عتمة مؤقتة”، عن نص من كتابته يحاول فيه الاقتراب قدر الإمكان من حياة الناس في البيئة الفقيرة، من خلال شخصيتين تجمعهما المصادفة التي تسمح لهما بإعادة التفكير بحياتهما وشكل ونمط تعاملهما مع الحياة ومشكلاتها التي يعانيان منها. ويبيّن المخرج فراس محمد في تصريح لـ “البعث” أن الفيلم يحاول أن ينقل لنا مجموعة من العوالم التي يعيش داخلها أبطال الفيلم ليرصد بيئة الشخصيات القادرة على أن تنجو بأي شكل من أشكال النجاة من قسوة الظروف المحيطة بها، ليؤكد الفيلم أن العتمة في النهاية ستزول حتى لو كانت بطريقة صعبة.
وككاتب للنص، يشير محمد إلى أن الكاتب يكتب النص عادة من الخيال، لكن على أرض الواقع، ووفقاً لأماكن التصوير الحقيقية التي يفضّلها في أعماله، إضافة إلى حواراته مع الممثلين، يجد نفسه كمخرج يبحث عن صيغ أخرى لكتابة المشاهد، ولكن ضمن خط وسياق الفيلم. ويرى أن مهمة المخرج تتجسّد عادةً في تحويل الورق إلى صورة، وأن أكثر ما كان يشغله، كمخرج وهو يعمل على النص الذي يضمّ عوالم لها تفاصيل يعرفها بشكل شخصي، تجسيد الصورة بأكبر كمية ممكنة من التفاصيل، وجعل الشخصيات حقيقية من لحم ودم بتطورها الدرامي وفعلها وردّ فعلها وعلاقاتها، مؤكداً أن همّه في الفيلم لم يكن تقديم ما هو مختلف عما سبق وقدّمه في أفلام سابقة، بل كان ترجمة العوالم الموجودة في النص إلى الصورة التي في رأسه من خلال الاقتراب أكثر من الشكل الكلاسيكي والاتكاء على القصة لتكون الشخصيات واضحة ومفهومة للمشاهد في تطورها وسيرها، لذلك حاول في تجربته الأولى أن يجعل القصة هي الأساس لا المُخرج، وإن كان لا ينكر أن التدخل البصري موجود دائماً، لكنه ظل بعيداً عن الاستعراض الفني بإخلاصه للخط الدرامي، لذلك كان يتجنّب أي اقتراح أو تعديل لا يناسب هذا الخط للحفاظ على الشكل الكلاسيكي فيه، بدءاً من كتابة القصة ثم الإخراج والصورة، منوهاً بأنه كمخرج اتكأ على موهبة الوجوه الجديدة آية محمود، علاء زهر الدين، كساندرا دياب، وكانت المساحة متاحة بشكل كبير لمشاركتهم وقادرة على خدمتهم. وقد راهن محمد على نجاحهم، إلى جانب الاعتماد على خبرة زهير عبد الكريم ورنا جمول وأمانة والي وعلي القاسم، واصفاً التعامل معهم داخل الفيلم بالمريح، حيث الذهنية حاضرة ومتوقدة، وطاقتهم إيجابية أثناء التصوير نتيجة تبنيهم لما يقومون به منذ اليوم الأول.
ويشير فراس محمد وفي رصيده عدد من الأفلام القصيرة، إلى أن الفيلم القصير ليس دائماً خطوة باتجاه الفيلم الطويل، وأن الوصول للفيلم الروائي الطويل لا يعني دوماً التخلي عن الفيلم القصير، وبالتالي فهو لا يستطيع الجزم بما ستكون عليه خطوته القادمة لقناعته أن طبيعة الأفكار المطروحة هي التي تحتّم شكل عرضها بفيلم قصير أو طويل، ويختم محمد كلامه بالإشارة إلى أنه أنجز في هذا الفيلم ما يريد ويطمح إليه، ساعده في ذلك الإمكانيات التي مُنحت له من قبل المؤسّسة العامة للسينما، بالإضافة إلى دعم الممثلين والفريق الفني والتقني لإنجاز الفيلم بأفضل طريقة، وهذا ساعده على التركيز العالي أثناء التصوير.
فاروق
ويعبّر الفنان زهير عبد الكريم عن سعادته بمشاركته في فيلم “عتمة مؤقتة” من خلال شخصية فاروق وهي شخصية غير عادية درامياً لأنها من الشخصيات المركّبة التي تغري أي ممثل، وقد استحضر ملامحها من مشاهداته ومنحها تفاصيلها ومفرداتها الخاصة بها. من هنا فإن الفيلم برأيه مختلف كثيراً عما سبق وشارك فيه، فهو مكتوب بحرفية عالية من قبل مخرج دقيق يمتلك عيناً خبيرة ويعرف ماذا يريد، ونجح في ضبطِ عبد الكريم الذي يميل عادة في أدائه إلى الكوميديا. ونوّه عبد الكريم بأنه يعشق السينما وله فيها تجارب مهمة مثل “نجوم النهار، صندوق الدنيا، الليل الطويل” وهي أعمال مهمة في السينما السورية، كما شارك العام الماضي بفيلم “بوظة ساخنة” إخراج غسان شميط.
مروان
ويوضح الفنان الشاب علاء زهر الدين الذي يجسّد شخصية مروان الجندي الذي تنتظره الحياة بالكثير من المشكلات، أن الشخصية تجذب أي فنان، وقد أغناها المخرج بكثير من التفاصيل التي تعتمد عليها السينما التي كان من حسن حظه أنه شارك فيها من خلال فيلم “الرحلة 17″ مع المخرج علي الماغوط و”الطريق” مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، ليكون فيلم “عتمة مؤقتة” التجربة الثالثة له مع المؤسسة العامة للسينما.
لا يشبه أي فيلم
وفي أول تجربة له مع المخرج فراس محمد، يؤكد الفنان أمير برازي أن ميزة فيلم “عتمة مؤقتة” أنه لا يشبه أي فيلم سابق، حيث تمّ التحضير له في ظروف صعبة هي ظروف الزلزال، وكل مشهد فيه لن يمرّ مرور الكرام، والمُشاهد مهما كانت ثقافته سيفهمه، ويجسّد فيه أمير برازي شخصية الطبال والتي خرجت بصيغتها النهائية بعد تحضيرات طويلة تمت بينه وبين المخرج، وهي شخصية كغيرها من شخصيات العمل تعيش ظروفاً صعبة وتبحث عن الخلاص بطريقتها، مبيناً أن محمد مخرج صعب ودقيق ويعرف ماذا يريد، موجهاً التحية لمدير التصوير باسل سراولجي الذي كان شغله الشاغل التصوير بطريقة خاصة جداً، وكذلك للمؤسسة العامة للسينما التي قدمت كل ما تستطيع لإنجاز الفيلم بالطريقة الأفضل.
فاعلة ومؤثرة
ولا تخفي الفنانة الشابة كساندرا دياب أن الخوف تملّكها كممثلة تقف أمام الكاميرا لأول مرة، وهي خريجة جامعة المنارة في اللاذقية، إلا أن هدوء المخرج وطريقة تعاطيه السلسة مع الممثلين كان له دور كبير في تجاوز الخوف بعد أن اختارها للمشاركة في الفيلم، مشيرة إلى أن مساحة الشخصية التي تؤديها صغيرة نوعاً ما، ولكن ما شجعها على قبولها أنها ليست شخصية عابرة بل هي فاعلة ومؤثرة.
يُذكر أن الفيلم من تمثيل: آية محمود، علاء زهر الدين، دلع نادر، محمد زرزور، كساندرا دياب، أمير برازي، بالاشتراك مع زهير عبد الكريم، أمانة والي، رنا جمول، علي القاسم.