ثقافةصحيفة البعث

تكريم د. سلام يوسف طعمة في ذكرى رحيله الثانية

ملده شويكاني 

شغلت لوحات البورتريه التي رسمتها بشاعرية الفنانة ليلى رزوق، زوجة الفقيد د. سلام يوسف طعمة، نائب المدير العام السابق لمركز الدراسات والبحوث العلمية، حيزاً مهماً في معرض “تحية إجلال لروحه”، والذي أقيم في مركز ثقافي كفرسوسة، في ذكرى رحيله الثانية.

وقد ضمّ المعرض أعمال ستة وستين فناناً من مختلف الأعمار والمحافظات، فكان لقاء ودياً بين المبدعين المحترفين المخضرمين والشباب والمتدربين والهواة حتى الأطفال، منهم حفيدة الفقيد أثينا طعمة.

ورغم هذا التآلف إلا أن لوحات المبدعين بقيت تشدّ الناظرين، مثل نذير نصر الله ولينا ديب وسركون بولص ومحمد هدلا وإلهام جبور وسوسن بواب، وغيرهم، ورغم التوجّه نحو اللوحة بمختلف اتجاهاتها وتقنياتها، إلا أن المنحوتات القليلة فرضت حضورها مثل منحونة الفنان محمد. س. حمود من طرطوس الثنائية التي تتشابك بها أيدي الأنثى والرجل تأييداً لتكاملهما بالحياة وبناء الوطن.

وتميّزت لوحات البورتريه للفقيد، فإضافة إلى المجموعة التي قدمتها ليلى رزوق، شارك الفنان أديب مخزوم بلوحة بورتريه دمج فيها بأسلوبه الخاص بين التعبيرية والخلفية التجريدية، فاختار مجموعة من الورود الحمراء والصفراء تتناثر حولها أوراق الأشجار الخضراء اليانعة، لتتوسّط لوحة صورة الفقيد ضمن إطار خشبي على خلفية تجريدية بشطحات الألوان والرموز، وكذلك الفنان سليم نوفل رسم بورتريه للفقيد متداخلاً مع إيحاءات عن عمله البحثي العلمي بالتركيز على دوران الأفلاك والكرة الأرضية. في حين رسمت الفنانة رزان عيسى بورتريه الفقيد ضمن إطارات خشبية توحي بالنوافذ إشارة إلى الوطن.

وتفرع البورتريه لوجه الأنثى بأساليب متنوعة مثل لوحة الفنانة إلهام جبور التي شكّلت جمالية الوجه الأنثوي بأدقّ تفاصيل الملامح محاطاً بتكوينات وزخارف تضفي بريقاً على اللوحة، بينما عكس بورتريه الفنانة إيمان الحسن حالة من الحزن عبّرت عنها عجينة اللون الأصفر المنسكبة على كامل الوجه حتى خصلات الشعر.

حالات درامية 

ومن البورتريه إلى تشخيص الأنثى بحالات درامية تعيشها من خلال رمزية الإيحاءات، مثل لوحة جميلة كاترينا التي دمجت بين الأنثى والطاووس، وعبير أحمد التي دمجت بين الأنثى ورأس السمكة وأسبغت اللون الأحمر على جسدها بتأويلات حالمة.

كما تنوّعت موضوعات اللوحات بين الوطن والطراز المعماري للمدن القديمة والطبيعة والحروفية والطبيعة الصامتة والأفكار الرمزية المركبة، مع وجود اللوحة التي تهمس بتساؤلات مثل لوحة غازي القاضي، التي جسّد فيها حالة أنثى تفتح الباب الخشبي القديم وتنظر بتفاؤل تومئ به الأزهار اليانعة على جانبي الباب، وينعكس أيضاً على التضاد بلون ثيابها بين الأبيض والأسود. وبدت الواقعية واضحة بالنقل عن بعض الصور العالمية.

الجميل بالمعرض أن عدداً من المشاركين عبّروا عن التكريم بالحالة العاطفية، التي جمعت بين الفنانة ليلى رزوق وزوجها الفقيد، فرسموا ثنائيات عاطفية رومانسية.

“البعث” توقفت مع الفنانة ليلى رزوق التي رسمت مجموعة بورتريهات بأسلوب كلاسيك رومانسي بالتعبير عن الروح وما تملكه من جمالية بألوان الزيتي بالريشة بطبقات رقيقة ومتتالية لإظهار أبعاد الألوان.

وكانت الفنانة نجوى الشريف من المشاركين القلة الذين خصّوا هذه المناسبة بلوحة خاصة، إذ رسمت بأسلوبها التعبيري عناقاً حالماً بين الأنثى والرجل، وقد تقصّدت إظهار حالة الحب التي تخلق تشابهاً بينهما مستخدمة تراكمات الألوان الترابية وتأثيرات الألوان الأرجوانية مع البقع البيضاء التي هيمنت على الجسد والملامح بالريشة والسكين بدمج ألوان الزيتي والإكليريك. وتقاطعت معها باللوحة العاطفية عبير كريمو فرسمت لوحة جميلة الملامح لثنائية حميمة لعاشقين تنمّ عن الاحتواء والسند والأمان مركزة على ضربات السكين بألوان الزيتي.

بين المدينة والطبيعة

الشاب ورد سعود شارك بأربع لوحات صغيرة استمدها من صور للطبيعة ولمعالم المدن، ثم رسمها بأسلوبه كنوع من المقارنة بين العوالم المختلفة لمثالية الطبيعة التي لم يمسها البشر وبين ضوضاء وتكنولوجيا المدينة، فجسّد مدينة نيويورك، وتألقت لوحة مدينة البندقية بجمالية أبنيتها على ضفتي النهر، وتابع أنه متأثر بالانطباعية بتأثير ضوء الشمس وتأثيرها على الظلال والألوان بألوان خشبية.

كما رسمت خلود كريمو لوحة مركبة لتداخل الوجوه الأنثوية مركزة على العين والشفاه، وعقبت بأنها تجسّد الوطن الجريح بلمستها الحزينة، بألوان زيتي بعدة طبقات مركزة على خلفية الرماديات مع بصيص الأمل بمسحات الألوان المشرقة.

الفنانة صريحة شاهين شاركت بعمل تعبيري يوحي بمعاناة الشعب السوري خلال سنوات الحرب الطويلة، فتظهر اللوحة قوة الإنسان وصموده وانطلاقه من نفق الأزمة، بمواد مختلطة وألوان الزيتي والإكليريك.

وتحدث إينال القائد عن مشاركته بالدمج بين الطبيعة والحروفية فدمج بين الواقعية والخط العربي بأسلوب تجريدي.

الخط العربي كان له حضور أيضاً ضمن تشكيلات هندسية بلوحة أماني سعيد مسكة مستخدمة الأحبار واللون الفوسفوري الفاقع ما أعطى إضاءة مشرقة للوحة.

وركزت راما الحموي على التفاصيل والمنمنمات للبورتريه الأنثوي بقلم الرصاص ومسحات الباستيل بأبعاد الأبيض الرمادي والأسود.

فيلم توثيقي

سُبق المعرض بحفل تأبين تضمن عرض فيلم توثيقي تسجيلي عن مسيرة الفقيد، كما ألقيت بعض الكلمات التي تلخّص مناقب الفقيد ومسيرته العلمية، وشغل الجانب الإنساني وكذلك الفني جانباً منها.

وتحدث الفنان أديب مخزوم، لذي أشرف على مبادرة التكريم، عن علاقته بالفقيد الذي كان يهتمّ بحضور المعارض، ومناقشته حول مداخل بين العلم الكيميائي والفيزيائي والفن بما يعرف باللوحة المخبرية.