ماذا لو استقلّت اسكتلندا عن بريطانيا؟
تقرير إخباري
سؤال يطرحه العديد من المحللين السياسيين ويشيرون صراحة إلى بداية فعلية لتمزّق دولة الاتحاد المكوّنة من أربعة أقاليم هي: إنكلترا وأيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز، حيث ستفقد المملكة المتحدة ضلعاً من أضلاع توازنها التاريخي الأربعة، وقد يكون هذا مشجّعاً لمناطق أخرى في الكومنولث، تنضوي تحت “التاج البريطاني” للاستقلال.
فقد توحّدت اسكتلندا وإنجلترا سياسياً عام 1707، ومنذ عام 1999 بات لاسكتلندا برلمانها وحكومتها الخاصة، وتضع الحكومة هناك سياساتها الخاصة في مجالات الصحة العامة والتعليم ومسائل أخرى، بينما تسيطر الحكومة في لندن على قضايا من بينها السياسة الدفاعية والمالية.
وكان المعهد السياسي السياسي “Chatham House” البريطاني، أشار إلى أنّ هناك مخاوف من تكرار سيناريو مغادرة اسكتلندا للمملكة المتحدة، لافتاً إلى أنّ “أفضل سابقة للدول التي تنفصل عن الكيانات الأكبر وتعيد تأسيس نفسها هي التجربة الأيرلندية، قبل قرن من الزمان”.
ففي أيرلندا “تسمع مناقشات بشأن الهوية والحوكمة المتعدّدة المستويات، وتُسمع أيضاً إلى حدّ ما في اسكتلندا”، وخصوصاً مع تصدّر حزب “الشين فين” المؤيد لتوحيد الجزيرة الأيرلندية في الانتخابات، وذلك “يمكن أن يؤثّر في إنكلترا وويلز كثيراً نحو الاستقلال، وسيشجّع أيضاً حركة الاستقلال الاسكتلندية”.
وإذا حقّقت اسكتلندا استقلالها، فإنّ ذلك “قد يجعل المملكة المتحدة تفقد 8% من سكانها ونحو ثلث أراضيها، وسيكون لذلك تأثير هائل في دور المملكة المتحدة في العالم”.
كذلك سيؤثّر استقلال اسكتلندا في المملكة المتحدة، إذ يمثّل اقتصاد اسكتلندا 8% من اقتصاد المملكة المتحدة، كما ستخسر مورداً أساسياً للموارد الطبيعية، إذ إنّ اسكتلندا تحتوي على نسبة كبيرة من تلك الموارد، بما في ذلك الطاقة المتجدّدة.
ومعلوم أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي لقي معارضة شديدة في دول الاتحاد البريطاني، وخاصة في اسكتلندا التي رفضت ذلك صراحة مؤكّدة أن هذا الخيار سيأتي بنتائج عكسية على الاقتصاد البريطاني، وربّما اتخذت أدنبره ذلك ذريعة للانفصال عن التاج البريطاني، وخاصة أن المملكة شهدت سقوط ثلاث حكومات منذ أن صوّتت على قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 “بريكست”، حيث عانى الاقتصاد البريطاني الكثير من المشكلات في ظلّ أزمات اقتصادية خانقة، بالتوازي مع تراجع نفوذ وحضور لندن على المستوى الدولي.
ومن هنا، وفي محاولةٍ من اسكتلندا لتجيير هذه الأزمات لمصلحة تحقيق مطلبها بالاستقلال، جدّد الحزب الوطني الاسكتلندي، برئاسة رئيس الوزراء حمزة يوسف، دعمه لاستقلال بلاده عن بريطانيا.
ونقلت فرانس برس عن يوسف قوله في خطاب ألقاه في مدينة داندي شرق اسكتلندا خلال مؤتمر مخصّص للاستقلال: إنه في حال فوز حزبه في الانتخابات العامة المقبلة سيسعى إلى التفاوض مع لندن لنقل السلطة إلى اسكتلندا، واعداً بأن يمثل فوز الحزب الوطني الاسكتلندي في هذه الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام الجاري، رغبات الشعب بهذا الصدد.
وأكّد يوسف “سعيه للتفاوض مع الحكومة البريطانية حول كيفية إعطاء شعب اسكتلندا القدرة على الممارسة الديمقراطية لتصبح اسكتلندا دولة مستقلة”، لافتاً أيضاً إلى أن فوز الحزب سيعني البدء “بتمهيد الطريق” لانضمام اسكتلندا إلى الاتحاد الأوروبي، من خلال إرسال ممثل عن الحكومة الاسكتلندية إلى بروكسل.
فالخيار الذي تواجهه اسكتلندا هو أن تكون خارج المملكة المتحدة، ولكن داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما قالته الوزيرة الأولى السابقة في اسكتلندا، نيكولا ستيرغون، التي رأت أن الاستقلال عن المملكة والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تسبّبت بها حكومة المحافظين في لندن، وهو ما لقي تأييداً شعبياً واضحاً في اسكتلندا، ولكن هذا الخيار دونه مشكلات كبيرة تتمثل في إغراء بقية أعضاء الاتحاد في الاستقلال عن الإمبراطورية التي لن ترى الشمس بعد الآن.
طلال ياسر الزعبي