مع انعقاد قمّة الناتو.. الأجواء في العالم تتلبّد وروسيا تحذر فرنسا من تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى
موسكو – واشنطن – تقارير
لا شك أن الأجواء في العالم باتت مشحونة بالكثير من المخاطر على خلفية استمرار الغرب بتزويد النظام الأوكراني بشتى أنواع الأسلحة التي يمكن استخدامها لاستهداف الداخل الروسي والقول فيما بعد: إن فلاديمير زيلنسكي كان قد تعهّد بعدم استخدامها هناك، وذلك في تأكيد غربي واضح أن الحرب في أوكرانيا هي حرب بين الناتو وروسيا بالوكالة عبر أوكرانيا، وأن نظام كييف مجرّد منفّذ لأوامر أسياده الغربيين، وبالتالي أصبح الغرب الجماعي يمهّد فعلياً لخروج الأمور عن السيطرة بعد أن تأكد لديه أن دمية كييف عاجزة عن تحقيق أهدافه بنفسها، ولا بدّ من انتهاء الأمور إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، وهذا بالضبط ما بات يدور الحديث عنه في موسكو الآن.
فقد حذّر المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف اليوم من قرار فرنسا إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى نظام كييف، معتبراً أنه قرار خاطئ وسيتم اتخاذ إجراءات مضادة حياله.
ونقل موقع “RT” عن المتحدث باسم الرئاسة قوله: “يتعيّن توضيح مدى هذه الصواريخ، ومن وجهة نظرنا القرار خاطئ وستنعكس عواقبه على الجانب الأوكراني لأنه بطبيعة الحال سيجبرنا على اتخاذ إجراءات مضادة”.
وأوضح بيسكوف أن هذه الخطوة لن تؤثر في مسار العملية الروسية في أوكرانيا، وقال: “مثل هذه القرارات لا تستطيع وليست قادرة على التأثير في مسار عمليتنا العسكرية، ويمكنها فقط أن تفاقم مصير نظام كييف”.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بدء قمّة الناتو اليوم في فيلنيوس، أن فرنسا قرّرت تزويد كييف بصواريخ جديدة بعيدة المدى تسمح للقوات الأوكرانية بتوجيه “ضربات للعمق الروسي”.
وفي سياق متصل، أشار بيسكوف إلى أن “دول الناتو ترى روسيا عدوّاً وخصماً لها، ومن هذا المنطلق ستعقد المناقشات في قمّة الحلف في فيلنيوس، بينما ستراقب موسكو عن كثب ما يحدث هناك، وسيكون لهذا موضوع بحث معمّق لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان أمن بلادنا”.
وحول مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قال بيسكوف: “على تركيا ألا تعوّل على مسألة انضمامها للاتحاد الأوروبي، فلا أحد من الأوروبيين يريد رؤية تركيا بينهم”.
إلى ذلك، ندد رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين اليوم باستمرار بولندا في تزويد نظام كييف بالأسلحة لارتكاب المزيد من الجرائم.
ونقل موقع “RT” عن فولودين قوله عبر تليغرام: “تصادف اليوم ذكرى ضحايا مذبحة البولنديين في فولين غرب أوكرانيا، وتصفيتهم على أيدي نازيي ستيبان بانديرا زعيم حركة المتطرّفين الأوكرانيين، بين عامي 1943 و1944، حيث أبادوا بوحشية عشرات الآلاف من المدنيين البولنديين، بمن فيهم النساء والأطفال والمسنّون”.
وأضاف: إن “وارسو التي تحيي اليوم ذكرى ضحايا فولين تزوّد نظام كييف بإمدادات منتظمة من السلاح ليرتكب جرائم جديدة”، معتبراً أن “أتباع بانديرا فيما سمّي “الجيش الثوري الأوكراني” أحرقوا البولنديين أحياء، وكسروا رؤوسهم بالفؤوس والعصي، وأغرقوهم في الآبار، وهذه الفظائع تشهد عليها الوثائق الأرشيفية وإفادات شهود العيان الموثقة”.
وكانت مناطق غرب أوكرانيا بما فيها فولين ألحقت ببولندا إبان الحرب العالمية الأولى، وبعد اجتياح ألمانيا النازية لبولندا سنة 1939 شكّلت هناك جيشاً من الأوكرانيين الذين جنّدتهم لارتكاب أفظع الجرائم ضد المدنيين غرب أوكرانيا من روس وبولنديين.
واستمرّت عصابات بانديرا بارتكاب فظائعها حتى حرّر الجيش الأحمر السوفييتي بولندا، وقضى على ألمانيا النازية، بينما قامت الاستخبارات السوفييتية بتصفية بانديرا في بون، حيث كان خاضعاً لحراسة أمريكية مشدّدة.
من جهة ثانية، أعلن السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف أن الوضع في العلاقات بين روسيا والغرب يتجه نحو السيناريو الأكثر سلبية، وهو المواجهة بين موسكو والناتو.
ونقل موقع “RT” عن السفير قوله للصحفيين: “عشية قمّة الناتو، الجو في الفضاء المعلوماتي الأمريكي أصبح ساخناً للغاية يتم تحضير كل شيء لإخضاع الرأي العام هنا لقبول أيّ قرارات معادية لروسيا سيتم اتخاذها في الأيام القريبة في فيلنيوس”.
وأضاف: “يستمرّ الوضع في الانزلاق نحو المواجهة بين روسيا ودول الحلف، وتخلق الإجراءات التي يتخذها الغربيون عقباتٍ لا يمكن التغلّب عليها أكثر من أي وقت مضى في طريق الخروج من أشدّ الأزمات العسكرية السياسية حدة، والمحفوفة بالمخاطر مع أسوأ العواقب على الأمن الدولي”.
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن نشر التقارير عن المفاوضات السرية المزعومة لوزير الخارجية سيرغي لافروف مع الأمريكيين دليل على استسلام واشنطن الأخلاقي.
وقالت زاخاروفا في حديث للقناة الروسية الأولى أمس: إن “هذا يدل على استسلامهم الأخلاقي المطلق برأيي، وعلى خلفية تدهور نظام كييف الذي لا يعرف ماذا يفعل ليسمعه من خلقوه ليقول لهم إنه لن يكون هناك أي شيء إن لم يزوّدوه بدفعة جديدة من الأسلحة والأموال فهذه خسارة كبيرة لهم”.
وأضافت: “إن نشر الولايات المتحدة للأكاذيب عن المفاوضات بين موسكو ومسؤولين أمريكيين ضرورية لإثارة ضجّة لا علاقة لها بالواقع حول رغبة روسيا المزعومة في إطلاق مسار ثانٍ أو ثالث من المفاوضات”.
وجاء ذلك تعليقاً على تقرير لقناة إن بي سي الأمريكية زعمت فيه أن مسؤولين أمريكيين من الدبلوماسيين المخضرمين السابقين أجروا مفاوضاتٍ سرية حول آفاق السلام في أوكرانيا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيسان الماضي.
وفي شأن آخر، أكدت زاخاروفا أن بولندا غير مهتمة بضمّ أوكرانيا إلى الناتو، لأنها تريد الحصول على أراضي غرب أوكرانيا.
وتساءلت زاخاروفا في حوار صحفي: “لماذا لا يضمّ الناتو أوكرانيا إلى صفوفه؟ لأن الجزء الغربي من أوكرانيا من وجهة نظر بولندا، يجب أن ينتمي إلى بولندا وليست هناك حاجة لتكون أوكرانيا في الناتو”.
وأشارت إلى أن “رغبة السياسيين البولنديين في الاستيلاء على الجزء الغربي من أوكرانيا واضحة، وهم يتحدّثون عن ذلك علانية”.
وأوضحت زاخاروفا أنه إذا تم ضمّ أوكرانيا لحلف الناتو، فإن الحلف سيتعيّن عليه الاعتراف بحدودها”، وأن ذلك لا يخدم وجهة النظر البولندية وأطماع وارسو.