السفير صباغ: الولايات المتحدة تستغل رئاستها لمجلس الأمن لخدمة سياساتها الخبيثة
نيويورك – سانا
أكّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن الاحتلال الإسرائيلي يستمر بتصعيد الأوضاع في المنطقة عبر مواصلة اعتداءاته على الأراضي السورية، وممارساته الإجرامية بحق أهلنا في الجولان السوري المحتل، ما يتطلّب من مجلس الأمن القيام بمسؤولياته بموجب الميثاق، ووضع حدٍّ لسياسات الاحتلال والعدوان، ومساءلة مرتكبيها.
وقال صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأن السياسي في سورية: يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الأراضي السورية، كما يمعن في ممارساته الإجرامية ضدّ أهلنا في الجولان السوري المحتل، في إطار تصعيده الخطير والمستمر للأوضاع في منطقتنا، حيث شنّ قبل يومين عدواناً جوياً بالصواريخ من اتجاه الجولان، استهدف نقاطاً في محيط مدينة دمشق، ما أدّى إلى إصابة عسكري بجروح، ووقوع خسائر مادية، وسبق ذلك، قيامه بعدوان مماثل في السابع من آب الجاري، أدّى إلى استشهاد أربعة عسكريين، وإصابة آخرين بجروح، ووقوع خسائر مادية.
وأشار صباغ إلى أن سورية تُدين بأشدّ العبارات هذه الاعتداءات، والممارسات الإجرامية، وتطالب مجلس الأمن بالخروج عن صمته، والنهوض بمسؤولياته بموجب الميثاق، ووضع حدّ لسياسات الاحتلال والعدوان، ومساءلة مرتكبيها، وتعتبر أن الحماية التي توفرها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى لكيان الاحتلال تجعلها شريكاً له في تحمّل المسؤولية عن هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح صباغ أنه في الوقت الذي تؤكّد فيه جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية على احترام سيادتها واستقلالها، ووحدة وسلامة أراضيها، فإن بعض الدول الأعضاء في المجلس وخارجه ما تزال ترتكب انتهاكات فاضحةً لتلك القرارات، إذ تستمر القوات الأمريكية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية بانتهاك سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وبدعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية، إذ تسببت مؤخراً باستشهاد عدد كبير من عناصر الجيش العربي السوري إثر اعتداء على حافلة تقلهم، وهذا العدوان يأتي في سياق دعم ورعاية الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم “داعش” الإرهابي، وتوظيفها له وللميليشيات الانفصالية كأداةٍ لتنفيذ مخططاتها تجاه سورية والمنطقة.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة: لقد تابعنا اليوم، وخلال الاجتماعات المتعلقة بسورية هذا الشهر، كيف تستغل الولايات المتحدة رئاستها لمجلس الأمن لخدمة سياساتها الخبيثة، وذلك من خلال دعوة أشخاص ارتبطوا بسياساتها، وعملوا على خدمة أهدافها من خلال نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، والسماح لهم باستخدام عبارات غير مناسبة، وهذا النوع من الممارسات الخاطئة يشوّه مشاركة ممثلي المجتمع المدني في مناقشات مجلس الأمن، ويعطي صورةً خاطئةً عنها، ويحرفها عن هدفها الحقيقي، وهو أمر يتناقض مع عضوية واشنطن الدائمة في مجلس الأمن.
ولفت صباغ إلى أن استمرار الوجود غير الشرعي للقوات التركية على الأراضي السورية، يعيق تثبيت الاستقرار فيها، وذلك بسبب استمرارها بدعم وحماية الإرهابيين، بما في ذلك تنظيمات مدرجة على لوائح مجلس الأمن للكيانات الإرهابية، إلى جانب سياسات التتريك والتغيير الديمغرافي التي تخدم مصالحها، يُضاف إلى ذلك استمرار ممثلي بعض الدول الغربية بالتسلل بشكل غير شرعي إلى الأراضي السورية وإجرائهم لقاءات مع ممثلي الميليشيات الانفصالية أو ما تسمى “الإدارة الذاتية”، إذ قام وفد كندي برئاسة المديرة العامة للعمليات في الخارجية الكندية بانتهاك حرمة الأراضي السورية وإجراء لقاءات غير قانونية مع ممثلين غير شرعيين، مؤكداً إدانة سورية هذه الانتهاكات السافرة التي تمثل خرقاً فاضحاً لميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكاً موصوفاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بها، ومثالاً واضحاً يعكس السلوك والعقلية الاستعمارية الغربية، ودليلاً جديداً على مشاركة هذه الحكومات بشكل مباشر في الدور التخريبي في سورية.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الإجراءات القسرية الانفرادية غير الشرعية المفروضة على الشعب السوري من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ونهب قواتها الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية للثروات الوطنية تؤثّر سلباً في الوضع الاقتصادي والاستقرار في سورية، مشيراً إلى أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب السوري وتوفير البيئة المناسبة للاستقرار، يتطلّب رفعاً فورياً وغير مشروط لتلك الإجراءات غير القانونية وغير الإنسانية، وإنهاء الوجود العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية الذي يمنع شعبها من الاستفادة من موارده وثرواته الوطنية.
وبين صباغ أنه في إطار تفعيل الدور العربي الضروري لدعم سورية، وتجاوز تداعيات الحرب عليها، وتحقيق الاستقرار فيها، عقد في الـ15 من آب الجاري اجتماع للجنة الاتصال العربية المعنية بسورية في مصر الشقيقة، بمشاركة وزير الخارجية والمغتربين، تمت خلاله مناقشة الوضع في سورية، استناداً إلى قاعدة الحوار الشفاف والمباشر والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة، وأكد البيان الختامي للاجتماع على احترام سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وإنهاء الجماعات الإرهابية، وخروج جميع القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي منها.
وأشار صباغ إلى أن البيان تضمّن أيضاً الإعراب عن التطلّع لاستئناف العمل على المسار الدستوري، وعقد الاجتماع المقبل للجنة مناقشة الدستور في سلطنة عمان، بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الجاري، والمطلوب هو احترام هذا الموقف الذي يعبّر عن إصرار الدول العربية على دعم سورية، وحرصها على وحدتها، وإنهاء التدخّل في شؤونها الداخلية، كما رحّب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين سورية والأمم المتحدة في السابع من الشهر الجاري بشأن إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي لمدة ستة أشهر، وبقرار سورية تمديد فتح معبري باب السلامة والراعي لمدة ثلاثة أشهر.
وأوضح صباغ أنه تم التأكيد كذلك في البيان على ضرورة معالجة أزمة اللاجئين وإعطائها الأولوية والاهتمام اللازمين، والإسهام في تعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين، باعتبارها أولويةً إنسانيةً، وضرورة تكثيف العمل لتسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، وخاصةً في المناطق التي يُتوقّع عودة اللاجئين إليها، مجدّداً دعوة سورية جميع اللاجئين إلى العودة، وحرصها على الانخراط البناء مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حول مواضيع عودة اللاجئين، ومعرباً عن ترحيب سورية بهذا البيان، ومطالبتها الدول التي دعمت الإرهاب وفرضت العقوبات عليها بوقف هذه الممارسات، إذا ما أرادت نجاح المساعي العربية.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن مسار “أستانا” حقق منذ إنشائه إنجازات مهمةً على صعيد تقليص مساحة الإرهاب في سورية، وقد أكّدت الدول المشاركة فيه على نحو متكرر التزامها الراسخ بسيادة سورية ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، وبأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتصميمها على متابعة العمل المشترك لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، والوقوف في وجه الأجندات الانفصالية، كما أدانت أنشطة التنظيمات الإرهابية والجماعات التابعة لها التي تنشط تحت أسماء مختلفة في أجزاء متعددة من سورية.