ثقافةصحيفة البعث

“بشيلي الشّعري” يعقد دورته الثّانية متحدّياً جميع الظّروف

نجوى صليبه

يتذكر كثيرون قرية بشيلي ـ ناحية بيت ياشوط بريف مدينة جبلة في محافظة اللاذقيةـ من نشرة الأخبار الجوية تحديداً في فصل الشّتاء، إذ ارتبط ذكرها بالكثافة الثّلجية التي لم تكن تقطع الطّريق إليها أسابيع فحسب، بل الطّرق التي تصل بين بيوتها أيضاً، وخلال هذه الفترة كانت الطّائرت تمدّ أهل القرية بالخبز والطّعام، وما لا يعرفه كثيرون عن هذه القرية هو أنّ هذه الطّرق القاسية لم تعكّر مسير أهلها نحو العلم والتّفوّق والثّقافة والتّميّز، لكنّها حالت إلى وقت قريب دون إقامة مهرجان أدبي ينعش الحركة الثّقافية فيها وربّما السّياحية أيضاً.

ونقول إلى وقت قريب، لأنّ القرية لم تشهد هكذا حراكاً ثقافياً إلّا العام الماضي، إذ انطلق “مهرجان بشيلي الشّعري” بهمّة الغيارى والمهتمّين، وتحت شعار “سورية تجمعنا”، أقام المركز الثّقافي في بيت ياشوط الدّورة الثّانية من المهرجان في أحضان طبيعة القرية الجميلة، وتحديداً في غابة النّبي أيوب، وذلك بالتّعاون مع  الشّاعرين ثائر محفوض وفائز خنسة، وبمشاركة عدد من الشّعراء، نذكر منهم شفيق الموعي وعمار العلي، وعدد من الشّعراء القادمين من محافظات أخرى ومن العراق ولبنان، لكن للأسف حال انقطاع التّيار الكهربائي وضعف الشّابكة دون التّواصل معهم.

وحول أهميّة هذا المهرجان بالنّسبة إلى القرية والمنطقة عموماً، يبيّن خنسة: “للمهرجان أهميّة خاصّة في نشر الثّقافة والاطّلاع على إنتاجات الشّعراء الجديدة، والتّواصل عبر جسور المعارف والإبداع والتّعارف الواسع والضّروري بين المشاركين، إضافةً إلى تعريفهم بالقرية ومواقعها الأثرية ولا سيّما الرّومانية التي تزيدها جمالاً كقلعة بريصا وعين الضيعة وهوية عين التّوت وغيرها”.

وبالسّؤال عن الصّعوبات التي واجهت تنظيم المهرجان، يجيب خنسة: كتنظم لم نواجه صعوبات، والحضور كان أكثر من رائع، لكن المشكلة كانت في التّنقل والأمور القاهرة، حيث كنّا بحاجة إلى وسائل نقل جماعية كحافلات النّقل الداخلية التي كان من الممكن أن تحلّ المشكلة، طبعاً بالإضافة إلى أجور النّقل المرتفعة، بكل الأحوال نأمل في المستقبل حلّ هذه الصّعوبات”.

كرم الضّيافة وحسن الاستقبال من شيم أهالي بشيلي، لكن يبقى للشّاعر طريقته، إذ يرحّب خنسة بضيوفه قصيداً، ونقتبس:

وطني الصّغير فضيعتي رمز إلى

وطني الكبير بمجده وهويّتي

يا ضيعتي كم شدَّني حرُّ الهوى

لحكاية تروي فصول حكايتي

وحراك نبض دام منذ ولادتي

وإذا تحرك بالهوى أنت التي

حرّكت ما في خاطري وعواطفي

حتّى الدّماء تحركين بمهجتي

ومن قصيدة الشّاعر عمار العلي نقتبس:

الباء في بشيلي كباء البسملة

حضن الجمال اليوسفي وسلسله

فإذا رأيت.. نظرت في بشيلي العلا

بسط الجناح يزقّ أدهار الطُّله

فهنا تجلّت آية النّور التي

سأل الكيلم الله أن يتجلّى له

فتدكدك الجبل المحمّل بالعنا

والرّوح يرفعها الجمال مقندله

وبحكم عمله في توثيق التّراث الشّعبي الشّفوي اللامادي، لا يفوت الباحث نبيل عجمية  حضور أيّ نشاط ثقافيّ أو اجتماعي مهما كانت الظّروف، وحول هذا المهرجان يحدّثنا: إنّها محبّة الوطن، فعلى الرّغم من ارتفاع أجور النّقل، أراد الأدباء والشّعراء والمحتفلين توجيه رسالة إلى الدّنيا كلّها هي أنّ إرادة الحياة تبقى الأقوى.