ثقافةصحيفة البعث

زينب حسن: الرواية تتصدر المشهد وترجمات وسائل التّواصل غير مضبوطة

طرطوس- هويدا محمد مصطفى

في الإبداع على الإبداع تُمعِن الكاتبة والمترجمة زينب علي حسن في سياقات اللغة وأنساق المعرفة بذهنية نقدية مُمنهجة تُحسن فهم المواءمات البيئية الثقافية، فالسلامة اللغوية متلازمة مع الوعي المعرفي للمضمون وعليه، فهي تصرُّ على التراكم المعرفي والخبراتي، مكرّسة ذلك في مُجمل إنتاجها على مستوى الترجمة والتدقيق اللغوي ومراجعة الترجمة، كذلك ضمن سنوات عملها في الكتابة والتحرير الصحفي.

ترجمت حسن العديد من الكتب منها “سر الرومي” و”الحب والحرية والعزلة”، وتقول بأهمية بالترجمة، نظراً لما تحققه من تلاقح ثقافي بين الشعوب وحضاراتها، وتضيف: “لعبت الترجمة عبر التاريخ دوراً محورياً كحامل لمحمول هو النص، وصولاً بهذا المحمول وعبر مراحل نقله وأدواته إلى المتلقي المغاير هويّة وثقافة، وهي إن أخذت أشكالاً مختلفة، لم تتخلّ عن دورها الأساس المتمثّل بنقل المنتج الأصل من بيئة إلى أخرى منجزة هدفها بإيصال المعلومة، وإفساح المجال للاطلاع على المنجز الإبداعي العالمي، فلولا الترجمة لما استطاع الإنسان المكتفي بلغته الأم الاطّلاع على ما هو مدوّن على الألواح الأثرية من ملاحم ونصوص متنوعة، ولا على الإلياذة والأوديسا، ولا عرف عن الفلسفات والعلوم والآداب والأبحاث بأنواعها،. من هنا يتبنى المترجم معايير خاصة، وقد يقبل ما يُعرض عليه من إنتاج لكي يقوم بترجمته”.

وتبيّن حسن أنه ما تزال الكتب الفكرية التعليمية تُغريها، لذلك يأخذ المعيار بالنسبة إليها طابعاً بعيداً عمّا هو رائج اليوم، قد يكون الكتاب هدف الترجمة من اختيار المترجم فيتمّ التوافق عليه، وهنا ينجح في فرض معاييره إن وُجدت، وفي حديثها عن أهمية التّرجمة للكاتب تقول: “بطبيعة الحال تُحقق الترجمة انتشاراً للكاتب ولمنجزه في آن، ما يعني اكتساب أنماط مختلفة من القراء، الأمر الذي سيؤدي إلى ظهور قراءات متباينة أو متجاذبة أو حتى متطابقة، وهذا كلّه مرتبط بالبيئة الثقافية المتأثرة بالضرورة بالبيئة الجغرافية”.

ولكونها مدققة لغوية ومراجعة للترجمة، تعدّ حسن التدقيق اللغوي هو ضبط النص لكي يصل إلى القارئ صحيحاً وأنيقاً، لذلك فإنّ عملية الضبط هذه تُعنى بالأخطاء الإملائية والنحوية، وتركيب الجملة وبنائها، وضبط السياق وحركة الكلمة إن لزم الأمر، كذلك علامات الترقيم، فهي تواجه أخطاء مرتبطة بكلّ ما سبق ذكره، وقلّما تجد صعوبة في هذا، بينما تجد الصعوبة عندما تلجأ إلى النحت على النص، وبمعنى آخر عندما تصلها ترجمة دون المستوى، ومعتمدة على برامج إلكترونية، وعندما تكون لغة الكاتب أو المترجم العربية أساساً ضعيفة وتُعاني اضطرابات تركيبية بنيوية، في كثير من الأحيان تحتاج المراجعة جهداً مضاعفاً لاجتماع مهامّ متنوعة لها علاقة بمتابعة النص بلغته الأم، وضبط ترجمته ولغة هذه الترجمة، فكل الأسباب السابقة تؤدي إلى تدقيق النص ومراجعة ترجمته وهي أصعب بكثير من ترجمته، وتقول: “إن الترجمة إبداع على الإبداع، فما بالنا بالعمل على هذه الترجمة مراجعة وتدقيقاً، وللكتاب أهمية تعليمية لجهة اللغة، فنحن جميعاً حققنا تطوراً في مستوى وسوية لغتنا من خلال القراءة، ما يضعنا أمام مسؤولية كبيرة جداً تجاه القارئ، خاصة وأن الكتاب عابر للأجيال، فلا عمر زمنياً نستطيع تحديده لأي منجز، كذلك لا نستطيع تحديد عمر القارئ ومستواه الثقافي والعلمي، هذا سيأخذنا بالضرورة إلى مسؤولية دور النشر واهتمامها بصناعة ومن ثم تصدير كتاب صحيح ومهمّ لغةً ومتناً، كذلك سيأخذنا إلى واجب المترجم والمراجع الذي يتمثل بامتلاك معرفة جيدة بمادة الكتاب الأصل، فمن غير المقبول العمل مثلاً على كتاب يُعنى بعلم النفس أو بآثار جبران خليل جبران أو بالرواية ولا نمتلك معرفة وثقافة تتعلق بهذه المجالات والأنماط الإبداعية”.

وتحدّثنا حسن عن انخراطها المتأخر في مجال الترجمة بشكل فعليّ، وذلك لتركيزها على التدقيق اللغوي والتحرير خلال فترة عملها في الصحافة، ومن ثم التدقيق ومراجعة الترجمة، فكانت في السابق تترجم بقصد الاطلاع على مقالة أو قصيدة أو رواية، ولم تكن تعنى بأن تخرج هذه الترجمات للآخرين، وقد صدر لها، مؤخراً، ترجمة كتاب لـ”أوشو” بعنوان “الحب والحرية والعزلة”، أما بالنسبة للمراجعات، فكثيرة منها كتاب “سر الرومي” وكتاب نقدي قيد الطباعة حول كتابات جبران خليل جبران، وآخر يعنى بالدراسة النفسية للأحلام أيضاً قيد الطباعة، وكتاب “الكاهنة تافتي” ورواية “حيث تتلاقى الغابة بالنجوم”، وغيرها كثير.

وترى حسن أنّه لا بدّ من التنسيق مع دار النشر، فأحياناً يكون لها دور من خلال اقتراح المترجم عنواناً ما، فإن حدث التوافق على الكتاب نقوم بترجمته، أما الجنس الأدبي الذي يتصدّر مشهد الترجمة -بحسب حسن- فهو الرواية، وبالنسبة إلى ترجمة النصوص الشعرية خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي تعتقد أنها ترجمات غير مضبوطة، وتجد أن التواصل الاجتماعي ليس مرجعيّتها، لا شكّ في أنها تصادف أعمالاً جيدة، لكن صيغة تقديم العمل تُضعف من موثوقها، وتضيف أن هناك ثمة صعوبات تتعلق بالظرف الاستثنائي الغريب والقاهر الذي نعيشه جميعاً بسبب الحرب، مثل عدم توافر وسائل الطاقة والاتصال كما يجب، فكثيراً ما اضطرها الأمر لاستخدام القلم والورقة ومن ثم النقل على جهاز الحاسوب، بل حتى استخدام وسائل الإضاءة البسيطة لإنجاز هذا الأمر.