مصطفى هلال يغني لحلب وصمودها في دار الأوبرا
أحيا مؤسس فرقة سلاطين الطرب الفنان مصطفى هلال أمسية فريدة من نوعها على مسرح الأوبرا مع جمهور دمشق احتفاء بتحرير حلب، فكانت أمسيته رسالة إلى العالم تعكس صمود الشعب السوري وتجذره بأرضه، وتؤكد على أن “أهل سورية عنوان الرجولة”.
روح حلب كانت المحور الأساسي للأمسية التي نوّع فيها هلال بين الصيغ الغنائية والمقامات، وقد شغل مقام البيات الشرقي الأصيل المتصف بتغيير الرتم الإيقاعي بين السريع والبطيء، والتعبير عن أحاسيس اللهفة والشوق والعتب حيزاً من برنامج الأمسية المنوّع بين الموشحات والقدود الحلبية والدور والأغنيات الشعبية، كما أحيا طربيات الزمن الجميل بصوته المتصف بمساحة واسعة وبطبقة مرتفعة يوظّفها بتنغيمات متدرجة ببراعة، بعيداً عن أي نشاز بالانتقالات الصوتية وتنويعات المقامات وتكرار مفردات الآه والليل، إضافة إلى الموال والامتداد الغنائي لمدرسة صباح فخري بالموشح الأشهر “خمرة الحبّ اسقنيها”.
رافقت هلال على مدى ساعتين ونيف الفرقة الموسيقية بقيادة عازف القانون غسان عموري، وتميّزت بحضور آلات التخت الشرقي الأساسية العود حمدي الشاطر- القانون غسان عموري- الناي زياد قاضي أمين كصولو وأثناء المقدمات الموسيقية، وفي مواضع خاصة ضمن الجمل الموسيقية بمشاركة الإيقاعيات الشرقية والوتريات، أما مفاجأة الأمسية فكانت الحضور اللافت للمايسترو معاذ قرقناوي عازف الكمان الذي اعتاد الجمهور على حضوره كقائد للفرقة، لكنه في هذه الأمسية أبدع بالعزف المنفرد للحن أغنية “هي الليالي كده” لميادة حناوي فكان فرقة بأكملها.
والعلامة الفارقة في الأمسية كانت تواصل هلال مع الجمهور الذي تفاعل معه بشكل كامل مما أعطى بعداً جمالياً للطرب الأصيل ولخصوصية الغناء وفق قوالب الموسيقا العربية، وخاصة القفلة الغنائية التي ينهيها هلال بامتداد صوتي مرتفع يناسب طبقة صوته وتظهر تمكّنه من أصالة الغناء العربي.
القانون والعريان
استهلت الأمسية بعزف”سماعي من مقام البيات” الذي ألّفه عازف القانون إبراهيم العريان، وكان القانون اللحن الأساسي فيه بمرافقة الفرقة كافتتاحية، ومن ثم بدأ هلال بوصلة موشحات من مقام البيات منها”ياصاح الصبر” وبدا تكرار الإيقاعيات بالجملة اللحنية لمفردة ياصاح، وسبق بصولو القانون للعازف غسان عموري، الذي قدم ارتجالات بأبعاد صوتية مختلفة.
لينتقل هلال إلى دور من مقام البيات وتفريعاته”يللي تشكي من الهوى” الذي غنته أم كلثوم- ويبدع هلال بالقفلة “صعبان عليك” لينتقل إلى وصلة القدود الحلبية التي تتبع لنمط موسيقي خاص استهلها هلال بموال “شهبا شهبا صمود البطل” فألهب مشاعر الحاضرين فرحاً بتحرير حلب، ثم غنى “يا رايحين ع حلب – بالي معاك- عيونه السود- أنا وحبيبي بجنينة- يازارع الريحان” التي سُبقت بارتجالات العود للعازف حمدي الشاطر.
تحية لرفيق سبيعي
كما خصّ هلال فنان الشعب الراحل رفيق سبيعي بأغنيته “حبوك الناس” تحية لروحه، وغنى مقتطفات من الأغنيات الشعبية مثل”اللي ضرب ضرب” ليتفاعل الجمهور أكثر مع الأغنيات الأقرب إلى روحهم أغنيات الزمن الجميل “وحشتني” لسعاد محمد والتي أبدع فيها هلال لاسيما بالتلون الغنائي للجملة الموسيقية لمفردة وحشتني بالقفلة. وانتهت الأمسية بتفاعل كبير مع الأغنيات الوطنية، التي تحولت إلى قفلة جماعية للأمسية بين الجمهور وهلال.
ملده شويكاني