وضاح باشا يستضيف أمينة شعبان في ندوة موسيقية
استضاف الباحث وضاح رجب باشا المطربة أمينة شعبان في الندوة الحوارية التي أقامها في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- لتلتقي محبيها، وقد تميّزت بصوت ساحر وإحساس بالمفردة، لاسيما أنها غنت للحبّ والصدّ والفراق، كما اشتُهرت بمحبتها لسورية بأغنياتها الوطنية، ومن خلال الفيديوهات والصور التوثيقية التي عرضها الباحث وضاح باشا عاد الحاضرون بذاكرتهم إلى الزمن الجميل باسترجاع أسماء الكثير من الموسيقيين والممثلين، كما عرض فيديوهات لبعض أغنياتها القديمة، وأخرى أعادت تصويرها في شوارع دمشق. وتتحلى شعبان بذاكرة قوية حيث مازالت تحفظ كل أغنياتها بالشعر الفصيح والمحكي.
تنقلت الفنانة شعبان بين سورية ومصر ولبنان والأردن ولحّن لها كبار الملحنين مثل محمد الموجي، وسيد مكاوي والتقت بعبد الوهاب وبليغ حمدي، ولم تأخذ حقها من الشهرة والنجاح الذي تستحقه.
حديث الذكريات
استهل الباحث باشا الحديث عن أهمية تذكير الناس بالقامات الفنية القديمة، لاسيما أنهم قدموا للوطن وأغنوا الفنّ والموسيقا بالكثير، فلولا مساهماتهم لم تنهض الساحة الفنية في سورية ولم تصل إلى ما وصلت إليه، وحضور هؤلاء في وقتنا الحالي يعزز ثقافتنا الفنية وركيزتنا الأساسية، ومنهم ننطلق إلى عالم أوسع بالموسيقا وخاصة بعد معافاة سورية من الإرهاب.
وتطرق المايسترو نزيه أسعد الذي كُلف من قبل الإذاعة والتلفزيون بتلحين الأغنية الوطنية “بتزيّن الشام” للمطربة شعبان إلى الأصالة اللحنية والنفحات القديمة المؤلفة من عدة مدارس والتي تمثل المرجعية والأصالة والعراقة، لاسيما أنها عملت عبر تاريخها الفني مع ملحنين هامين، ولمس الأصالة في صوتها الذي مازال براقاً حتى الآن، وكان لها رأي باللحن وفق ما ترغب فاتفقنا على الاحتمالات اللحنية.
بيئتها الفنية
عاد الباحث باشا إلى البيئة الفنية التي عاشت فيها أمينة شعبان والخبرات التي اكتسبتها، لاسيما أنها ابنة الموسيقي فؤاد محفوظ الرائد في مجال الموسيقا والموشحات ومن أوائل العازفين على العود في أربعينيات القرن الماضي، وقد علّم ثلاثة أجيال من الموسيقيين، وورث فنون الموشحات عن والده العلامة شعبان من شيوخ الصوفية، وفي حلب تتلمذ على يد الشيخ علي الدرويش، وهو أستاذ الموسيقا في الوطن العربي في الوقت الذي لم يكن فيه أحد يقرأ النوتة كان يعرف قراءتها، ودارس تاريخ الموسيقا، وبعد سفره إلى مصر تتلمذ على يد عمر البطش، ثم انتقل إلى دمشق واختار المعهد التابع إلى وزارة المعارف لتدريس العود فكان من طلابه عدنان أبو الشامات وأمين الخياط.
مسيرة الفنانة أمينة شعبان التي لقبت بالمطربة المخملية، كانت أشبه برحلة قطار، فتوقفت عند المحطة الأولى حينما كانت في الرابعة عشرة وتقدمت لمسابقة بالإذاعة والتلفزيون لانتقاء الأصوات الجميلة، ولحظها العاثر كان والدها رئيس اللجنة، فنجحت بعلامة جيدة لكنه مانع دخولها عالم الغناء، وقبل أن تبلغ العشرين تقدمت إلى لجنة انتقاء ممثلين بالمسرح العسكري، فاختارها رئيس اللجنة نجاة قصاب حسن لتصبح ممثلة بالمسرح القومي، ومن هنا انطلقت إلى عالم الفنّ وعادت بذكرياتها وبشرحها الصور التوثيقية إلى زملاء التمثيل من أشهرهم محمود جبر، ومحمد حلواني وخالد تاجا، ومن أشهر المسرحيات التي شاركت بها، مسرحية “الناس اللي تحت”، و”الأيدي الناعمة” وبعد وفاة والدها عام 1972، بدأت بالغناء فغنت “بلدي أنا” كلمات وألحان راشد الشيخ، و”تكفيني أنت” كلمات الأمير عبد الله الفيصل، وألحان عبد الفتاح سكر، وتوقفت عند أغنياتها الوطنية” لي الفخر أني سورية” كلمات صالح هواري، وألحان أسعد خوري.
وخلال هذه المرحلة التقت بالفنان طلال مداح وأعجب برقة صوتها فلحّن لها أغنيتها العاطفية الشهيرة “إديني عهد الهوى” كلمات صالح جلال، وقد عرض الباحث فيديو الأغنية وبدا فيها دلع شعبان وتماهيها مع المعنى لحكاية الأغنية، وقد عقبت شعبان بأنها أحسّت بجمال الكلمات فاختارتها.
ثم سافرت إلى الأردن ولبنان لتبدأ المرحلة الثانية بأغنياتها الوطنية ذات الوقع التي غنتها كما ذكر الباحث بأسلوب عاطفي رقيق يتناسب مع صوتها وإحساسها، فتألقت بأغنية “حافظ العهد” كلمات أحمد ونوس وألحان سعيد قطب وتوقف الباحث عند اللحن الذي تداخلت فيه الجمل الموسيقية باللحن الإيقاعي، وأغنية “أنت سيف الشام يا سيف العرب” لراشد الشيخ كلمات وألحان.
الغناء في مصر
المنعطف المفصلي في حياة شعبان كان بأغنية “بتنساني مرة” كلمات عيسى أيوب وألحان عبد الفتاح سكر، التي تميزت بالمقدمة الموسيقية الطويلة كما أوضح الباحث وبدور القانون، كانت محط إعجاب المصريين محمد الموجي ومحمد سلطان وبليغ حمدي ومنها بدأت شعبان مرحلة جديدة في مصر تعرّفت خلالها إلى القامات الفنية الكبيرة ولحّن لها سيد مكاوي أغنية “أهلاً وسهلاً بيك” ومحمد الموجي أغنية “ليه صدقت الحبّ يا قلبي”.
ومن الأغنيات التي مثلت فيها شعبان عنفوان المرأة أغنية “راجعلي تاني” كلمات وألحان سعيد قطب، بفيديو رائع يظهر كل العناصر المتكاملة للغناء، وخلال هذه المرحلة أقامت العديد من الحفلات واستمرت حتى عام 1992، إذ عادت إلى سورية التي وصفتها بسورية ياحبيبتي، لتتفرغ للأغنيات الوطنية ومؤخراً سجلت في الإذاعة أغنية تزيني يا شام ألحان المايسترو نزيه أسعد “شيخ الجبال قاسيون، بالروح يفدى والعيون”، واختتمت الندوة بغنائها “أنا قلبي لك ميال” لفايزة أحمد.
ملده شويكاني