ثقافة

حـقـوق الـمـرأة والإنـسـان

 

يدعي الغرب أنه يسعى إلى تطوير البلدان العربية من خلال إرساء الديمقراطية  والترويج لحقوق الإنسان والمرأة، لكن قراءة متمعنة  لممارساته تؤكد أن همه الوحيد هو الحفاظ على مصالحه والتي تستمر بترسيخ الجهل والتخلف في المجتمعات.

يروي الكاتب سلامة  موسى  في كتابه –مقالات ممنوعة – الذي أصدره عام 1959 أن المدرسة الحكومية الوحيدة للبنات في مصر كانت في القاهرة  فقد  قامت سلطات الاحتلال الانكليزي بإقفال مدارس البنات عقب الاستيلاء علي مصر في عام  1882 بدعوى الاقتصاد في النفقات، ولم تبقي في مصر كلها إلا على مدرسة ابتدائية واحدة في القاهرة، مما جعل  المرأة المصرية محرومة من التعليم سبعاً وأربعين عاماً، أي من عام 1882 -1925 حين أنشأت الحكومة المصرية أول مدرسة ثانوية عقب ثورة 1919.

والمدرسة الوحيدة في القاهرة كانت ترأسها ناظرة انكليزية، وبفعل تأثير الحركات الاجتماعية  والجمعيات التي تطالب بتحرير المرأة وضغط الرأي العام والإعلام بالدعوة إلى السفور، بدأت طالبات المدرسة بنزع النقاب أو البرقع كما يسمونه في مصر، لكن الناظرة الانكليزية رفضت قبول الطالبات إن لم يلبسن البرقع، بحجة أن مصر يجب أن تحافظ على تقاليدها، وعندما استقلت مصر بدأت النهضة التعليمية بإحداث أول ثانوية للبنات عام 1925 ثم بافتتاح جامعة القاهرة التي حرص المسؤولون فيها على التحاق الطالبات بكل كلياتها.

أما في سورية فقد عمل الاستعمار الفرنسي على  افتتاح عدد من المدارس التبشيرية بهدف نشر اللغة والثقافة الفرنسية ولم يكن هدفه التأسيس لنهضة تعليمية ومع ذلك لا ننكر أن هناك نخبة من النساء اللواتي تخرجن من هذه المدارس وأكملن تعليمهن في الجامعة السورية، حتى أن الدفعة الأولى من كلية الطب تخرجت في عام 1927 وكانت نسبة  النساء فيها ستين بالمئة،  وهذا حدث غير مسبوق في الدول العربية وحتى الغربية، والنهضة التعليمية الحقيقية بدأت بعد الاستقلال، أما النقلة الكمية والنوعية في التعليم والتوسع في كل مراحله ليشمل أقصى قرية في الريف السوري، فقد تحققت بعد قيام ثورة الثامن من آذار عام 1963 وهذا شيء لا يمكن لأحد إنكاره.

اليوم يتباكى الغرب ومنظماته الإنسانية على وضع التعليم في سورية، وعلى حرمان الإناث من دخول المدارس وعلى نسبة التسرب التي يعاني منها، ولكنه يرفض الحديث عن أسباب التسرب وحرمان البنات من التعليم، ويتجاهل قيام تنظيماته الإرهابية في المناطق التي تسيطر عليها بمنع الطالبات من التعليم، أما الطلاب فتجندهم للقتال في صفوفها أو يضطرون للهرب من المناطق الخاضعة لسيطرتها، إما للهجرة أو للعمل وبالتالي يصبحون خارج التعليم، وبعد أن كان التعليم إلزامياً ومجانياً ويغطي أكثر من 99 بالمئة من الطلاب في جميع المحافظات السورية، تدهور وضعه بسبب الحرب القذرة وتدمير مؤسسات التعليم، وهرب الطلاب والمعلمين من الموت الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية، ومع ذلك لا تزال الدول الغربية تتباكى على وضع السوريين مع إنها هي التي تنفذ مخططا للتدمير الممنهج لكل انجازات السوريين على مدى عقود، حتى أن التراث والأوابد التاريخية لم تنج من حقدهم وتدميرهم.

سلمى كامل