ثقافة

انطلاق ملتقى “شآم والقلم” الأول في ثقافي أبي رمانة

تمّ إطلاق ملتقى “شآم والقلم” في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بإشراف د. محمد الحوراني، وسط حضور كبير للاحتفاء بالأديبة الكبيرة كوليت خوري وبالفنان غسان مسعود، لتتناغم القصيدة والشعر المحكي مع الموسيقا والغناء، ويمضي مسار الملتقى من خلال التحاور مع الضيوف، فدار المحور الأساسي حول الرواية والتاريخ، وحضارة دمشق، والدراما، وعودة الجمهور إلى المسرح.
ضم الملتقى عدداً من الشعراء والروائيين والفنانين، يتعاونون معاً لتفعيل ألوان الثقافة بإطار حواري شائق، يتنوع المحور الأساسي له وفق تجربة الضيوف وأسئلة الحاضرين.
وقد رحبت الإعلامية فاتن دعبول بالحاضرين لإطلاق الملتقى من مدينة الياسمين مدينة الفكر والأدب والإبداع والموسيقا، مدينة الانتصارات العظيمة التي شهدتها على مرّ الأزمان.
ثم عرّف الشاعر قحطان بيرقدار بالمشروع الذي أخذ تسميته من بلاد الشام منبع الحضارة الإنسانية، ومن القلم أداة الكتابة ورفيق كل أديب ومثقف، بوجود تناص من الآية الكريمة”ن والقلم وما يسطرون”، وتابع بأن الملتقى يهدف إلى تعزيز الأنشطة الثقافية بأنواعها، ورفد الحركة الثقافية بأسماء جديدة وفي الوقت ذاته استضافة الأسماء الكبيرة المشهود لها للتحاور معها حول كل ما هو مفيد، إضافة إلى تكريم الشخصيات الوطنية والتعريف بمنجزاتها.
بدأ الملتقى بعرض فيلم توثيقي” برومو” للقاءات السابقة في فرع اتحاد الكتّاب العرب، والمحطة الأولى كانت باستضافة الأديبة كوليت خوري التي بدأت حديثها عن حضارة دمشق المتأصلة بوابة الشرق، إذ أثبت التاريخ بأنها قلعة بلاد الشام، بلد الحضارة والنور، لتحيي الجمهور بقصيدة “إليك ياوطن الغربة الحقيقية” ثم قدمت الإعلامية فاتن دعبول  لمحة عن نشأة كوليت خوري في منزل ازدحمت فيه الأحرف، وعن الرواية التي تعدّ أكثر الفنون الأدبية اتساعاً وقدرة على التعبير عن واقع الإنسان، متوقفة عند قول للأديبة خوري”لا أحب الصراخ بحنجرتي فصرخت بأصابعي وأصبحتُ كاتبة”، لتسألها كيف تخرج الكلمة من الصمت إلى المسؤولية؟ فتجيب بأن التاريخ يكتبه المنتصرون وبعد خمسين سنة يعود الكتّاب إلى الروايات والقصص ليكتشفوا الحقيقة ويستنبطوا التاريخ الحقيقي، لذلك لابد للرواية من أن ترصد حقيقة الواقع لإكمال مهمة التاريخ الحقيقي، ولأننا لم نعتد على الكذب والنفاق فإن الكلمة مسؤولة، وقيمة المسؤولية في الحياة وفي بناء الوطن والتي تقع على عاتق المرأة أكثر كونها التي تزرع الأخلاق وتبني الإنسان.
وعن إمكانية تحويل أحد أعمالها إلى عمل درامي أجابت خوري بأنها تتمنى إنتاج عمل يظهر التاريخ الدمشقي الحقيقي للأشخاص الذين عملوا من أجل الاستقلال، للطبقة الدمشقية الراقية المثقفة التي كانت تتحدى أوروبا، وإظهار نماذج  حقيقية من النساء الدمشقيات، لتتابع عن أخطاء وردت في صورة المرأة في باب الحارة.

المصالحة مع التاريخ
وقدم أمين اليوسف الفنان غسان مسعود مستعرضاً أهم أعماله المسرحية سواء بالمسرح القومي أو بالمعهد العالي للفنون المسرحية ونوه إلى فيلمه العالمي مملكة السماء بدور صلاح الدين الأيوبي، ليحيي الفنان مسعود جمهوره ويبدأ حديثه معه  عن القومية العربية الموجودة في سورية والتي تعود إلى بدايات الحرب العالمية الأولى، وتاريخ سورية الذي حفل بدعم القضية الفلسطينية، وضرورة أن تحدث مكاشفة بيننا وبين التاريخ كي نتصالح معه، ولابد من أن نأخذ عبرة من هذه الحرب المدمرة طيلة سبع سنوات والتي لم يمر بها شعب على مدى مساحة الكرة الأرضية، لذلك أعوّل على جيل الشباب الذي عاش هذه الحرب ونضج من داخل الجرح والألم، واليوم لن أقول: إن هناك قطيعة ستحدث بيننا وبين ما قبل سنوات الحرب على مستوى الثقافة بأنواعها، لكن لابد لهذه التجربة من أن تنتج ثقافتها وأدبها ومسرحها وسينمائيتها، وإلا نكون شعباً لايستحق الاحترام.

المسرح والشباب
وعن المسرح والشباب تحدث الفنان مسعود من خلال تجربته مع لوتس مسعود التي تمثل جيل الشباب الذين لم يفرحوا ليدخلوا مباشرة بشاعة عالم الكبار، وتحدث  عن مسرحيته الأخيرة”كأنو مسرح” والتي كان يحضرها يومياً ثمانمئة متفرج والصالة لا تتسع إلا لخمسمئة متفرج ويبقى الآخرون واقفين، لذلك المشكلة ليست بالجمهور الذي يعد مقياساً للنجاح لأنه يعبّر عن مختلف الشرائح، ليتوقف عند الشارع السوري الذي اختلفت رؤيته وهمومه عما قبل الحرب، وهذا الجيل سيعبّر عما حدث شرط الموهبة، وبناء عليه أعتقد بأن المسرح السوري اليوم لم يعد يتقبل أن يشتغل كما كان سابقاً على نصوص خارجية يستورد الأفكار ويستهلكها على خشبات المسارح، الجمهور اليوم يعرف ماذا يريد من المبدع شريطة أن يقدم له مسرحاً يعتمد على المعادلة السحرية التي تجمع بين المتعة والفائدة، وهذا يحتاج إلى وجود بنية جمالية بصرية وبنية أدائية عالية لدى الممثل. وتفاعل مسعود مع سؤال الجمهور حول الاستهداف الثقافي الذي يتسرب إلى درامانا، ليؤكد بأن توطين الدراما هو الحلّ.
تخلل الملتقى فقرات غنائية لعازف العود منصور حيدر، وفقرات لإلقاء الشعر المحكي الذي تمحور حول الوطن والغزل للشاعر أيهم الحوري والشاعرة نبراس المسلط.
ملده شويكاني