ثقافةصحيفة البعث

بعد تقديمه كعرض مسرحي راقص ..”المعطف”: حلول إخراجية جديدة

 

لأنه نص إنساني لا يُحدَّد بزمان أو مكان أغرت قصة “المعطف” لغوغول الفنان حسين خضور لتقديمها كعرض مسرحي راقص في دار الأوبرا، مشيراً إلى أن حكاية بطل القصة أكاكي أكايفتش تنطبق اليوم على الكثير من الناس في أنحاء العالم، وقد أراد أن يعرض معاناتها من وجهة نظر إخراجية جديدة وواقعية، ولأنه مخرج مختص بالجسد والحركة اختار هذا النوع من الدراما المرتبطة بالأداء الجسدي الراقص في الطرح من خلال تفكيك النص والبحث في عالمه التاريخي ومن ثم تحليل الشخصيات بدقة، وصولاً إلى عدم تضييع أيّ مفصل هام في القصة قد يخدم الفكرة المراد إيصالها للجمهور، وكأولوية لاحقة مراعاة الإضافة والحلول الإخراجية لتفاصيل القصة الجديدة وكيف لها أن لا تغير الجوهر الذي يعمل لأجله فريق العمل، مؤكداً أن كل ذلك بهدف تبيان وجهة نظره كمخرج ووجهة نظر فريق العمل المؤمن أن حالة أكاكيفتش ما زالت موجودة في جميع أنحاء العالم ضمن طبقات محددة.

القصة هامة
ولا يظن حسين خضور أن العروض الكثيرة التي قُدِّمَت عن هذه القصة تفتقد لشيء، وهو قدم هذا النص لأنه لامس الحس الإخراجي لديه لإخراجه للجمهور، موضحاً أن الفنان في المسرح -عكس الفنون الأخرى- لا يبحث عما افتقده عمل مسرحي آخر ليقدمه، بل يسعى لإيجاد فكرة تستحق الإخراج للجمهور ليتم العمل على تقديمها ولو كانت مكررة، والتكرار برأيه يشكل حافزاً مشجعاً أحياناً لخوض التجربة، مؤكداً أن القصة في “المعطف” هامة، وكان من اهتمامه أن يقدمها دون البحث فيما يمكن أن يعوِّض ما لم تقدمه العروض الأخرى بتقديم نسخة بحلولها الإخراجية التي تعطي هذا العرض خصوصيته.

خط جسدي حركي
ويؤمن خضور أن المسرح الراقص يمكن أن يشكل عالماً تعبيرياً آخر للشخصية لتقدم نفسها ضمن خط جسدي حركي، فالجسد هو ما يتم الضغط عليه وهو من يعاني ويقاسي وهو المتلقي الأساسي لكل متغيرات الحياة، لذلك يعتبر خضور أن أيَّ نص يمكن أن يتم العمل عليه كمسرح جسدي أو مسرح راقص، حيث الجسد يُقَدِّم نفسه بجمل وبحوار حركي يعبّر عن كل ما تشعر به الشخصيات أكثر من الحوار الكلامي إذا عاش المخرج ومن معه حالة التأنّي والبحث الدقيق عن تصميم الحركة بما يتلاءم مع عالم الشخصية الداخلي والخارجي.

شهرة النص
لم تعنِ لحسين خضور كثيراً شهرةُ القصة، وهو يرى أن هناك نصوصاً مغمورة كثيرة غاية في الأهمية ويمكن أن تأخذ اهتماماً أكبر، لذلك لم تؤثر شهرة النص في شيء في عمله، وما أَثَّر بالفعل فكرة القصة الإنسانية العامة.
وعن أهم الصفات في الراقصين المختارين لهذا العمل يشير خضور إلى أنها كانت كتلة لا يمكن التهاون بها، فالجسد المرن والأداء الجيد هو صفة غاية في الأهمية، بالإضافة إلى المرونة في استقبال الأفكار وتحليلها والبحث فيها دون إغفال الجانب الإنساني ليشعر الراقص بكل إحساس الشخصية، لتأتي فيما بعد صفات شكل الشخصية الخارجية وملاءمتها للدور كدرجة ثانية .

إضافة جديدة
ولا يخفي حسين خضور أن هذا العرض إضافة جديدة بالنسبة له، فكل عرض جديد يمكن أن يضيف للمخرج مهارات جديدة، إذ أن التعامل مع فريق عمل ينتج أفكاراً ويوسع فضاء الإخراج عند المخرج بإيجاد حلول إخراجية تناسبها، مؤكداً أنه كان لفريق العمل أثر كبير في إنتاج عرض مختلف بآرائهم وتحليلاتهم وبتناقضهم، لذلك كانت تجربة جديدة تُعد بحدِّ ذاتها إضافةً وتراكماً للإنجازات السابقة له، لتكون حالة متطورة وأكثر نضوجاً، خاصة وأن الكادر كان أغلبه من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وهم من ذوي الخبرة في العمل الفني على اختلافه .

أكثر من يعرف جسده
الراقص نورس عثمان الذي أدى دور أكاكفتش بيَّن أنه حاول التعبير عنها عن طريق دراسة هيكل ونمط معيشة الشخصية، منوهاً إلى أن العلاقة التي كانت بينه وبين المخرج قامت على مشهدية المخرج والأشياء التي تخص عمله، وهو كمصمم رقص في العرض كان يشتغل ضمن القوالب التي وضعه فيها المخرج منعاً لأي تشتت، وقد استطاع التعبير عن الشخصية باستخدام أفعالها اليومية وصمم رقصاً له علاقة بالروتين والرتابة والضيق والوحدة التي تعاني منها الشخصية عن طريق شكل الحركة والحس الداخلي، مشيراً إلى أن عمله كمصمم للرقص في هذا العرض ساعده كثيراً باعتباره أكثر من يعرف حدود جسده، مبيناً أن المساحة التي تركها المخرج له كانت مرتبطة بما يخدم العرض وبما كان يدور في رأس المخرج وما يريد تحقيقه، معترفاً أن أهم تحدٍّ واجهه يكمن في الفصل بين التمثيل والرقص وتوقيت دمجهما معاً، منوهاً عثمان الى أن إسقاطات كثيرة حملها العرض لعل أهمها انتهاز الطبقة الرأسمالية للطبقة الفقيرة وكيف أصبح الإنسان مسيَّراً وليس مخيَّراً .
بطاقة العمل:
إخراج حسين خضور، كريوغراف ورقص نورس عثمان، سينوغرافيا هاني جبور، دراماتورغ لجين عربجي، مخرج مساعد نوار الدبس، تعاون فني علاء أبو فرج، تصميم اضاءة طاهر سلوم، مؤثرات صوتية داني دويعر.
أمينة عباس